أصبح ملتمس الرقابة، الذي أعلنت فرق المعارضة عزمها على تقديمه لإسقاط حكومة عزيز أخنوش، حديث الشارع المغربي، خاصة أن هذه الآلية تُعد اختبارًا لمدى انسجام مكونات الأغلبية والمعارضة وقدرتها على التنسيق.
وسبق لهسبريس أن نشرت خبر تأجيل موعد تقديم ملتمس الرقابة إلى حين عودة الوفد البرلماني المشارك في المنتدى البرلماني الاقتصادي المغربي-الموريتاني، المنعقد في نواكشوط يومي 9 و10 ماي الجاري.
وأفاد محللون سياسيون تحدثت معهم هسبريس بأن ملتمس الرقابة يجب أن “تصوت عليه الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس”، وهو ما لا تتوفر عليه المعارضة، التي وصفوها بأنها “مشتتة من حيث العدد والأيديولوجيا”، مشيرين إلى أن السيناريو الوحيد لنجاح هذا الملتمس هو “التصويت عليه من قبل أحد فرق الأغلبية، وهذا لأمر لن يحدث إلا في حالة انشقاق الأغلبية”.
“معارضة مشتتة”
مريم أبليل، باحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، قالت إن “المشرع الدستوري نص في الفصل 105 على أن لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، (وذلك) بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يُقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس”.
وأضافت أبليل، في حديثها مع هسبريس، أن المشرع اشترط للموافقة على ملتمس الرقابة “تصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، والموافقة عليه تؤدي إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية”.
وسجلت الباحثة ذاتها أن المعارضة في المغرب خلال الولاية 11 هي معارضة “مشتتة، سواء من ناحية العدد الصغير لكل كتلة، أو بالمقارنة مع إيديولوجيات وتوجهات كل حزب من الكتل البرلمانية”، مشيرة إلى أن هذين العاملين (الضعف العددي، التباعد الاستراتيجي والأيديولوجي) ساهما في “ضعف أداء المعارضة، رغم المحاولات التي استمرت منذ بداية الولاية لتوحيد الجهود، والتي أجدها ضرورية في ظل الأغلبية المريحة لدى الحكومة”.
وذكرت المتحدثة أن “حزب العدالة والتنمية بانخراطه في المبادرة أضحى واقعيا أكثر؛ فسقوطه من 125 إلى 13 مقعدا أثر على قراراته”، مستدركة: “الآن، ربما أدرك أخيرا أن التأثير الحقيقي من داخل المؤسسات وبموجب النصوص الدستورية لا يمكن أن يتم إلا بتحالفه مع باقي مكونات المعارضة رغم كل الاختلافات”.
وردا على سؤال هسبريس حول إمكانية نجاح هذه المبادرة، قالت أبليل إن “السيناريو الوحيد للموافقة على ملتمس الرقابة، هو التصويت عليه من قبل فريق من فرق الأغلبية، وهو أمر سيختبر قوة وانسجام التحالف الحكومي”، مضيفة أن “المؤشرات تشير إلى أن الأمر لن يحدث، لكن في سياسية لا شيء يمكن توقعه بشكل حاسم”.
“الهدف هو إحراج الحكومة”
من جهته، قال رضون أعميمي، محلل سياسي أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن طرح المعارضة ملتمس الرقابة “أثار ملاحظتين؛ أولهما أننا اليوم أمام آلية دستورية وقانونية، ومن حق جميع أعضاء مجلس النواب، بمن فيهم فرق المعارضة، القيام بهذه المبادرة”.
الملاحظة الثانية، حسب أعميمي، هي أن “الهدف من هذه المبادرة هو التوجه نحو إحراج الحكومة”، مضيفا: “خاصة ونحن في مرحلة سابقة على الانتخابات، كما أن هذه تسخينات انتخابية وُظِّفت أو يُحاول أصحابها توظيفها للضغط على الحكومة، وللتنبيه إلى أن هناك مجموعة من الاختلالات التي وقعت فيها”.
لكن المتحدث نفسه سجل أن “فرق المعارضة ليست في المستوى المطلوب، خاصة وأنها لم تتواصل مع فرق الأغلبية، فرغم البلاغات والندوات الصحافية التي أقامتها بعد ذلك، إلا أنها لم تقم بمجهود حقيقي للتواصل مع برلمانيي الأغلبية، أو حتى مع برلمانيين من الاتحاد الدستوري الذين يُساندون الحكومة، لكن مساندة نقدية”.
وجوابا على سؤال هسبريس حول إمكانية تصويت أحد أحزاب الأغلبية لصالح هذه المبادرة، رد أعميمي بأن “ذلك غير ممكن، لأن كل المؤشرات تشير إلى عدم إمكانية تصويت فرق الأغلبية إلا إذا وقع انشقاق في الأيام المقبلة، وهو أمر مستبعد أيضا، خاصة وأن الأمر يحتاج إلى وقت طويل ومساطر داخلية للأحزاب المنشقة في هذه الحالة”.
وخلص المصدر ذاته إلى أن “هذه المباد يمكن أن تكون مقياسًا لمدى انسجام المعارضة، خاصة ونحن في المراحل الأخيرة من هذه الولاية التشريعية، ولأول مرة تجتمع أحزاب المعارضة على موضوع معين، وهو ما يشكل إشارة سياسية إلى وجود نوع من الانسجام بين مكونات المعارضة”.