شهدت العلاقات المشتركة بين مصر والبحرين في سبتمبر 2025 نقلة نوعية تمثلت في توقيع اتفاقيات استثمارية بقيمة تتجاوز 600 مليون دولار، وهذه الخطوة، التي جاءت على هامش منتدى الأعمال المصري البحريني، ليست مجرد أرقام مالية، بل تعكس رؤية مشتركة لبناء شراكة اقتصادية مستدامة تخدم طموحات البلدين.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نغوص في كواليس هذه الاتفاقيات، ونستعرض أبرز تفاصيلها، ونحلل تأثيرها على العلاقات الثنائية والاقتصاد الإقليمي.
كواليس منتدى الأعمال المصري البحريني
وانطلق منتدى الأعمال المصري البحريني في القاهرة بحضور نخبة من المسؤولين، بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
والمنتدى، الذي عقد في سبتمبر 2025، شهد توقيع 22 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون، منها 8 اتفاقيات رئيسية، بقيمة إجمالية تفوق 600 مليون دولار، وهذه الاتفاقيات غطت قطاعات حيوية مثل الصناعة، الاستثمار، السياحة، حماية المنافسة، والجمارك، مما يعكس تنوع التعاون بين البلدين.
ومن أبرز هذه الاتفاقيات، مذكرة تفاهم بين شركة مصر للألومنيوم وشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) لدراسة جدوى إنشاء مصنع لتكرير مادة الألومينا في مصر، وهو مشروع يعد خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة البلدين في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الألومنيوم.
كما تضمنت الاتفاقيات تعاونًا في مجال الخدمات المالية، حيث أبدت البحرين اهتمامًا بتعزيز استثماراتها في هذا القطاع داخل السوق المصري، مستفيدة من خبرتها الرائدة في المنطقة.
هدف طموح بمضاعفة التبادل التجاري
وتستهدف مصر والبحرين رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 1.5 مليار دولار خلال عامين، مقارنة بـ661 مليون دولار في عام 2024، أي بزيادة تصل إلى 127%.
وهذا الهدف يعكس طموح البلدين لتجاوز التحديات الاقتصادية، خاصة بعد تراجع التبادل التجاري في النصف الأول من 2025 إلى 151.1 مليون دولار، مقارنة بـ404.1 مليون دولار في الفترة نفسها من 2024، بنسبة انخفاض 62.6%، وهذا التراجع دفع الجانبين إلى تكثيف الجهود لتعزيز التعاون عبر مشروعات مشتركة وتسهيلات استثمارية.
وأكدت نور بنت علي الخليف، وزيرة التنمية المستدامة والرئيسة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني، أن مصر تمثل سوقًا واعدًا للاستثمارات البحرينية، خاصة في قطاعات السياحة، الصناعة، والخدمات المالية.
ومن جانبها، قدمت مصر تسهيلات مثل "الرخصة الذهبية"، التي تتيح تأسيس وتشغيل المشروعات بسهولة، مما يعزز جاذبية السوق المصري للمستثمرين البحرينيين.
دور القطاع الخاص والتكامل الاقتصادي
ويعد القطاع الخاص محركًا أساسيًا لهذه الشراكة، حيث شهد المنتدى لقاءات ثنائية بين شركات مصرية وبحرينية لاستكشاف فرص التعاون.
والاستثمارات البحرينية في مصر بلغت 450 مليون دولار في 2024، موزعة على 237 شركة في قطاعات مثل التمويل، الصناعة، والسياحة.
وتسعى مصر إلى جذب المزيد من هذه الاستثمارات عبر مشروعات قومية كبرى مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.
كما يبرز مشروع "أتوم سولار مصر" كمثال للتعاون الاستثماري المتعدد الأطراف، حيث وقعت مصر عقدًا بقيمة 220 مليون دولار مع مستثمرين من البحرين، الإمارات، والصين لإنشاء مجمع صناعي لإنتاج الألواح الشمسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وهذا المشروع يعزز التحول الأخضر، وهو جزء من أجندة مصر الطموحة لزيادة الاستثمارات الخضراء إلى 50% بحلول 2025.
والتزام البلدين بتفعيل الاتفاقيات وتعزيز التواصل الدوري يبشر بمستقبل واعد، في حين أن اللقاء المرتقب بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد يشهد توقيع المزيد من الاتفاقيات، مما يعزز مسار الشراكة الاستراتيجية.
والاتفاقيات المصرية البحرينية بقيمة 600 مليون دولار ليست مجرد إنجاز اقتصادي، بل خطوة نوعية نحو تكامل اقتصادي يعزز مكانة البلدين كمحورين إقليميين، ومع التزام مشترك بمضاعفة التبادل التجاري، وتوسيع الاستثمارات، ودعم القطاع الخاص، تكتب مصر والبحرين فصلاً جديدًا من التعاون الذي يتجاوز الحدود التقليدية إلى آفاق أرحب.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
