تحل هذه الأيام ذكرى رحيل الأديب الكبير خيري شلبي، أحد أبرز الأصوات الأدبية في مصر والعالم العربي، والذي ترك بصمة لا تُمحى في الرواية والقصة والنقد الأدبي.
وُلد شلبي عام 1938 بقرية شباس عمير بمحافظة كفر الشيخ، ورحل في 9 سبتمبر 2011، بعد رحلة أدبية حافلة تجاوزت خمسة عقود من الإبداع.
مسيرة أدبية حافلة بالإنجازات
بدأ خيري شلبي مسيرته بكتابة القصة القصيرة، قبل أن ينتقل إلى الرواية التي أصبحت مجاله الأوسع والأكثر تأثيرًا.
أصدر أكثر من 70 كتابًا ما بين الروايات والمجموعات القصصية والدراسات النقدية.
من أبرز أعماله: وكالة عطية، صهاريج اللؤلؤ، الأوباش، بلد المحبوب، والأمالي.
وقد ترجمت أعماله إلى عدة لغات، ونالت اهتمام النقاد في الشرق والغرب.
أديب المهمشين وحكاء الريف المصري
تميزت كتابات شلبي بقدرته الفائقة على التقاط تفاصيل الحياة اليومية للبسطاء، ونقلها بحس إنساني عميق ولغة نابضة بالحياة.
تناول في أعماله عالم المهمشين، والحارات الشعبية، والمقاهي، والعوالم الخفية التي لم يكن الأدب المصري يوليها اهتمامًا كبيرًا.
كان يحاور المهمشين بلغتهم، ويكتب عنهم ومن أجلهم، ليصبح بحق "حكاء الريف المصري" وصوت من لا صوت لهم.
الجوائز والتكريمات
حصل خيري شلبي على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 1980، وجائزة الدولة للتفوق عام 2002، وجائزة أفضل رواية عربية عن طوكالة عطية عام 2000، كما نال جائزة نجيب محفوظ للأدب من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ورُشّح أكثر من مرة لجائزة نوبل في الأدب تقديرًا لمسيرته الإبداعية.
بين النقد والدراما
لم يقتصر إنتاج شلبي على الرواية والقصة، بل قدّم دراسات نقدية مهمة، وكتب للدراما التلفزيونية والإذاعية، حيث عُرضت له مسلسلات مثل الوتد والكومي.
كان يرى أن الأدب والدراما وجهان لعملة واحدة، كلاهما يعبّر عن هموم الإنسان ويطرح قضاياه بأسلوب قريب من المتلقي.
مواقفه الفكرية والإنسانية
اشتهر خيري شلبي بمواقفه الجريئة تجاه قضايا الحرية والإبداع، ودافع عن دور الأدب في كشف الفساد الاجتماعي والسياسي.
كان قريبًا من الناس، يجلس في المقاهي الشعبية ويستمع لحكاياتهم، ثم يحولها إلى أعمال أدبية خالدة. لم ينعزل يومًا عن قضايا مجتمعه، بل جعل من الأدب منبرًا للتنوير والتغيير.
إرث أدبي لا يموت
برحيل خيري شلبي، فقدت الساحة الأدبية واحدًا من أبرز أعمدتها، غير أن إرثه الأدبي يظل حاضرًا في المكتبات وفي وجدان القراء.
أعماله تُدرّس في الجامعات، وتُقرأ باستمرار، وتلهم أجيالًا جديدة من الكُتّاب والمبدعين.
لقد ترك لنا صورة بانورامية لمصر بتناقضاتها وجمالياتها وصراعاتها، ستبقى شاهدة على زمنه وأسلوبه الفريد.
ذكراه باقية
تمر السنوات، لكن ذكرى خيري شلبي لا تغيب. ما زالت أعماله تسكن قلوب القراء وتفتح أبوابًا لفهم المجتمع المصري بعمقه وتنوعه. في ذكراه، نستعيد قيمة الأديب الذي لم يسعَ للشهرة بقدر ما سعى لأن يكون صادقًا مع قلمه، مؤمنًا بأن الأدب رسالة ومسؤولية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.