أصبح تسعير "دولار الصاغة" في مصر مؤخرًا موضع قلق متزايد، لا سيما بسبب سلوكه غير المنتظم وتأثير تجار الذهب الكبير على قيمته.
فعلى عكس أسعار الصرف الرسمية التي يحددها البنك المركزي المصري، يعمل دولار الصاغة - وهو معيار غير رسمي يستخدمه تجار الذهب لتسعير الذهب في الأسواق المحلية - في منطقة رمادية، غير مرتبط بمؤشرات اقتصادية شفافة.
ويعكس هذا السعر سعرًا داخليًا مدفوعًا بالسوق، وغالبًا ما يتجاهل الاتجاهات العالمية والسياسات النقدية المحلية.
دولار الصاغة حيلة تجار الذهب لرفع سعر الذهب
وفي الأشهر الأخيرة، برز اتجاه غريب، فعلى الرغم من الانخفاض الملحوظ في أسعار الذهب العالمية، اختار تجار الذهب في مصر رفع سعر دولار الصاغة.
وأنشأ التجار مجموعات على تطبيق تليجرام يتبادلون بينهم سعر دولار الصاغة وبدوره ينعكس على سعر جرام الذهب في مصر.
ويبدو أن هذه الخطوة استراتيجية مدروسة لتجنب انخفاض سعر جرام الذهب في الأسواق المحلية ففي العادة، يؤدي انخفاض أسعار الذهب العالمية إلى انخفاض الأسعار المحلية، مما يوفر بعض الراحة للمستهلكين.
الحفاظ على ارتفاع أسعار الذهب المحلية
ومع ذلك، من خلال رفع سعر دولار الصاغة، تمكن التجار من الحفاظ على ارتفاع أسعار الذهب المحلية، محافظين على هوامش ربحهم على حساب استقرار السوق وثقة المستهلك.
ويُشكل هذا التلاعب مخاطر جسيمة على الاقتصاد ككل:
أولاً، يُقوّض جهود البنك المركزي المستمرة لتحقيق استقرار سعر الصرف وتعزيز الشفافية في التعاملات النقدية.

توحيد أسعار الصرف والحد من تأثير تقلبات السوق الموازية
وقد نفّذ البنك المركزي سلسلة من الإجراءات النقدية الهادفة إلى توحيد أسعار الصرف والحد من تأثير تقلبات السوق الموازية ومع ذلك، لا يزال تجار الذهب يعملوت بما يسمى “دولار الصاغة” خارج هذه الأطر، مما يُنشئ فعلياً عملةً موازيةً تتعارض مع السياسة الرسمية.
ثانياً، يُسهم هذا السلوك التسعيري في حالة من عدم اليقين في سوق الصرف الأجنبي وبما أن الدولار الأمريكي غالباً ما يتجاوز سعر الصرف الرسمي، فإنه يُرسل إشارات متضاربة إلى المستثمرين وعامة الناس وهذا التباين يُغذي المضاربة وقد يدفع الطلب على العملات الأجنبية في السوق السوداء، مما يُضعف الجنيه المصري أكثر ويضغط على السعر الرسمي.
علاوة على ذلك، يُشكّل التضخم المُصطنع في أسعار الذهب ضغطاً مالياً إضافياً على المستهلكين المصريين، وخاصةً أولئك الذين يتطلعون إلى شراء الذهب لحفلات الزفاف أو الادخار أو الاستثمار ولطالما كان الذهب ملاذاً آمناً في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، ولكن عندما يتم التلاعب بسعره، فإنه يفقد دوره كمخزن موثوق للقيمة بالنسبة للمواطنين العاديين.
غياب الرقابة التنظيمية في قطاع الذهب
ويُجادل البعض بأن غياب الرقابة التنظيمية في قطاع الذهب يسمح باستمرار هذه الممارسات، فبدون آلية لمواءمة دولار الصاغة مع سعر الصرف الرسمي أو تحركات السوق العالمية، يتمتع التجار بحرية التصرف بما يخدم مصالحهم الخاصة، حتى لو تعارض ذلك مع الأولويات الاقتصادية الوطنية.
ولمعالجة هذه المشكلة، يُعدّ تعزيز التنسيق بين البنك المركزي والهيئات التنظيمية المالية وقطاع تجارة الذهب أمرًا بالغ الأهمية ومن شأن إدخال الشفافية في تسعير الذهب وفرض ضوابط أكثر صرامة على معايير الصرف غير الرسمية، مثل دولار الصاغة، أن يُسهم في استعادة التوازن في السوق.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.