تُعدّ طاقة الرياح من أقدم مصادر الطاقة التي عرفها الإنسان، إذ استعملها المصريون القدماء منذ آلاف السنين في الملاحة وطحن الحبوب، كما أصبحت اليوم أحد أسرع مصادر الطاقة المتجددة نموًا في العالم، بفضل دورها في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتعتمد هذه الطاقة على تحويل حركة الهواء الناتجة عن فروق درجات الحرارة والضغط الجوي إلى كهرباء نظيفة عبر توربينات ضخمة، سواء على اليابسة أو في البحر.
وتُعدّ مصر من الدول الرائدة في استغلال توربينات الرياح إقليميًا، إذ تحتضن واحدة من أبرز مزارع الرياح في العالم بمنطقة الزعفرانة على ساحل البحر الأحمر بطاقة إجمالية تتجاوز 545 ميغاواط.
كما تضم منطقة جبل الزيت مشروعًا عملاقًا لإنتاج الكهرباء من الرياح بطاقة تفوق 580 ميغاواط؛ ما يجعله من أكبر المشروعات في الشرق الأوسط.
وتسعى مصر من خلال هذه المشروعات إلى رفع إسهام الطاقات المتجددة، ضمن خططها للتحول نحو الطاقة النظيفة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
القدرة المركبة لطاقة الرياح عالميًا
على الصعيد العالمي، ارتفعت القدرة المركبة لطاقة الرياح عالميًا من نحو 280 غيغاواط عام 2012 إلى أكثر من 1000 غيغاواط في 2023، لتصبح ثاني أكبر مصدر للطاقة المتجددة بعد الشمس، وتتصدّر الصين والولايات المتحدة وأوروبا المشهد العالمي عبر مزارع رياح برية وبحرية عملاقة.
أما في المنطقة العربية فما زال القطاع في طور النمو، رغم الإمكانات الكبيرة بفضل السواحل الطويلة وسرعات الرياح المرتفعة، وتُعَد مصر الأكثر تقدمًا بمشروعاتها الكبرى في الزعفرانة وجبل الزيت، بالإضافة إلى خطط لإنشاء مزارع جديدة بالتعاون مع شركات دولية خلال الأعوام المقبلة.
كما بدأت دول مثل السعودية والمغرب والأردن في الاستثمار بقوة في هذا المجال ضمن إستراتيجيات التحول إلى مزيج طاقة متوازن ومستدام.
وفي هذا السياق، تابعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) فعاليات ندوة افتراضية بعنوان: "توليد طاقة الرياح وتطبيقاتها"، التي نُظّمت ضمن المبادرة العربية للتعليم البيئي "تمكين بيئي مستدام"، برعاية وزارة البيئة المصرية، وبمشاركة خبراء من مختلف الدول العربية.
وخلال الندوة، أكد خبير الطاقة المستدامة والنقل الكهربائي رئيس قطاع الإستراتيجيات في شركة سولارجي غروب، المهندس أحمد همام، أن الاعتماد على طاقة الرياح يُعزّز من فرص التحول نحو مصادر أنظف للكهرباء، موضحًا أن التوسع في مشروعات الرياح بات خيارًا إستراتيجيًا لمواجهة تقلبات أسعار الوقود الأحفوري وضمان أمن الطاقة.
رفع كفاءة التوربينات
تناول المهندس أحمد همام أبرز خصائص الرياح ومصادرها، مشيرًا إلى أن سرعة الرياح واتجاهها وثباتها تُعد من العوامل الأساسية في تحديد كفاءة التوربينات، لافتًا إلى أن التطورات التكنولوجية أسهمت في رفع كفاءة التوربينات وزيادة قدراتها الإنتاجية.
كما أوضح أن مشروعات الرياح، رغم التحديات المرتبطة بالمساحات والتأثير البيئي والبنية التحتية، تمثّل استثمارًا طويل الأمد يحقق عوائد اقتصادية وبيئية، مؤكدًا أن مصر والمنطقة العربية تملكان فرصًا واعدة بفضل وفرة المساحات والموارد الطبيعية.
واستعرض خبير الطاقة المستدامة والنقل الكهربائي، رئيس قطاع الإستراتيجيات بالشركة، المراحل الأساسية لتطوير مشروعات الرياح، بدءًا من التمويل ودراسات الجدوى وقياسات الرياح، وصولًا إلى أعمال الإنشاء والتركيب والتشغيل، مشددًا على أن التوسع في هذه المشروعات يتطلّب شراكات دولية ودعمًا تنظيميًا وحوافز استثمارية.
وأكد همام أن توربينات الرياح ستظل أهم ركائز التحول نحو الطاقة المتجددة في المنطقة العربية، خاصة في ظل التزامات الدول بخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف الحياد المناخي، إلى جانب سعيها لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
