رغم تقديرات بأن العملية العسكرية التي بدأتها قوات الاحتلال في مدينة غزة دفعت نحو 90 ألف فلسطيني للنزوح جنوبًا حتى الآن، هددت تل أبيب بالمضي قدمًا في خططها لحسم الحرب عسكريًا، متوعدة بتصعيد الضربات هذا الأسبوع مع التركيز على القصف الجوي واستهداف الأبراج السكنية.
ونقلت إذاعة الجيش عن رئيس شعبة العمليات في أركان جيش الاحتلال قوله: "إذا لم تستسلم حماس في إطار عملية عربات جدعون2، قد نذهب إلى عربات جدعون3، وربما أكثر. لا أريد تصور ذلك، لكن هذا سيحدث بالفعل". وأضاف: "يصعب تحديد النقطة التي نرى فيها حماس تستسلم".
تحذيرات مصرية ومقترحات الوسطاء
ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى إلى دفع مئات آلاف الفلسطينيين نحو الجنوب باتجاه الحدود مع مصر، رغم رسائل التحذير التي نقلتها القاهرة عبر القنوات الدبلوماسية من خطورة هذه الخطوة وتداعياتها على العلاقات الثنائية، وسط توتر ملحوظ بين الجانبين.
وفي المقابل، جددت حركة حماس التزامها بالموافقة التي أعلنتها مع فصائل فلسطينية أخرى على مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار في 18 أغسطس الماضي، مؤكدة انفتاحها على أي مقترحات "تحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا شاملًا لقوات الاحتلال من القطاع، وضمان دخول المساعدات وتبادل الأسرى".
وتزامن ذلك مع كشف هيئة البث الإسرائيلية عن مقترح جديد لـ"صفقة شاملة" ينتظر أن تقدمه مصر والولايات المتحدة وقطر هذا الأسبوع، وسط تحركات دبلوماسية إقليمية ودولية مكثفة.
مأزق التوسع و"الاتفاق الإبراهيمي"
في وقت تراهن فيه حكومة بنيامين نتانياهو على استمرار التصعيد في غزة، تتصاعد أيضًا أصوات داخل اليمين الإسرائيلي تطالب بضم الضفة الغربية، وهو ما يضع تل أبيب أمام مأزق سياسي ودبلوماسي مع شركائها العرب.
فقد حذرت دولة الإمارات أخيرًا من خطط الضم، معتبرة إياها "خطًا أحمر يقوض الاتفاق الإبراهيمي".
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن التهديد الإماراتي أدى إلى "تجميد مناقشات الضم"، فيما أوضحت صحيفة واشنطن بوست أن أبوظبي سبق أن وجهت سلسلة تحذيرات سرية لمكتب نتانياهو لم تلقَ استجابة.
وكتب مستشار رئيس دولة الإمارات أنور قرقاش عبر منصة "إكس": "في هذه الأوقات الصعبة، ترسل الإمارات رسالة واضحة: الضم خط أحمر، ويجب أن تظل عملية السلام عبر حل الدولتين هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا".
بين خيارين متناقضين
ومع اقتراب مؤتمر "حل الدولتين" في 22 سبتمبر الجاري على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي يتوقع أن يشهد إعلان المزيد من الدول اعترافها بدولة فلسطين، تبدو خيارات إسرائيل متأرجحة. فإما أن تمضي في التصعيد والتوسع ضاربة عرض الحائط بمسار التطبيع الذي سعت إليه منذ سنوات، أو أن تتراجع عن خططها وتفتح الباب أمام تسوية سياسية قد تتيح للجميع مخرجًا يحفظ المكاسب.