يستعد قطاع الغاز في جنوب شرق آسيا لاتخاذ أكبر عدد من قرارات الاستثمار النهائي منذ أكثر من عقد، لتلبية الطلب المحلي المتزايد وتعزيز صادرات الغاز المسال.
وأظهر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن عام 2025 قد يشهد طفرة غير مسبوقة في أنشطة التنقيب عن الغاز، مع احتمال بلوغ 13 مشروعًا جديدًا مرحلة قرار الاستثمار النهائي، إلى جانب مشروع واحد معتمد.
وتهدف هذه المشروعات إلى إضافة أكثر من 20 مليار متر مكعب سنويًا للقدرة الإنتاجية للمنطقة، ما يعادل زيادة بنسبة 18% عن الإنتاج الحالي.
وتثير هذه الطفرة قلقًا بيئيًا واسعًا وسط تحذيرات من أن هذه المشروعات قد ترهن مستقبل المنطقة لعقود طويلة من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
توسُّع الغاز في جنوب شرق آسيا
أشار التقرير الصادر عن منصة غلوبال إنرجي مونيتور المتخصصة إلى أن مشروعات الغاز في جنوب شرق آسيا الجديدة تتوزع على النحو الآتي:
- 5 مشروعات في إندونيسيا.
- 4 مشروعات في فيتنام.
- مشروعين في ماليزيا.
- مشروع في بروناي.
- مشروع في ميانمار.
وفي ماليزيا، تخطط شركة بتروناس لزيادة إنتاج النفط والغاز من 1.7 مليون برميل نفط مكافئ يوميًا في 2024 إلى مليوني برميل بحلول 2027، عبر مشروعات جديدة وقيد التطوير، أبرزها كاساواري، إذ يُتوقع استخراج 84 مليار متر مكعب من الغاز، وتوجيه إنتاجه نحو مشروع الغاز المسال في بينتولو وتلبية الطلب المحلي.
كما أطلقت جولة عروض لعام 2025 تشمل أحواضًا بحرية، وتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة إيني الإيطالية لإدارة أصول مشتركة في ماليزيا وإندونيسيا، بإجمالي احتياطيات 3 مليارات برميل نفط مكافئ، مع إمكان اكتشاف 10 مليارات إضافية.
وهذا التوسع يتناقض مع سياسة الطاقة الوطنية للمدة 2022-2040، التي تستهدف خفض حصة الغاز في مزيج الطاقة إلى 39% بحلول عام 2040، والالتزام بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبصفة خاصة، تُعدّ ماليزيا وإندونيسيا من أكبر 10 دول مصدرة للغاز المسال في العالم، إذ بلغت صادراتهما 7.9 مليونًا و2.97 مليون طن على التوالي خلال الربع الأول من 2025، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة الموضحة في الرسم البياني أدناه:
الغاز في إندونيسيا وفيتنام وبروناي
في الوقت نفسه، تسعى إندونيسيا إلى تعزيز أنشطة التنقيب عن الغاز عبر مشروعات ضخمة، مثل اكتشاف "غينغ نورث" التابع لشركة إيني، ومشروع أبادي للغاز.
وتُقدَّر احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج في البلاد بنحو 54 تريليون قدم مكعبة (1.5 تريليون متر مكعب)، مع خطط لمضاعفتها من خلال أنشطة التنقيب، إلى جانب منح تراخيص جديدة.
أمّا فيتنام، فتخطّط لتسريع تطوير موارد الغاز، لتلبية الطلب المحلي وتحقيق أمن الطاقة، بالإضافة إلى الحدّ من الاعتماد على الفحم، عبر مشروعي "بلو ويل" و"المربع بي".
ورغم هذه المشروعات الطموحة، ثمة تحذيرات من أن البلاد قد تقع في فخ الاعتماد طويل الأمد على الغاز، وتحويل التمويل بعيدًا عن الطاقة المتجددة.
وأطلقت بروناي -أحد مصدري الغاز المسال- في فبراير/شباط أول جولة ترخيص للتنقيب البحري منذ أكثر من عقد، وتزامن ذلك مع تسارع العمل في مشروعات غاز المياه العميقة، مثل حقلي "ميرباتي-ميراجي" وكيليدانغ.
غير أن هذه الطفرة تتعارض من رؤية البلاد المتمثلة في تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 30% في مزيج الكهرباء بحلول 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

إنتاج الغاز في جنوب شرق آسيا يهدد المنطقة
على الجانب الآخر، سلّط التقرير الضوء على أن أنشطة التنقيب عن الغاز في جنوب شرق آسيا تتعارض مع هدف الحدّ من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، وتهدد بتقويض التنوع البيولوجي في مناطق حسّاسة بيئيًا.
على سبيل المثال، يعتمد أكثر من 120 مليون شخص على الموارد البحرية في منطقة كورال تريانغل، ونحو 16% من المناطق المحمية تتداخل مع مناطق الغاز الاستكشافية.
كما تتعرض "ميكونغ دلتا" في فيتنام، التي يعيش فيها 18 مليون شخص، لخطر كبير جراء اكتشافات الغاز.
وأشار التقرير إلى أن الحكومات تروّج لهذه المشروعات بصفتها حلًا مؤقتًا لأزمات الطاقة، لكن الواقع يُظهر أنها ذات عمر استثماري طويل، ومن غير المرجّح أن تتخلى الدول أو الشركات عن الحقول قبل استنزاف احتياطياتها بالكامل.
يُضاف إلى ذلك أن بعض مشروعات الغاز في جنوب شرق آسيا تواجه تأخيرات متكررة، وتسود حالة من عدم اليقين حيال تنفيذها، ويمثّل ذلك فرصة أمام الحكومات لإعادة توجيه الاستثمارات نحو الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: