أخبار عاجلة
حبس المتهم بسرقة محل في بورسعيد -

"أحقاد قاتلة وخوف متجدد".. عصابات مسلحة متجولة تجتاح مدينة سورية

"أحقاد قاتلة وخوف متجدد".. عصابات مسلحة متجولة تجتاح مدينة سورية
"أحقاد قاتلة وخوف متجدد".. عصابات مسلحة متجولة تجتاح مدينة سورية

في ظل الفوضى التي تعصف بسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، تنتشر عصابات مسلحة متجولة في عدد من المدن، حيث تزرع الخوف وتعمق الانقسامات بين السكان. 

وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن هذه العصابات، التي تغذيها أحقاد قديمة وصراعات طائفية، تهدد استقرار المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، وتعيق جهود إعادة بناء البلاد. يسلط هذا المقال الضوء على واقع هذه العصابات، دوافعها، وتأثيرها على المجتمع السوري، مع التركيز على التحديات التي تواجهها الحكومة المؤقتة في مواجهة هذه الظاهرة.

انتشار العصابات المسلحة
منذ تسلم هيئة تحرير الشام الحكم في دمشق، شهدت المدن السورية، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة، تصاعدًا في أعمال العنف التي تقودها عصابات مسلحة متجولة.

هذه العصابات، التي تتكون غالبًا من مقاتلين سابقين أو ميليشيات محلية، تنفذ عمليات خطف، قتل، وابتزاز مالي بحق المدنيين. 

وفقًا لتقرير نشرته بي بي سي، فإن هذه الأعمال الانتقامية تستهدف أحيانًا أفرادًا مرتبطين بالنظام السابق، لكنها غالبًا ما تطال مدنيين أبرياء، مما يعزز حالة الخوف ويمنع عودة اللاجئين السوريين من الخارج.

وتتميز هذه العصابات بانعدام التنظيم المركزي، حيث تعمل كمجموعات مستقلة تسعى لفرض سيطرتها على الأحياء أو المناطق الريفية. تستغل هذه الجماعات الفجوة الأمنية الناتجة عن انهيار مؤسسات الدولة، وتستفيد من الأسلحة المنتشرة بكثرة بعد سنوات من الحرب الأهلية. 

تشير تقارير إلى أن بعض هذه العصابات تتلقى دعمًا غير مباشر من فصائل مسلحة أو جهات خارجية تسعى لزعزعة استقرار الحكومة المؤقتة.

أحقاد قاتلة تغذي العنف

تعود جذور العنف الذي تمارسه هذه العصابات إلى أحقاد طائفية واجتماعية تراكمت خلال عقود من الحكم الاستبدادي والحرب الأهلية. 

وفقًا لتحليل نشرته "نيويورك تايمز"، فإن العديد من هذه العصابات تتكون من أفراد يسعون لتصفية حسابات شخصية أو طائفية، مستغلين غياب سلطة قانونية قوية. 

على سبيل المثال، في مدن مثل حمص وحلب، سجلت حالات استهداف لأفراد من طوائف معينة بسبب انتماءاتهم السابقة أو دورهم المزعوم في دعم النظام.

وأشارت التايمز إلى أن هذه الأحقاد ليست جديدة، بل تعود إلى أحداث تاريخية مثل مذبحة حماة عام 1982، التي وثقتها تقارير دولية بوصفها نقطة تحول في العلاقات بين الطوائف السورية. 

كما أن الحرب الأهلية، التي استمرت لأكثر من عقد، عمقت هذه الانقسامات، حيث أدت إلى نزوح ملايين السوريين وتدمير البنية التحتية، مما خلق بيئة خصبة لنمو هذه العصابات. ومع استمرار الفراغ الأمني، أصبحت هذه المجموعات تهديدًا مباشرًا لأي محاولة لإعادة الاستقرار.

تحديات الحكومة المؤقتة

تواجه الحكومة المؤقتة، بقيادة هيئة تحرير الشام، تحديات جمة في التصدي لهذه العصابات. أول هذه التحديات هو غياب قوات أمنية موحدة قادرة على فرض القانون. 

وفقًا لتقرير نشرته "بي بي سي"، فإن الفصائل المسلحة التي تشكل العمود الفقري للحكومة المؤقتة غالبًا ما تكون منقسمة في ولاءاتها، مما يعيق تشكيل قوة شرطة مركزية. كما أن نقص الموارد المالية يحد من قدرة الحكومة على بناء مؤسسات أمنية فعالة.

ثانيًا، تسعى هذه العصابات إلى استغلال الفوضى لتعزيز نفوذها الاقتصادي. تشير تقارير إلى أن بعض العصابات تسيطر على طرق تجارية رئيسية، وتفرض رسومًا غير قانونية على التجار والمدنيين. هذا الوضع يفاقم معاناة السكان، الذين يعانون أصلًا من نقص المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود.

ثالثًا، تواجه الحكومة المؤقتة ضغوطًا دولية للحد من العنف وإثبات قدرتها على الحكم. الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عبرت عن قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف الانتقامي، وطالبت باتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه العصابات. ومع ذلك، فإن محدودية الدعم الدولي للحكومة المؤقتة تجعل هذه المهمة شبه مستحيلة في الوقت الحالي.

تأثير العصابات على المجتمع السوري

لقد خلفت هذه العصابات أثرًا مدمرًا على النسيج الاجتماعي السوري. في مدن مثل دير الزور وحماة، أدت أعمال العنف إلى نزوح داخلي جديد، حيث يفر السكان من مناطقهم خوفًا من القتل أو الخطف. كما أن انتشار الخوف يمنع عودة اللاجئين السوريين من دول مثل تركيا ولبنان، مما يعرقل جهود إعادة الإعمار.

علاوة على ذلك، فإن تصاعد العنف الطائفي يهدد بإعادة إشعال الصراعات القديمة، مما قد يؤدي إلى تقسيم المجتمع السوري بشكل دائم. تشير تقارير إلى أن بعض العصابات تستخدم الخطاب الطائفي لتبرير أعمالها، مما يزيد من حالة الاستقطاب بين المجتمعات المحلية.

استمرار المخاوف.. ما هي الآفاق؟

في ظل الوضع الحالي، يبدو أن التصدي لهذه العصابات يتطلب جهودًا منسقة على عدة مستويات. أولًا، يجب على الحكومة المؤقتة العمل على توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة مركزية، وتدريب قوات أمنية قادرة على فرض القانون. ثانيًا، هناك حاجة ماسة إلى دعم دولي، سواء من خلال تمويل برامج إعادة الإعمار أو تقديم مساعدات فنية لتطوير مؤسسات الدولة.

ثالثًا، يتعين على المجتمع الدولي لعب دور أكبر في معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، بما في ذلك دعم برامج المصالحة الوطنية التي تهدف إلى معالجة الأحقاد الطائفية والاجتماعية. بدون هذه الجهود، فإن سوريا قد تنزلق إلى مرحلة جديدة من الفوضى، تهدد ليس فقط استقرارها الداخلي، بل وأمن المنطقة بأسرها.

وتمثل العصابات المسلحة المتجولة في سوريا تهديدًا خطيرًا لمستقبل البلاد، حيث تغذيها أحقاد قاتلة وتستغل حالة الفراغ الأمني. تعكس هذه الظاهرة التحديات العميقة التي تواجهها سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، بما في ذلك غياب مؤسسات الدولة والانقسامات الطائفية.

 لمواجهة هذا الخطر، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الحكومة المؤقتة والمجتمع الدولي لفرض الأمن، معالجة الأسباب الجذرية للعنف، وإعادة بناء الثقة بين السوريين. في غياب هذه الجهود، سيظل الخوف والفوضى يهيمنان على المشهد السوري.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عاجل.. وزير الخارجية: نتطلع لصرف 4 مليارات يورو الشريحة الثانية من الحزمة الأوروبية
التالى كيف ستتصرف مصر حال اشتعلت الأوضاع في المنطقة؟.. مصطفى بكري يوضح