أخبار عاجلة
بالدي يرفض فسخ عقده مع الرجاء -
حضور عربي غير مسبوق في مجمع الكرادلة -

الصراع في شرق الكونغو وتحديات مكافحة الإرهاب

الصراع في شرق الكونغو وتحديات مكافحة الإرهاب
الصراع في شرق الكونغو وتحديات مكافحة الإرهاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تطور ميداني لافت، أفادت مصادر إعلامية كونغولية بأن حركة "23 مارس" المسلحة كثّفت من تحركاتها العسكرية خلال الأيام الأخيرة على طريق RP529 الاستراتيجي، في منطقة واليكالي الواقعة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبحسب التقارير، شنت الحركة هجومًا جديدًا لاستعادة السيطرة على مشيخة كازيبا الواقعة جنوب مدينة بوكافو، في إقليم جنوب كيفو، في مؤشر على استمرار التصعيد العسكري في تلك المنطقة المضطربة.

وفي تطور متصل، هاجمت ميليشيات محلية يُزعم ارتباطها ببعض مكونات الائتلاف الحاكم بقيادة الرئيس فيليكس تشيسكيدي، مقر الحزب السياسي التابع للرئيس السابق جوزيف كابيلا في العاصمة كينشاسا، ما يعكس تصاعد حالة الاستقطاب السياسي والأمني في البلاد.

وتأتي هذه التطورات في سياق حالة من الفوضى الأمنية التي تشهدها مناطق شرقي الكونغو الديمقراطية، حيث تتداخل مصالح القوى الإقليمية والمحلية، وتتصاعد المخاوف من عودة البلاد إلى دوامة العنف المزمن، وسط اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بتأجيج النزاعات واستغلال الميليشيات لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

اشتباكات دامية 

شنت حركة "23 مارس" المسلحة هجومًا واسعًا في محاولة لاستعادة السيطرة على مشيخة كازيبا، الواقعة جنوب مدينة بوكافو في إقليم جنوب كيفو. وأفاد صحفي كونغولي مستقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي في 23 أبريل أن الحركة خاضت اشتباكات عنيفة مع مقاتلي وازاليندو الموالين للحكومة الكونغولية، إلى جانب قوات بوروندية، في خطوط التماس الأمامية ضمن مرتفعات نائية تمتد بين كازيبا والطريق السريع RN5.

وتشير التقارير إلى أن "23 مارس" هاجمت مواقع وازاليندو في مرتفعات كامانيولا في 17 أبريل، وتمكنت لاحقًا من طردهم من عدد من القرى جنوب نيانجيزي في 22 من الشهر ذاته، بعد أن عززت وجودها العسكري في نيانجيزي ومناطق ريفية أخرى جنوب بوكافو منتصف أبريل.

نتيجة لهذه العمليات، فرّ مقاتلو وازاليندو وعدد من سكان بلدة كازيبا في اتجاهين: الأول نحو بلدة لوفونغي جنوب كامانيولا على الطريق السريع RN5، والثاني نحو قريتين في منطقة والونغو الواقعة غرب كازيبا بالقرب من الطريق السريع RN2.

ووفقًا للصحفي المحلي، تهدف حركة "23 مارس" إلى استعادة بلدة كازيبا بالكامل، إلا أن القوات البوروندية لا تزال متمركزة وتخوض مواجهات متواصلة مع الحركة المسلحة. وكانت هذه القوات، إلى جانب وازاليندو، قد نجحت في منتصف مارس الماضي في استعادة كازيبا من قبضة "23 مارس"، مستفيدة من نقص إمدادات الحركة التي اضطرت للانسحاب جنوبًا عبر الغابات باتجاه بلدة مينمبوي في أقصى جنوب إقليم جنوب كيفو.

اشتبك متمردو تويروانيهو الموالون لحركة 23 مارس مع مقاتلي وازاليندو في عدة قرى بمقاطعة فيزي جنوب كيفو الجنوبية. وأفادت صحيفة كيفو مورنينج بوست الكونغولية أن متمردي تويروانيهو اشتبكوا مع وازاليندو في قطاع موتامبالا بمقاطعة فيزي في 23 أبريل. يشمل قطاع موتامبالا تقريبًا المنطقة الواقعة بين باراكا وتقاطع الطريقين RP527 وRN5 بالقرب من مدينة فيزي.

التصعيد الميداني

كثّفت حركة "23 مارس" المسلحة من وجودها العسكري في منطقة واليكالي، شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أفادت وسائل إعلام محلية أن الحركة كانت تحشد قواتها ومعداتها خلال الأيام الماضية على طول طريق RP529، في مؤشر على استعدادها لشنّ هجوم واسع النطاق.

وذكرت وكالة "راديو أوكابي" الكونغولية في 23 أبريل أن "23 مارس" قامت بـ"تكثيف نشر رجالها وأسلحتها" في قرية قريبة من بلدة كيباتي على الطريق ذاته، فيما نقلت وكالة "أوراغان" المحلية عن مصادر أهلية تأكيدها وجود "تعزيزات ضخمة" للحركة بالقرب من كاسوبو، التي تقع على مسافة نحو 12 ميلًا شرق كيباتي.

وبحسب التقارير، تمكّنت القوات الموالية للحكومة الكونغولية من صدّ تقدم مقاتلي "23 مارس" على طريق RP529 ودفعهم للتراجع مسافة ميل واحد على الأقل نحو كيباتي، في 22 أبريل.

في سياق ميداني متصل، اشتبكت حركة "23 مارس" مع مقاتلي وازاليندو الموالين للحكومة في قريتي كيشيبيري وكاتوندا، الواقعتين في منطقة نائية جنوب مقاطعة ماسيسي، وذلك وفق ما أوردته صحيفة "كيفو مورنينج بوست" في 23 أبريل. وتبعد كاتوندا حوالي 24 ميلًا جنوب مدينة روبايا المنجمية، فيما لم تتمكن المصادر من تحديد موقع كيشيبيري بدقة. وتشير التقارير إلى أن الاشتباكات في هذه المنطقة مستمرة منذ أكثر من أسبوعين، وسط أنباء عن سيطرة "23 مارس" على عدد من القرى دون تحديد عددها.

تصاعد التوترات 

شهدت العاصمة الكونغولية كينشاسا توترًا سياسيًا حادًا، بعد أن هاجمت ميليشيات محلية يُزعم ارتباطها بالائتلاف الحاكم للرئيس فيليكس تشيسكيدي، مقر حزب "الشعب من أجل إعادة الإعمار والديمقراطية" (PPRD) التابع للرئيس السابق جوزيف كابيلا. وأفاد الحزب، عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي في 23 أبريل، أن الميليشيات اقتحمت المقر، ونهبته، واعتدت على عدد من مسؤوليه، بل واختطفت عددًا غير محدد منهم. ووصف الحزب الهجوم بأنه "عملية قمع سياسي مخطط لها"، في إشارة إلى تصعيد خطير في الصراع السياسي الداخلي.

وفي سياق إقليمي متصل، التقى مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، بوزير الخارجية القطري في 22 أبريل. وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن اللقاء ركز على مناقشة "استراتيجيات السلام والأمن، وتعزيز التعاون الاستثماري في قطاع التعدين" بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتأتي هذه التحركات في وقت تواصل فيه قطر جهودها الدبلوماسية، متوسطة في محادثات سلام منفصلة بين كينشاسا وكل من رواندا وحركة "23 مارس"، في محاولة لنزع فتيل الأزمة المتصاعدة شرق البلاد.

ويُذكر أن المفاوضات السابقة بين الكونغو ورواندا، التي جرت بوساطة أفريقية ودولية، لم تُسفر عن نتائج ملموسة، وظل تنفيذ وقف إطلاق النار هشًا، مع استمرار الاتهامات المتبادلة بخرقه. وتُعدّ الوساطة القطرية الحالية محاولة جديدة لإعادة الطرفين إلى طاولة الحوار، خاصة في ظل تصاعد العمليات العسكرية لحركة "23 مارس" وتورطها في اشتباكات دامية مع القوات الحكومية والميليشيات المحلية، ما يُهدد بجرّ المنطقة إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.

23 مارس أهدافها واستراتيجيتها العسكرية الجديدة

منذ عودتها إلى واجهة الصراع شرق الكونغو الديمقراطية في أواخر عام 2021، أعادت حركة 23 مارس (M23) ترتيب صفوفها وتحديث استراتيجيتها العسكرية بما يتناسب مع المتغيرات الميدانية والتحولات الإقليمية. تهدف الحركة، التي تضم في صفوفها مقاتلين من التوتسي الكونغوليين، إلى فرض نفسها كقوة أمر واقع في إقليم شمال وجنوب كيفو، تحت ذريعة حماية مصالح التوتسي والدفاع عنهم ضد التهميش والاعتداءات، في ظل اتهامات مستمرة للحكومة الكونغولية بالفشل في دمجهم سياسيًا وأمنيًا. وتتجاوز أهداف إم23 الطابع الإثني إلى سعيها لإعادة طرح نفسها فاعلًا تفاوضيًا قويًا، يفرض شروطه عبر السيطرة على الأرض وقطع طرق الإمداد الحيوية، تمهيدًا لفرض حضورها في أية تسوية سياسية قادمة.

أما على المستوى الميداني، فقد أظهرت إم23 تطورًا لافتًا في تكتيكاتها العسكرية، حيث تحولت من أسلوب "الكمائن والهجمات المحدودة" إلى شن عمليات واسعة النطاق تستهدف مناطق استراتيجية مثل كازيبا، كامانيولا، وطريق RP529 الحيوي. وتُظهر الحركة قدرة لوجستية عالية في نقل الإمدادات والمقاتلين عبر ممرات جبلية وغابية صعبة، ما مكّنها من تجاوز خطوط الدفاع الحكومية والميليشيات المحلية، وفرض سيطرتها على قرى وبلدات بشكل متسارع. كما يُلاحظ اعتمادها المتزايد على حرب التحريك والتشتيت، من خلال فتح جبهات متعددة في توقيت متزامن، الأمر الذي يُربك القوات النظامية ويُضعف من قدرتها على الرد الفعّال. كل ذلك يُشير إلى تحول إم23 من مجرد حركة تمرد محلية إلى لاعب مسلح إقليمي يمتلك أجندة سياسية واضحة وأدوات عسكرية متطورة.

لطالما أحاط الغموض علاقة حركة 23 مارس برواندا، حيث تتهم حكومة الكونغو كيغالي بدعم الحركة عسكريًا ولوجستيًا، وهي اتهامات دعمتها تقارير خبراء أمميين تحدثت عن تقديم رواندا أسلحة ومقاتلين وتسهيلات لوجستية لإم23، بهدف تعزيز نفوذها في منطقة البحيرات العظمى وخلق منطقة عازلة على حدودها. ورغم نفي رواندا المتكرر لهذه الاتهامات، إلا أن طبيعة التسليح المتطور الذي تحمله قوات إم23، وانتقالها المنظم بين الجبهات، يعزز هذه الشبهات. دوليًا، يتسم الموقف بالتذبذب؛ ففي الوقت الذي تُدرج فيه إم23 ضمن الحركات المتمردة التي تهدد استقرار الكونغو، تتجنب العديد من الأطراف الغربية – خاصة فرنسا والولايات المتحدة – توجيه إدانة مباشرة لرواندا، نظرًا لحساسيات العلاقة معها ودورها الإقليمي. وفي المقابل، تسعى دول مثل قطر إلى لعب دور الوسيط دون الانحياز لأي طرف، ما يفتح باب التساؤل حول قدرة المجتمع الدولي على فرض تسوية حقيقية في ظل هذا الغموض والتناقض في المواقف.

الديناميكيات الجديدة للميليشيات المحلية (وازاليندو كمثال)

برزت ميليشيا "وازاليندو" في المشهد الأمني شرق الكونغو الديمقراطية كقوة محلية ناشئة ذات طابع مجتمعي، تدّعي الدفاع عن السكان الأصليين في وجه تهديدات الحركات المتمردة وعلى رأسها إم23، متهمةً الأخيرة بأنها أداة أجنبية تهدف إلى السيطرة على الأرض وتغيير التركيبة السكانية. وازاليندو، التي تُترجم تسميتها بـ"الوطنيين"، تتكوّن أساسًا من مقاتلين محليين معظمهم من أبناء قبائل البانتو، وتستند إلى شبكة دعم شعبي في القرى الريفية، ما يمنحها هامش حركة واسعًا وقدرة على تجنيد مستمر. لكن ما يميز هذه الميليشيا في طورها الجديد، هو تحوّلها من مجرد مجموعات دفاع ذاتي عشوائية إلى كيان شبه منظّم ينسّق مع الجيش الكونغولي في بعض المناطق، ما يفتح تساؤلات حول حدود استقلالها ودرجة توظيفها سياسيًا.

في المقابل، تطرح وازاليندو تحديًا معقدًا للسلطة المركزية، ليس فقط بسبب قاعدتها الشعبية واتساع رقعتها الجغرافية، بل لأنها تُعبّر عن حالة "عسكرة المجتمعات" التي طالما غذّتها هشاشة الدولة وتراجع الثقة في الجيش النظامي. تتهم بعض التقارير هذه الجماعات بارتكاب تجاوزات بحق المدنيين في المناطق المختلطة إثنيًا، ما يزيد من خطر انزلاقها إلى دائرة الصراع الإثني أو استخدام أطراف سياسية لها كأدوات ضغط. وازاليندو، بهذا المعنى، ليست فقط رد فعل على وجود إم23، بل تعبّر عن أزمة أعمق تتعلق بغياب مشروع وطني جامع للأمن والتنمية. ما يجعل من إعادة دمج هذه الميليشيات ضمن منظومة الدولة أو تفكيكها، أحد أعقد تحديات ما بعد النزاع، إذا ما كتب لمفاوضات السلام أن تنجح.

يشكّل الصعود المتسارع لميليشيات مثل وازاليندو عامل إرباك رئيسي في مسار الوساطات الدولية، خاصة تلك التي تسعى إلى بناء مسار حوار ثنائي بين كينشاسا وحركة إم23، برعاية أطراف مثل قطر والاتحاد الإفريقي. فوازاليندو، باعتبارها فاعلًا مسلحًا لا يخضع بالكامل لسيطرة الدولة، تعرقل أي تصور لحل سياسي مستقر إذا لم تُؤخذ في الحسبان كطرف مستقل يمتلك مصالح وتصورات للصراع مختلفة عن الحكومة المركزية. كما أن طبيعة هذه الميليشيا، بوصفها تجسيدًا لغضب مجتمعي عميق، يضع الوسطاء الدوليين أمام معضلة: هل يتم دمجها في العملية السياسية أم تحييدها؟ وفي كلا الحالتين، فإن تجاهل وازاليندو وغيرها من الجماعات المشابهة سيبقي احتمالات الانفجار الأمني قائمة، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق رسمي مع إم23. ما يفرض على الدبلوماسية الدولية إعادة تقييم أدواتها، وتوسيع دائرة المشاورات لتشمل الفواعل المحلية غير التقليدية، في محاولة لإنتاج سلام شامل لا يستثني أحدًا.

 

تأثير الصراع على المدنيين والمشهد الإنساني

يشكل الصراع المستمر في شرق الكونغو الديمقراطية تحديًا بالغ الأهمية للمجتمع الدولي، ليس فقط من ناحية التداعيات الأمنية والإقليمية، بل أيضًا من منظور حقوق الإنسان. فقد أظهرت الأزمة الإنسانية تفشي الأزمات المترتبة على النزوح الجماعي، سواء في مخيمات اللاجئين أو بين النازحين داخليًا، حيث أصبحت هذه الأزمات تتطلب استجابة دولية منسقة وعاجلة. وقد فشلت المساعدات الإنسانية في تلبية احتياجات الملايين من الأشخاص المتضررين نتيجة للقيود المفروضة على الوصول الأمني إلى المناطق المتأثرة، فضلًا عن تزايد العنف المستمر ضد العاملين في المجال الإنساني. ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن الصراع يعكس فشلًا واسعًا في استراتيجيات الوساطة الدبلوماسية التي لم تنجح في إحراز تقدم فعلي نحو السلام المستدام.

من هنا، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات أكثر فعالية لمواجهة هذه الأزمة، ويشمل ذلك الضغط على الأطراف المتصارعة لضمان حماية المدنيين، وتفعيل آليات الإغاثة الإنسانية بشكل يضمن سلامة العاملين في هذا المجال. كما ينبغي تشجيع التنسيق بين الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، ومنظمات المجتمع المدني لتوسيع نطاق تدخلاتهم الإنسانية لتشمل المناطق النائية التي لا تصلها المساعدات. ويجب أن يرتكز أي حل طويل الأمد على تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول المعنية مثل الكونغو الديمقراطية ورواندا وأوغندا، بالإضافة إلى دعم آليات العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية التي تضمن استعادة الثقة بين الأطراف المتنازعة. في النهاية، لا يمكن للعالم أن يتجاهل مسؤولياته في هذا النزاع، بل يجب أن يتحرك بشكل حاسم لدعم استقرار الكونغو ووقف معاناة المدنيين.

 

خاتمة

إن الصراع المستمر في شرق الكونغو الديمقراطية، والذي يشهد تدخل العديد من الفصائل المسلحة مثل حركة إم23 وميليشيات وازاليندو، قد حول المنطقة إلى ساحة معركة تشهد تزايدًا في التوترات الاجتماعية والسياسية. ففي وقت تعاني فيه المجتمعات المحلية من ويلات النزاع والنزوح، يظل غياب الاستقرار والمصالحة أكبر عائق أمام أي مساعي نحو بناء السلام. فالواقع اليوم في الكونغو يعكس صورة مؤلمة من التدمير المجتمعي، وتفشي الفقر، وتزايد معاناة المدنيين الذين هم الحلقة الأضعف في هذه الصراعات الإقليمية.

من جهة أخرى، فإن من أبرز الآثار التي يخلّفها هذا الصراع هو تعميق ظاهرة الإرهاب في المنطقة. حيث تجذب الهجمات العسكرية المستمرة والحروب الأهلية بين الجماعات المسلحة، بالإضافة إلى الفراغ الأمني الذي يسود العديد من المناطق، مجندين جدد من السكان المحليين الذين يتحولون إلى أدوات في أيدي الجماعات الإرهابية. ففي ظل غياب حكومة فعالة وأجهزة أمنية قادرة على ضبط الأوضاع، يستغل التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة هذا الفراغ لتنفيذ عمليات إرهابية وفرض سيطرتها على بعض المناطق. كما أن انعدام الأمن وتدمير البنية التحتية يوفر بيئة مثالية لنمو خلايا إرهابية تنشط في عمليات التدريب، تمويل الأنشطة الإرهابية، وتجنيد المتطرفين.

تزامنًا مع هذا التصاعد في الإرهاب، نشهد تنامي قدرة الجماعات المسلحة على استغلال الدين لتبرير أعمال العنف، حيث تقوم العديد من الحركات المتطرفة في المنطقة بتوظيف الخطاب الديني لتوسيع قاعدة مؤيديها وجذب الشباب المغرر بهم إلى صفوفها. الصراع في الكونغو، بما يحمل من بعد ديني وإثني، يعزز هذه الظاهرة، حيث تساهم في تكريس الانقسامات الطائفية والإثنية، الأمر الذي يجعل من الصعب تحقيق أي نوع من السلام الشامل في المستقبل القريب. كما أن الجماعات الإرهابية تعتمد على الشعور بالظلم الاجتماعي والاقتصادي لزرع بذور التطرف في المجتمعات الضعيفة، مما يوسع دائرة العنف والإرهاب في المنطقة.

وفي الختام، يبقى الوضع في شرق الكونغو يتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لمكافحة تفشي الإرهاب وتحقيق السلام المستدام. إن استجابة المجتمع الدولي يجب أن تشمل تقديم دعم حقيقي للجهود الأمنية، تعزيز آليات المفاوضات، ودعم بناء المؤسسات الحكومية المحلية التي يمكن أن تفرض النظام في المناطق المتضررة. إلا أن هذه الجهود لن تكون فعّالة دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع، والتي تشمل الفقر، التهميش السياسي، والنزاعات العرقية. بناءً على ذلك، ينبغي أن يكون الحل شاملًا ويمتد إلى الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لإعادة بناء الأمل في المنطقة ووقف دوامة العنف المستمرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق فريق "كازا سترييت" يطور الحبكة
التالى ماتيتش يفتح النار على أونانا: من أسوأ حراس مانشستر يونايتد في التاريخ