يدخل قطاع النفط الهندي طرفًا في التصعيد مع باكستان، إذ يُعدّ الخام ومشتقاته -عادة- إحدى أدوات التقلبات الجيوسياسية وأبرز ضحاياها.
وتصاعد الخلاف بين الجارتين الآسيويتين في النصف الثاني من شهر أبريل/نيسان 2025 الماضي، وتفاقم خلال الأسبوع الأول من شهر مايو/أيّار الجاري، وما يزال قابلًا للاشتعال بصورة أكبر.
وبالنظر إلى أن الهند مستورد ومستهلك رئيس بالنسبة للسوق العالمية، فقد زادت التساؤلات حول تقديرات الاحتياطي الإستراتيجي للبلاد، والتداعيات على قطاع الشحن البحري إذا استمرت خلافات الدولتين والتدخلات العسكرية.
وحسب تصريحات مسؤول بقطاع النفط الهندي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، فإن الكميات في مرافق التخزين تكفي لنحو 74 يومًا.
احتياطي النفط الإستراتيجي الهندي
أكد مسؤول أن احتياطي النفط الإستراتيجي الهندي يضمن الإمدادات الكافية لتلبية الطلب، خلال مدة الاضطرابات الجيوسياسية التي قد تؤثّر في السوق.
ووصف الرئيس التنفيذي للشركة المعنية بإدارة الاحتياطي "آي إس بي آر إل ISPRL"، إل آر جين، الكميات الحالية في البلاد بأنها "مريحة".
ويكفي ذلك لنحو 74 يومًا (مقسّمة بين: 9.5 يومًا من صافي الواردات، و64.5 يومًا من مرافق تخزين الخام والمشتقات محليًا).

وقال جين -بالتزامن مع تصعيد الهند عسكريًا ضد أهداف باكستانية-، إن هذه الكميات مجتمعة تؤمّن الإمدادات المطلوبة من السوق المحلية.
وأضاف أن سوق النفط الهندية تحظى بوفرة إمدادات سواء من الاحتياطي أو مرافق التخزين، مشيرًا إلى أن مصافي التكرير الحكومية استعدت هي الأخرى بكميات من النفط لتلبية الطلب على الوقود.
وبعيدًا عن مخاوف تداعيات تصاعد الخلاف العسكري (الهندي-الباكستاني)، فإن نيودلهي تسعى للوصول إلى سقف مستويات التخزين المحددة من قبل وكالة الطاقة الدولية بنحو 90 يومًا حدًا أدنى.
الطلب على النفط
توقّع محللون زيادة الطلب على النفط حال تفاقم النزاع العسكري بين البلدين الآسيويتين، خاصةً أن دولًا عدّة ستتجه لزيادة معدلات التخزين.
وأكد كبير باحثي ومحللي سوق النفط الآسيوية لدى "بلاتس"، هيمي سريفاستافا، أن الأهداف الأمنية ستدفع الدول لزيادة التخزين.
وقبل اندلاع الخلاف مع باكستان، كانت الهند تتّبع نهجًا لزيادة التخزين، وسعت لتخزين نفطها في سلطنة عمان بوصفها دولة خليجية رائدة بقطاع الطاقة، جنبًا إلى جنب مع التوسع في المرافق المحلية بفتح المجال لتلقّي عروض الشركات الأجنبية والمحلية.
وفي الوقت ذاته، تلقّت إمدادات النفط الهندي دعمًا من السياسات المرنة التي تتبنّاها الحكومة، تجاه تعزيز الاحتياطي الإستراتيجي وإعادة استعماله وفق الحاجة.
واستثمرت نيودلهي في هذا الاستثمارات، إذ أقرّت الحكومة الاحتفاظ بـ50% للاستعمالات الإستراتيجية، وخصصت الـ50% المتبقية للتأجير والتداول بنسبة 30% و20% على الترتيب.
وبذلك تتمكن الشركات الحكومية المعنية من الاستيراد، مع تراجع أسعار النفط، وتزويد المصافي بالإمدادات اللازمة.
واستبعد "إل آر جين" احتمالات تعرُّض البلاد لضغوط خلال تصعيدها العسكري ضد باكستان، إذ زادت واردات النفط الهندي مؤخرًا.
وارتفع معدل واردات الدولة الآسيوية من الخام الأميركي، خلال الربع الأول من العام الجاري، بنسبة تقترب من الضعف على أساس سنوي.
واستوردت الهند 247 ألف برميل أميركي يوميًا خلال المدة المذكورة، ارتفاعًا من 124 ألف برميل، حسب بيانات نشرها إس بي غلوبال.
أسعار الشحن
بجانب إمدادات النفط، أثارت توقعات تقلبات أسعار الشحن قلق الأطراف المعنية بالنقل البحري، وسط مخاوف من ارتفاعها نتيجة تصاعد الخلافات الهندية الباكستانية المسلحة.
وتراقب شركات الشحن والتأمين سيناريوهات تطبيق علاوة مخاطر الحروب، رغم تأكيد مسؤولين بحريين أن الممرات المعتادة ذات الصلة الجغرافية بالدولتين الآسيويتين لم تتأثر بالتصعيد الأخير بينهما، وفق إس بي غلوبال.
وقد تنعكس مخاوف اضطراب حركة وأسعار الشحن على واردات الهند، خاصة أنها مستورد رئيس للنفط الخام والغاز المسال وغاز النفط المسال، وأحد أكبر مصدري المشتقات.
وقد تمتد التداعيات إلى ما هو أبعد من واردات النفط الهندي، إذ قد تطول مدة الشحن لسفن الدول الأخرى حال منع العبور في مناطق النزاع الساحلية.
وتأتي هذه التوترات في أعقاب حالة من الارتباك شهدها البحر الأحمر، مع استهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية، ردًا على حرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأدى ذلك إلى اضطراب حركة الشحن والملاحة البحرية في البحر الأحمر وقناة السويس، إذ سلكَ عدد من الناقلات طريق رأس الرجاء الصالح الأطول.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: