أخبار عاجلة

واحات النخيل تنتعش بدرعة تافيلالت

واحات النخيل تنتعش بدرعة تافيلالت
واحات النخيل تنتعش بدرعة تافيلالت

عاشت جهة درعة تافيلالت خلال السنوات الأخيرة على وقع تحديات مناخية صعبة، تمثلت في الجفاف وقلة التساقطات المطرية، ما أثر بشكل مباشر على النشاط الفلاحي، خصوصا زراعة النخيل التي تعد العمود الفقري للاقتصاد المحلي، فتراجعت مردودية التمور، وتنامت مخاوف الفلاحين من تدهور هذه الثروة الزراعية التي تشكل مصدر عيش لآلاف الأسر بالمنطقة.

غير أن بداية السنة الجارية 2025 حملت بشائر الأمل، إذ عرفت الجهة تساقطات مطرية مهمة أعادت الحياة إلى التربة والغطاء النباتي، وأنعشت الفرشة المائية التي كانت تعاني من استنزاف مفرط. هذه الأمطار، التي طال انتظارها، لم تكن مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل مثلت تحولا حاسما في الدورة الفلاحية للجهة، خاصة بالنسبة لواحات النخيل التي بدأت تستعيد عافيتها بشكل تدريجي.

وفي ظل هذه المعطيات المناخية الإيجابية تتعاظم الآمال في موسم فلاحي متميز، خصوصا في ما يتعلق بإنتاج التمور. وتفيد المعطيات الأولية بأن إنتاج هذا العام سيسجل وفرة ملحوظة في جميع أصناف التمور، ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمزارعين، كما يعيد الاعتبار لدور واحات النخيل في تحقيق الأمن الغذائي المحلي وتحريك عجلة التنمية القروية.

وسجلت عدة مناطق بجهة درعة تافيلالت منذ بداية السنة تساقطات مطرية مهمة تجاوزت المعدلات المسجلة سنة 2015. وساهمت هذه الأمطار في تحسين رطوبة التربة، وارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما وفر شروطا مثالية لتجدد الأشجار الواحية، وعلى رأسها النخيل، الذي بدأ يظهر عليه تحسن واضح من حيث اللون والنمو وحمل الثمار.

وفي تصريح لهسبريس قال الحاج محمد أوحمو، فلاح من منطقة الرشيدية: “منذ سنوات لم نشهد هذا الإقبال من النخيل على الإثمار. الحمد لله، الأمطار الأخيرة أنقذت الموسم، ونحن متفائلون بإنتاج وفير هذا العام”، مضيفا: “النخيل ظل عطشانا منذ مدة، والآن بدأ يسترجع عافيته، وبالتالي من المتوقع تسجيل وفرة مهمة في الإنتاج”.

وزاد الفلاح ذاته أن “هذه الظروف المناخية لم تحسن فقط من مظهر الواحات، بل ساعدت أيضا على الحد من بعض الآفات الزراعية التي تنتشر في فترات الجفاف، مثل ‘سوسة النخيل’ والحشرات القرمزية”، مشيرا إلى أن “الموسم الحالي قد يكون الأفضل خلال العقد الأخير، إذا استمرت الظروف على هذا النحو”.

هذا وتشير التوقعات الأولية، حسب مصادر من المديرية الجهوية للفلاحة، إلى أن إنتاج التمور خلال هذا الموسم قد يعرف ارتفاعا بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية. وتشمل هذه الوفرة مختلف الأصناف المحلية، مثل “المجهول”، “بوفقوس”، “الجيهل”، التي تشكل ثروة زراعية ذات قيمة عالية.

في هذا السياق قال عبد السلام بنعيسى، مهني في قطاع التمور بالجهة: “منذ بداية السنة الجارية لاحظنا تحسنا كبيرا في الظروف المناخية، وهو ما سينعكس حتما على جودة وكمية الإنتاج”، مضيفا: “وزارة الفلاحة تعمل حاليا على مواكبة الفلاحين في عمليات التسميد والوقاية، لضمان موسم ناجح على جميع المستويات”.

وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن هناك جهودا تبذل على مستوى التعاونيات الفلاحية من أجل تحسين سلاسل الإنتاج والتسويق، إذ تسعى وزارة الفلاحة، ومن خلالها وكالة التنمية الفلاحية، إلى تثمين المنتج المحلي وتوسيع نطاق تسويقه داخل وخارج المغرب.

ومن شأن هذا الانتعاش الفلاحي أن يترك آثارا إيجابية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لسكان الجهة، حيث تعتمد آلاف الأسر بشكل مباشر أو غير مباشر على زراعة النخيل. كما أن وفرة الإنتاج تفتح المجال أمام خلق فرص شغل موسمية، سواء في جني التمور أو في عمليات التلفيف والنقل والتسويق.

وفي هذا الإطار عبر أحمد الإدريسي، رئيس تعاونية فلاحية بزاكورة، في تصريح لهسبريس، عن تفاؤله الكبير بالموسم الحالي، قائلا إن “التمور ليست فقط فاكهة موسمية، بل مورد رزق واستقرار اجتماعي للعديد من الأسر”، مضيفا أن “هذا الموسم سيعيد الأمل للقرى ويشجع الشباب على العودة إلى الأرض بدل الهجرة”، بتعبيره.

وأورد المتحدث ذاته أن “جهة درعة تافيلالت تعيش على وقع انتعاشة فلاحية طال انتظارها، بفضل رحمة السماء وتعب الفلاحين، وإذا استمرت الجهود في الاتجاه نفسه، مع دعم أكبر من الدولة والفاعلين في القطاع، فإن واحات النخيل ستظل صامدة في وجه التغيرات المناخية، وستواصل لعب دورها التاريخي كرافعة للتنمية والاستقرار في الجنوب الشرقي للمغرب”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق صندوق النقد الدولى يتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد المصرى إلى 4.3% العام المقبل
التالى في 9 مراكز.. اعتماد الحيز العمرانى لـ 114 عزبة فى محافظة أسيوط