أخبار عاجلة

أخصائيون يبرزون أهمية التوازن النفسي لحماية الطفولة من النضج المبكر

أخصائيون يبرزون أهمية التوازن النفسي لحماية الطفولة من النضج المبكر
أخصائيون يبرزون أهمية التوازن النفسي لحماية الطفولة من النضج المبكر

يلاحظ بعض الآباء أن أبناءهم يتجاوزون براءتهم بسرعة، متفادين مرافقة أقرانهم أو اللعب معهم، ومفضلين عالماً يبدو أكبر من سنهم، من خلال التصرف بجدية مبكرة، ومراقبة الكبار وتقليد حركاتهم وكلماتهم، كما لو أن الطفولة مجرّد محطة عابرة لا تستحق منهم التوقف طويلا.

في وقت يعتبر البعض هذا التقليد الطفولي دليلاً على ذكاء مبكّر يشير آخرون إلى أنه قد يتحول إلى مصدر قلق حين يُفقِد الطفلَ متعة اللعب الطبيعي، ما يثير تساؤلات حول الحدود الفاصلة بين الوضعيْن الطبيعي والمُقلق، ومسؤولية الأسرة في تحقيق التوازن النفسي للطفل.

بين الطبيعي والمُقلق

في سؤال حول تقليد الصغار للكبار، وكيف يكون مقبولا ومتى يُصبح مُثيرا للقلق، قال هشام العفو، متخصص ومعالج نفساني: “يمكن تقبل هذا السلوك عندما يقتصر على اكتساب المهارات الإيجابية، مثل تعلم المسؤولية أو آداب الحديث، ويحدث بشكل عفوي دون أن يؤثر على توازن الطفل النفسي أو الاجتماعي”.

وأضاف العفو، في تصريح لهسبريس، أن “الطفل إذا أصبح يتجنب اللعب كليا، ويعزل نفسه عن أقرانه، أو يقلد سلوكات الكبار غير المناسبة لعمره، كالتدخين أو الحديث عن مواضيع لا تناسب سنه أو تبني سلوكات عنيفة… أو تظهر عليه علامات القلق أو فقدان المتعة، فهنا يصبح الأمر مقلقا ويستدعي الانتباه والتدخل”.

وأشار المتخصص والمعالج النفسي إلى أن “المطلوب أولا هو فهم دوافع الطفل لهذا السلوك، إذ يمكن أن يكون بمثابة بحث عن الاهتمام أو هروبا من مشكلات نفسية أو اجتماعية أو عاطفية، ومن المهم تشجيعه على التوازن بين تقليد الكبار والاستمتاع بأنشطة تناسب عمره”.

كما أكد هشام العفو على “ضرورة توفير بيئة آمنة وداعمة تتيح للطفل التعبير عن مشاعره واحتياجاته، من خلال إشراكه في أنشطة جماعية مع أطفال من سنه، وتعزيز ثقته بنفسه من خلال مدحه على سلوكاته المناسبة لعمره، وفي الحالات الأكثر تعقيدا من الضروري طلب استشارة متخصص نفساني”.

ولمساعدة الأطفال على قضاء كل مرحلة عمرية بما يتناسب معها قال المتحدث ذاته: “يجب أن نتخذ في هذه المرحلة إستراتيجيات تربوية ونفسية مع الأطفال، أهمها احترام احتياجاتهم النفسية والاجتماعية في كل سن، وفهم طبيعة ودوافع هذه الاحتياجات ومراعاة خصوصية المرحلة النمائية، ثم توفير فرص للعب والتعلم والتفاعل مع أطفال آخرين من سنهم”.

وشدّد المعالج النفسي نفسه على أهمية “وضع حدود واضحة وتقديم نماذج إيجابية للسلوك، مع تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم، عبر اعتماد الحوار المفتوح والدعم العاطفي اللذيْن يساعدان الطفل على تقبل ذاته وتقدير كل مرحلة يمر بها، مع تجنب الضغط عليه للنضج السريع أو تحميله مسؤوليات تفوق قدراته”.

الجانب النفسي للطفل

ندى الفضل، أخصائية ومعالجة نفسية إكلينيكية، قالت إن “تقليد الصغار للكبار يُعدّ سلوكًا مقبولًا عندما يكون جزءًا من التعلم والمراقبة الطبيعية، كتقليد الطفل لأمه أو أبيه في الحديث، أو التصرف بلطافة، أو ترتيب أغراضه، وهذا يدل على نمو معرفي ورغبة في النضج”.

وأضافت الفضل أن “هذا السلوك يُصبح مثيرا للقلق عندما يبتعد الطفل عن مظاهر الطفولة بشكل مبكر ومبالغ فيه، كرفض اللعب نهائيًا، أو عدم الاندماج مع أقرانه، أو تبني مواقف لا يفهمها تمامًا، كالكلام عن أمور لا تناسب سنه؛ وهنا قد يكون التقليد هروبًا من مشاعر أو ضغوط أو حتى تعبيرًا عن قلق داخلي”.

وأكّدت الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أهمية “مرور كل مرحلة عمرية للطفل بشكل طبيعي”، وشدّدت على أن “هذا التدرّج مهم في تكوين شخصية سليمة لدى الطفل”.

كما أشارت المتحدثة ذاتها إلى “ضرورة التوازن، بتشجيع السلوك الناضج دون المبالغة في مدحه، حتى لا يعتقد الطفل أن النضج الزائد هو السبيل الوحيد لنيل القبول”، و”تشجيعه على اللعب بمشاركته في أنشطة تناسب عمره، ليشعر بأن اللعب لا يتعارض مع القبول والاحترام”.

وأوصت الأخصائية أيضا بـ”الحديث مع الطفل بلغة بسيطة حول أهمية كل مرحلة عمرية، وطمأنته بأنه سيكبر في وقته، مع ضرورة استشارة مختص نفسي إذا ظهرت علامات انغلاق اجتماعي أو قلق مفرط، لمساعدته على التعبير عن نفسه بشكل صحي”.

وشددت المعالجة النفسية على أهمية “القبول غير المشروط”، موضحة أن ذلك يتم عبر “إعطاء الطفل الإحساس بأنه محبوب كما هو، وليس فقط عندما يتصرّف كالكبار”، مؤكدة على ضرورة “إتاحة الفرص المناسبة من خلال بيئة تحتوي على أقران وألعاب تناسب سنه، مع الحرص على أن يكون الوالدان قدوة واعية تعكس قيمة كل مرحلة”.

وختمت ندى الفضل توضيحاتها بالتأكيد على أهمية “القدوة الواعية، من خلال التصرف أمام الطفل بما يشير إلى أهمية كل مرحلة عمرية، دون استعجال النضج”، مع الحرص على “المرونة في التوجيه، عبر السماح للطفل ببعض التصرفات التي تعكس استقلاليته، مع مساعدته على العودة للمسار الطبيعي للطفولة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الوافي: بنكيران لا يواكب المرحلة
التالى طقس أول مايو 2025.. أجواء دافئة نهارًا وبرودة ليلًا وأمطار محتملة على السواحل