أخبار عاجلة
«أحــمـديـات».. لماذا.. الآن؟ -

المغرب ينجح نسبيا في مواجهة "السيدا".. ونقص التمويل الدولي يهدد الوقاية

المغرب ينجح نسبيا في مواجهة "السيدا".. ونقص التمويل الدولي يهدد الوقاية
المغرب ينجح نسبيا في مواجهة "السيدا".. ونقص التمويل الدولي يهدد الوقاية

في الوقت الذي تواصل فيه دول عديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواجهة تحديات معقدة في التصدي لفيروس نقص المناعة المكتسبة (السيدا)، يبرز المغرب، حسب الجمعيات النشطة في هذا المجال، كنموذج إقليمي ناجح في الحد من انتشار المرض وتحسين مؤشرات الوقاية والعلاج، وذلك بفضل الجهود المشتركة بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، الأمر الذي ساهم في تقليص عدد الإصابات السنوية المسجلة إلى حوالي النصف، في وقت لا يتجاوز فيه عدد حاملي الفيروس 23 ألف شخص، حسب آخر تقديرات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.

ورغم التقدم المحرز على هذا المستوى، لا تزال هناك مجموعة من التحديات التي تهدد هذه المكتسبات، من أبرزها استمرار الوصم والتمييز الاجتماعي الذي يطال المصابين بداء نقص المناعة المكتسبة في المملكة، إضافة إلى ضعف الثقافة الصحية في صفوف الأجيال الجديدة من الشباب، والانقطاعات في أدوات التشخيص والكشف المبكر، إلى جانب مشكل تمويل جهود الوقاية من هذا الفيروس، الذي بات يؤرق عدداً من المنظمات والجمعيات، خاصة بعد قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف التمويلات للأعمال الإنسانية حول العالم.

في سياق ذي صلة، كشف تقرير ميداني حديث صادر عن الائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ITPC MENA) عن ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بفيروس “الإيدز” في المنطقة ككل بحوالي 116 في المائة ما بين عامي 2010 و2023، مشيرا إلى أن حوالي 14 في المائة من المصابين بهذا الفيروس في المنطقة صرّحوا بأنهم توقفوا عن العلاج المضاد مرة واحدة على الأقل لأسباب مختلفة.

وذكر المصدر ذاته، الذي أجرى استطلاعا في صفوف المصابين بـ”الإيدز” في كل من المغرب وتونس وموريتانيا، أن الوصم الاجتماعي والعنف والعزلة الاجتماعية، إلى جانب قلة المعرفة بأساليب الوقاية من الفيروس، ما تزال تشكل عقبات أمام تحقيق استجابة فعالة ومنصفة لهذا المرض، موصيا بتضمين بيانات المراصد المجتمعية بشكل منهجي في التشخيصات الوطنية، وتعزيز الوصول إلى المعلومات الموثوقة والشاملة، إلى جانب مكافحة القوانين التمييزية والقمعية التي تغذي الخوف والانسحاب الذاتي من تلقي الرعاية.

استراتيجيات وصمت

قال البروفيسور مهدي القرقوري، الرئيس الوطني لجمعية محاربة السيدا (ALCS)، إن “منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط غير متجانسة من حيث توزيع الإصابات بفيروس داء المناعة المكتسبة، فإذا ما أخذنا المنطقة ككل، هناك ارتفاع في عدد الإصابات بهذا الفيروس، غير أن هناك استثناءات ونماذج لدول من المنطقة قطعت أشواطا كبيرة وراكمت تاريخا من الاشتغال على محاربة السيدا والوقاية منها، على رأسها المغرب”.

وأضاف القرقوري، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “عدد الإصابات الجديدة المسجلة على مستوى المغرب بشكل سنوي انخفض بحوالي النصف منذ سنة 2010 إلى اليوم؛ إذ لا يتجاوز عدد حالات الإصابة الجديدة التي نسجلها في المملكة 800 حالة سنويا، في وقت كنا نسجل ضعف هذا العدد في وقت سابق”، مبرزا أن “هذا الإنجاز لم يتأتَّ من فراغ، بل كان نتاج الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة السيدا وإشراك الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المهتمة في هذه الدينامية”.

وذكر المتحدث أن “التمييز الاجتماعي لا يزال يشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في المغرب، بل ويطال أيضًا بعض الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل عاملي الجنس ومتعاطي المخدرات أو الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين (HSH)، وذلك بالرغم من تسجيل انخفاض طفيف في وتيرة هذا الوصم في السنوات الأخيرة، نتيجة الحملات التحسيسية والتوعوية التي تقودها الجمعيات والمنظمات الفاعلة في هذا المجال”.

وأوضح الرئيس الوطني لجمعية محاربة السيدا (ALCS) أن “الجمعيات المدنية النشطة في مجال محاربة السيدا والوقاية منها تمتاز بالقدرة على الوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة وعرضة للإصابة بالسيدا داخل المجتمع كعاملي الجنس والمهاجرين وغيرهم، عكس المراكز الحكومية التي وإن كانت موجودة، إلا أن هذه الفئات لا تلج إليها خوفا من التمييز أو غيره من الحواجز الاجتماعية، عكس المراكز التابعة للجمعيات”.

في المقابل، شدد المتحدث على أن “هناك ضعفا ملحوظا في مستوى الاهتمام المعرفي بفيروس السيدا وبالأمراض المنقولة جنسيا على وجه العموم في صفوف الشباب المغاربة”، معتبرا أن “تمكين الشباب من المعلومات الدقيقة والموثوقة حول هذا المرض يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة انتشار العدوى وتعزيز السلوكيات الوقائية في صفوفهم”.

الاختبارات والتمويلات

حول التوزيع الجغرافي لحالات الإصابة بالسيدا في المغرب، قال القرقوري: “هناك حوالي 23 ألف حامل لفيروس داء المناعة المكتسبة، يتوزع أغلبهم في جهات سوس-ماسة ومراكش-آسفي والدار البيضاء-سطات”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “هناك إقبالا كبيرا على الفحوصات الذاتية، خاصة خلال الحملات التي تقوم بها الجمعية في المناطق التي لا توجد بها مراكز صحية”.

وأكد المتحدث لهسبريس أن “إشكال التوقف عن العلاج بالنسبة لحاملي الفيروس غير مطروح أبدا في المغرب، حيث إن حوالي 90 في المائة يتلقون العلاج بشكل منتظم، وهو رقم قريب من الهدف العالمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية في 95 في المائة، في وقت لا تتجاوز فيه هذه النسبة في بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 40 في المائة”.

في المقابل، سجل البروفيسور مهدي القرقوري، الرئيس الوطني لجمعية محاربة السيدا (ALCS)، أن “الإشكال الذي نعاني منه كجمعية هو انقطاع التزود بالاختبارات وآليات الفحص الذاتي لفيروس نقص المناعة المكتسبة من طرف وزارة الصحة، التي تواجه إشكالا على مستوى المخزون، وهو ما يعرقل جهود الوقاية من الفيروس ويقوض الجهود المبذولة في مجال الكشف المبكر”.

وتفاعلا مع سؤال لجريدة هسبريس الإلكترونية حول تأثير تجميد التمويلات الأمريكية لبرامج الوقاية من السيدا على الصعيد العالمي على جهود الوقاية والتتبع على المستوى الوطني، رد المتحدث ذاته بأن “توقف هذه التمويلات الأمريكية لم يؤثر علينا بشكل مباشر في الوقت الحالي، عكس بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء، ولكن هذا المشكل سيطرح بطريقة غير مباشرة في السنوات القادمة، حيث إننا نستفيد من تمويلات الصندوق العالمي لمحاربة السيدا لتعزيز الاستثمارات في مجال الوقاية من الفيروس، وهو الصندوق الذي تعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر المساهمين فيه”.

وأضاف أن “هذا الأمر سيطرح بالنسبة لنا مشكل استمرارية الاستثمارات في مجال الوقاية، التي تعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة مقارنة بالاستثمارات المتعلقة بمجال العلاج؛ ذلك أن توقفها قد يؤدي إلى زيادة في الإصابات”، مبرزا أن “الحل يكمن في تكثيف التمويلات الوطنية ذات الصلة، وهناك فكرة نشتغل عليها مع القطاع الحكومي الوصي، هي فكرة العقود الاجتماعية، التي ستقدم من خلالها الجمعيات خدمات بمقابل تؤديه الدولة، وهناك مشروع نموذجي في هذا الصدد سيبدأ في أكادير، وإذا كان ناجحا يمكن أن يعمم على باقي ربوع المملكة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رضا البحراوي يتألق بحفل استثنائي فى مهرجان "بورتو بيتس" العلمين الجديدة
التالى مواعيد مواجهات منتخب مصر في الدور الأول ببطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاما