أمريكا تنسحب رسميًا من اتفاق "الصحة العالمية" وسط تحذيرات من جائحة مقبلة

واشنطن ترفض اتفاق الأوبئة الجديد: "يوسّع صلاحيات منظمة الصحة بشكل مقلق"

منظمة الصحة العالمية

أعلنت الولايات المتحدة رسميًا رفضها للاتفاق الدولي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية في مايو الماضي، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون العالمي لمواجهة الأوبئة المستقبلية، في خطوة تعكس انقسامًا متزايدًا حول دور المنظمة الأممية في إدارة أزمات الصحة العامة عالميًا.

جاء القرار عبر بيان مشترك صادر مساء أمس الجمعة عن وزارتي الخارجية والصحة الأمريكيتين، حيث أكدت الإدارة الأميركية أن الاتفاق "تم إعداده دون مشاركة عامة كافية، ويوسّع من صلاحيات منظمة الصحة العالمية بشكل مقلق"، مشيرة إلى أنه يمنح المنظمة "سلطات واسعة وغامضة" في إعلان حالات الأوبئة، ويتعامل مع الأزمات الصحية من "منظور سياسي" بدلًا من اتخاذ إجراءات فاعلة وسريعة.

اتفاق ثلاثي السنوات يواجه التعثر بعد الانسحاب الأمريكي

يأتي الاتفاق الذي استغرق التفاوض عليه ثلاث سنوات بعد فوضى جائحة كوفيد-19، حيث سعى إلى ضمان التوزيع العادل والسريع للأدوية واللقاحات والاختبارات حال وقوع جائحة جديدة، بما في ذلك تخصيص 20% من إنتاج الشركات لهذه المنتجات لصالح منظمة الصحة العالمية، لتأمين وصولها إلى الدول الفقيرة في الوقت المناسب.

لكن موقف واشنطن، بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الصحة روبرت كينيدي جونيور، يعكس معارضة داخلية قوية، حيث وصف كينيدي الاتفاق بأنه "يعكس فشلًا في التعلم من أخطاء الماضي"، وأكد في كلمته أمام الجمعية العامة لمنظمة الصحة أن الاتفاق سيعيد أخطاء الفوضى التي شهدها العالم أثناء كوفيد-19.

انسحاب أميركا قد يُضعف فاعلية الاتفاق عالميًا

يأتي هذا الرفض بعد انسحاب الولايات المتحدة سابقًا من مفاوضات الاتفاق مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، وبدء إجراءات الخروج من منظمة الصحة العالمية في مطلع 2025، مما يجعلها غير ملزمة بالاتفاق الجديد.

وتعد الولايات المتحدة أكبر مساهم مالي في منظمة الصحة العالمية، ما قد يُضعف من فاعلية الاتفاق الجديد الذي كان يُنظر إليه كخطوة ضرورية لتجنب تكرار احتكار الدول الغنية للقاحات، وتهميش الدول النامية في سباق الأدوية والاختبارات أثناء الأزمات الصحية.

فوضى كوفيد تُلقي بظلالها على مستقبل الصحة العالمية

عقب جائحة كوفيد-19، تعرضت منظمة الصحة العالمية لانتقادات واسعة بسبب تأخر إعلان حالة الطوارئ الصحية العالمية، وغياب السلطة الملزمة لديها لضمان توزيع الموارد الطبية بعدالة، ما أسفر عن إطلاق مبادرة "كوفاكس" ومحاولات متعددة لإصلاح منظومة التأهب العالمية.

لكن مع انسحاب واشنطن الرسمي من الاتفاق، يلوح في الأفق خطر تكرار الفوضى العالمية في حال ظهور جائحة جديدة، في ظل غياب آلية عالمية ملزمة تضمن التوزيع العادل والعاجل للقاحات والأدوية، وتواجه منظمة الصحة تحديًا جديدًا في الموازنة بين السيادة الوطنية للدول وضرورات التعاون الدولي لمواجهة الأوبئة المقبلة.