لم يدهشني، أو حتى أستغرب، كما حدث مع البعض، ما أُطلق عليه تسريب إلى الرئيس جمال عبدالناصر، وهو تسجيل صوتي مدته 17 دقيقة تحدث فيه الرئيس ناصر إلى معمر القذافى فى أغسطس 1970، وهو العام الذي رحل فيه الرئيس، رحمه الله، في 28 سبتمبر 1970، أى فى نفس عام الرحيل.
إن عبدالناصر لم يكن جديدا، بل كان هو نفسه وهو يعلم تلميذه القذافى الذي وقع فريسة للشعارات التي طالت مصر ورئيسها ما بعد 1967.. كان هو المعلم الكبير الذي تعلم أكبر دروس التاريخ ما بعد هزيمة 1967، والذين عرفوا مصر أدركوا حجم المتغيرات الكبرى التي طرأت عليها، وعلى الرئيس نفسه، ما بعد يونيو 1967، فمصر قبلت بنتائج الحرب، ورفضت قبول الهزيمة، أو الاستسلام، وقررت فورا إزالة آثار حرب 67 بكل الوسائل العسكرية، والسياسية، والقانونية، وتغيير الأوضاع القائمة رغم عدم التوازن العالمي، والإقليمي السائد، ولعل ذلك ما يُحسب للرئيس ناصر وليس عليه، فقد كان هو الرئيس الذى قرر إعادة بناء الجيش، والاستعداد لاسترداد الأرض، بل الأكثر بناء لحائط الصواريخ التى حمت الداخل المصرى، ولذلك فإن عبد الناصر عاش لمدة 3 سنوات عظيمة، وصعبة، قبل رحيله يتذكرها المصريون لرئيسهم بإكبار وتقدير، خاصة ما بعد مذبحة بحر البقر ومقتل الأطفال.
لم يكن الرئيس والقيادة من الممكن أن يتركوا المصريين بلا دفاع مدني بعد أن هُجر أهل القناة، وكل مدن بورسعيد، والسويس، والإسماعيلية، وأُغلقت قناة السويس، خاصة بعد أن طالت معاناة الحرب كل بيت في مصر، وكانت قسوة حرب الاستنزاف قد وصلت للذروة، وكان عبدالناصر يتحدث كرجل الدولة القوى الذي يحافظ على بلاده، وله حساباته الدقيقة، ويعرف حقائق الأمور، والتوازن العسكري الدقيق، والصعب، والمكلف بالكامل، ويشرح الوضع العربي بوضوح، وهو نفس الوضع الذي واجه الرئيس أنور السادات، رحمه الله، عقب توليه السلطة، وكان واضحا في السياسة التي أطلقها، وحدد أنه جاء من أجل إزالة آثار عدوان 67، وهذا ما حققه، وقضى عمره الرئاسي في تحقيقه لوطنه، وكان هدفا غاليا، وثمينا.. وغدا نكمل الحديث.
نقلا عن "الأهرام"
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.