في العاصمة الإدارية الجديدة، وعلى أرض تزهو بتاريخ طويل من الفروسية والفخر العسكري، انطلقت فعاليات بطولة كأس العالم العسكرية للفروسية، في نسختها الخامسة والعشرين، بمشاركة واسعة من نخبة فرسان الجيوش حول العالم.
جاءت الانطلاقة مهيبة، تحت رعاية وتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي حضر حفل الافتتاح في أجواء احتفالية رفيعة، تعكس ما وصلت إليه مصر من تطور في بنيتها التحتية الرياضية والعسكرية، وما تمثله الفروسية من قيمة رمزية وتاريخية في تراث الأمة.
بطولة عالمية… على أرض الفراعنة وتنظَّم البطولة تحت إشراف المجلس الدولي للرياضة العسكرية (CISM)، وهي من أهم الفعاليات التي تجمع جيوش العالم في منافسة رياضية نزيهة تسودها الروح العسكرية والانضباط، حيث يشارك فيها هذا العام أكثر من 20 دولة، منها دول ذات تقاليد راسخة في الفروسية مثل فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، البرازيل، وبلجيكا، بالإضافة إلى عدد من الدول العربية والأفريقية.
وتضم المنافسات قفز الحواجز والترويض، وهي من أكثر الألعاب التي تتطلب دقة وتناسقًا فائقًا بين الفارس والحصان، ما يجعلها نموذجًا مثاليًا للتناغم بين القوة والمرونة، وبين العقل والجسد.
ليست الفروسية مجرد رياضة بل وسالة تتجاوز السباق تُقاس فيها النتائج بالأرقام والميداليات. إنها ممارسة تحمل مضامين أخلاقية وثقافية، تُجسد الشرف والانضباط والسمو، وهي القيم ذاتها التي يقوم عليها البناء العسكري. ومن هنا، فإن البطولة تمثل تلاقيًا راقيًا بين الرياضة والعسكرية، بين الماضي والحاضر، وبين الجندية والروح الرياضية.
أن تستضيف مصر بطولة من هذا النوع ليس مجرد حدث رياضي عابر، بل هو تأكيد على ريادة مصر الإقليمية والدولية، وقدرتها على تنظيم بطولات كبرى بمعايير عالمية. فالملاعب، ومرافق الإيواء، والبنية التحتية الرقمية والإعلامية، كانت جميعها على مستوى الحدث، مما يعكس حجم الجهد المبذول من القوات المسلحة ومختلف مؤسسات الدولة لإنجاح البطولة.
العاصمة الإدارية… الوجهة الجديدة للرياضة العالمية
إقامة البطولة في العاصمة الإدارية لم يكن مصادفة، بل خطوة مدروسة ضمن رؤية شاملة لجعلها مركزًا إداريًا ورياضيًا وثقافيًا. فالمنشآت التي احتضنت البطولة تعكس مستوى عاليًا من الكفاءة والتنظيم، وتؤكد أن مصر باتت تمتلك مقومات استضافة البطولات الكبرى على أرضها، بما في ذلك البطولات العسكرية والدولية.
تأتي البطولة في توقيت مهم تسعى فيه مصر إلى تعزيز أدوات قوتها الناعمة. فالرياضة، خاصة حين ترتبط بالعسكرية، تحمل رسائل دبلوماسية فريدة: رسالة سلام، وتفاهم، واحترام متبادل بين الشعوب. ومن خلال منافسات الفروسية، تتمكن الجيوش من التواصل بعيدًا عن الصراعات، بل عبر ميادين الاحترام والتقدير المتبادل.
في زمن تشتد فيه التحديات الأمنية والفكرية، تظل الرياضة العسكرية، وعلى رأسها الفروسية، إحدى أدوات الدولة الذكية في تعزيز الوعي، وصناعة نموذج إيجابي للقوة المنضبطة، والثقافة الرفيعة.
وقد أكدت مصر، من خلال استضافتها لهذه البطولة، أنها لا تقدم فقط القوة الصلبة، بل أيضًا القوة الحضارية القائمة على التفاهم، والتميز، والمشاركة العالمية.
وهكذا، تبقى الفروسية عنوانًا لشراكة نبيلة بين الإنسان والحصان، وبين الجندية والإنسانية… وبين مصر والعالم.