جعل المخرج الراجل صلاح أبو سيف من أفلامه دروسا في كيفية التفكير حول قضايا المجتمع، فلم يكن يهدف فقط إلى صناعة فيلم سينمائي، بل كان يسعى إلى خلق تأثير طويل المدى لدى الجمهور، هذا التأثير الذي نحتفي به اليوم في الذكرى الـ110 لميلاده.
بداية مشوار صلاح أبو سيف
ويرصد لنا موقع تحيا مصر بداية مشواره، ولد صلاح أبو سيف في مثل هذا اليوم 10 مايو عام 1915، وبدأ مشواره بالعمل في السينما في عمر الـ20، على يد المخرج نيازي مصطفى، واتخذ لنفسه مسارا مغايرا في السينما المصرية ليصبح مع مرور السنوات أحد أبرز مبدعيها الذين استطاعوا التعبير عن الواقع بأسلوب فني متقن، جعل من أعماله إرثًا خالدًا في السينما العربية.

المجتمع في مرايا صلاح أبو سيف
لم تكن أفلام صلاح أبو سيف مجرد حكايات، بل نوافذ مفتوحة على المجتمع المصري بكل ما فيه من صراعات وتناقضات فمنذ بداياته، أدرك أن السينما لا تصنع داخل الأستوديوهات فقط، بل في الشارع، البيت الشعبي، القرية، وفي الزحام اليومي للناس.
أفلام صلاح أبو سيف
في "شباب امرأة" نرى شهوة السلطة داخل الحارة ورغبة امرأة في السيطرة على الرجال واصطدام الشاب الريفي بمغريات القاهرة، وفي "الزوجة الثانية" نتابع قهر الفلاحين تحت سطوة العمدة وغياب العدالة وتطويع القوانين والدين أيضا لخدمة السلطة، وداخل السوق الشعبي يكشف "الفتوة" عن جشع النفس البشرية والاستغلال، وداخل مصعد كهربائي في "بين السماء والأرض" تمتزج فئات مختلفة ومتنوعة من المجتمع المصري ليصبح مرآة للواقع.
كان أبو سيف يؤمن أن كل شخصية على الشاشة يجب أن تبنى من واقع ملموس، ولذلك لم يكن يكتفي بالنص، بل كان يزور المواقع، يتحدث مع الناس، يراقب سلوكهم، ويختار ممثليه بعناية تامة ليتقمصوا أدوارًا لا تشبه التمثيل بقدر ما تشبه الحياة.
تميز صلاح أبو سيف
ما يميّز سينما صلاح ابوسيف ذلل التوازن بين الحكاية الدرامية والرؤية الاجتماعية لم يكن يصدر أحكامًا أخلاقية، بل يضعنا أمام معضلات حقيقية، ويترك لنا حرية التفاعل معها وهو بذلك قدم سينما تحترم عقل المتفرج، وتدعوه للتأمل والتساؤل، لا مجرد الاستهلاك.
وبينما انشغل كثير من المخرجين بالحبكة، كان أبو سيف ينشغل بالواقع. جعل من السينما أداة لكشف المسكوت عنه، ووسيلة لتوثيق حال المجتمع، دون أن يفقدها جمالها الفني لم تكن أفلامه شعارات، بل أعمالاً فنية ناطقة بالصدق.
بفضل هذا الأسلوب، تجاوزت أفلامه حدود الزمن لا تزال تعرض وتغري النقاد بكتابة مقالات عنها، وتدرس أيضا في المعاهد الفنية، لأن صلاح أبو سيف لم يصنع أفلامًا عابرة، بل وضع حجر أساس لمدرسة سينمائية كاملة، جعلت من المجتمع بطلًا دائمًا على الشاشة.