أخبار عاجلة

مأساة.. قصة عروس في غزة فقدت خطيبها قبل الزفاف بيوم واحد

مأساة.. قصة عروس في غزة فقدت خطيبها قبل الزفاف بيوم واحد
مأساة.. قصة عروس في غزة فقدت خطيبها قبل الزفاف بيوم واحد

بات قطاع غزة، الذي يأوي أكثر من مليوني فلسطيني، ساحة تتداخل فيه الفرحة والحزن وسط الصراع المستمر والمعاناة. 

وتُعد مناسبات الزفاف من الأوقات النادرة للاحتفال في هذه المنطقة المحاصرة، حيث تحمل دلالات عميقة للأمل والصمود. 

وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، بالنسبة للعديد من العرائس في غزة، تتحطم لحظات السعادة المنتظرة بسبب العنف المتواصل الذي يهيمن على حياة المنطقة.

وأفردت بي بي سي وورلد سيرفس، مساحة لنشر قصة ملك أبو العمرين، امرأة نازحة في غزة فقدت خطيبها أحمد غراب قبل ساعات من زفافهما، تجسد الحسرة والصمود للكثيرين غيرها، وقد أبرز تقرير بي بي سي تفاصيل دقيقة، لإبراز الثمن البشري للصراع المستمر في غزة.

حلم مجهض: قصة ملك وأحمد

ملك أبو العمرين، شابة نازحة بسبب الحرب المستمرة في غزة، كانت تستعد لما كان يُفترض أن يكون أسعد يوم في حياتها. خططت هي وخطيبها أحمد غراب لزفافهما بعناية، كمنارة أمل وسط الفوضى المحيطة بهما. 

وفقًا لتقرير بي بي سي،  كان أحمد قد وعد ملك قائلًا: "سأستبدل كل دمعة ذرفتيها بالسعادة والفرح." لكن في ليلة زفافهما في دير البلح، استهدفت غارة جوية إسرائيلية منزل أحمد، مما أدى إلى استشهاده قبل سبع سعات فقط من موعد الزفاف. تُركت ملك في حالة انهيار، وتبخرت أحلامها بمستقبل مشترك في لحظة.

مأساة ملك وأحمد ليست حادثة معزولة، بل جزء من نمط أوسع في غزة، حيث غالبًا ما يطغى العنف على فرحة مناسبات الزفاف. تسلط قصتهما، التي وثقتها وسائل إعلام مثل بي بي سي، الضوء على هشاشة الحياة في القطاع. 

تعكس كلمات ملك، المقتبسة من منشور على منصة إكس، حزنها العميق: "قال لي إنه لن يتركني، لكنه رحل." هذه المشاعر تعكس تجارب العديد من عرائس غزة اللواتي واجهن خسائر مماثلة، حيث تتعطل خطط الحب والأسرة بسبب الغارات الجوية والحصار والصعوبات الاقتصادية.

سياق الصراع

ومن أجل فهم أعمق لمعاناة العرائس مثل ملك، يجب النظر إلى السياق الأوسع للصراع المستمر في غزة. منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن استشهاد حوالي 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، كان الرد العسكري الإسرائيلي مدمرًا. 

وفقًا لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 24،760 فلسطينيًا، وأصيب ونزح عشرات الآلاف. حول القصف أحياء بأكملها إلى أنقاض، مما أجبر عائلات مثل عائلة ملك على اللجوء إلى مخيمات مؤقتة أو ملاجئ مكتظة.

تُعد مناسبات الزفاف  في غزة ركيزة ثقافية، غالبًا ما تتضمن تقاليد متقنة مثل "الطلبة" (حيث تطلب عائلة العريس يد العروس رسميًا) و"الزفة" (موكب مفعم بالموسيقى والرقص). هذه الاحتفالات ليست مجرد مراحل شخصية، بل أحداث مجتمعية تعزز الروابط الاجتماعية والهوية الثقافية. ومع ذلك، جعل الحصار الذي فرضته إسرائيل منذ عام 2007، إلى جانب العمليات العسكرية المتقطعة، مثل هذه الاحتفالات رفاهية. معدلات البطالة المرتفعة - 73.9% بين الشباب وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني—ومحدودية الوصول إلى الموارد تعني أن العديد من الأزواج يكافحون لتحمل تكاليف مراسم متواضعة.

عرائس أخريات، مآسٍ أخرى

قصة ملك هي واحدة من بين العديد. في عام 2021، استشهدت شيماء أبو العوف في غارة جوية إسرائيلية على منزل عائلتها في شارع الوحدة بمدينة غزة، قبل أيام من زفافها إلى أنس اليازجي. كان الزوجان قد أنهيا تجهيز شقتهما، يستعدان لحياة مشتركة بعد عيد الفطر.

 روى أنس لصحيفة "ذا نيو آراب" آخر محادثة له مع شيماء، التي كانت مرعوبة من أصوات القنابل. بعد لحظات، قطع انفجار هائل المكالمة، واستشهدت شيماء مع العشرات من سكان المبنى.

وفي عام 2022، واجهت عبير حرب خسارة لا تُطاق عندما استشهد خطيبها إسماعيل دويك في غارة جوية إسرائيلية في رفح في 6 أغسطس، اليوم الثاني من قصف استمر ثلاثة أيام. كانت عبير، التي خطبت لإسماعيل منذ يونيو، تنتظر ست ساعات لانتشال جثمانه من تحت الأنقاض. 

قالت لـ"ميدل إيست آي": "ما زلت أشعر وكأنني في كابوس كبير. لا أريد تصديق ما حدث. إسرائيل دمرت أحلامي وسرقت فرحتي مع خطيبي." في جنازة إسماعيل، تعهدت عبير بالبقاء مخلصة له، متعهدة باللقاء في "حفل زفافنا في الجنة."

وفي حالة أخرى مؤلمة، تزوجت مريم سعيد ديب وعبد الله أبو نهل في 15 فبراير 2024، في حفل صغير في رفح. بعد يومين فقط، استهدفت غارة جوية إسرائيلية الشاليه الذي كانا يقيمان فيه، مما أدى إلى استشهادهما. 

روى والد مريم، عبد السلام سعيد ديب، لشبكة "إيه بي سي نيوز" لحظة الفرح العابرة التي جلبها الزفاف، قائلًا: "هنأناهما وصحبناهما إلى الشاليه." بعد الغارة، عاد إلى الموقع، ليجد "أشلاء" وسط الحطام. ناحت والدة مريم، غالية، قائلة: "لم يتح لها وقت لتكون سعيدة. كانت عروسًا ليومين ثم ماتت."

الصمود وسط الدمار

على الرغم من هذه المآسي، يظهر العديد من الأزواج في غزة صمودًا ملحوظًا، مختارين الاحتفال بالحب حتى في وجه الدمار. على سبيل المثال، تزوج محمد الغندور وشهد في مدينة خيام في رفح في يناير 2024. بدون موارد للاحتفال الكبير، أقاما حفلًا متواضعًا مع عدد قليل من الأقارب، مزينًا بأضواء ملونة ومرآة.

 قال محمد لرويترز: "كنت أريد حفلة. كنت أريد احتفالًا، زفافًا. كنت أريد دعوة أصدقائي وأقاربي وأبناء عمومتي، مثل أي شخص." ومع ذلك، يعكس تصميم الزوجين على إتمام زواجهما، رغم النزوح والخسارة، رفضًا للسماح للحرب بإطفاء أملهما.

وبالمثل، أقام محمود وشيماء خازق، النازحان من مدينة غزة إلى مخيم في دير البلح، زفافهما في فبراير 2024. كان من المقرر إقامة الحفل قبل ثمانية أشهر، لكن الحرب التي بدأت في أكتوبر 2023 أجلت الخطط. 

قالت شيماء للجزيرة: "كنا نحلم بزفاف في ظروف طبيعية، بفستان جميل، لكن ويلات الحرب أخذت كل شيء منا. ومع ذلك، نرفض أن ينتصر اليأس. سنحتفل، حتى وسط الدمار." حضر الحفل عشرات الفلسطينيين، وملأت الموسيقى والرقص الأجواء، في لحظة فرح عابرة في مشهد الدمار.

التأثير الأوسع على مناسبات الزفاف غزة

يمتد تأثير الحرب إلى ما هو أبعد من المآسي الفردية، ليؤثر على مؤسسة الزواج نفسها في غزة. جعلت الصعوبات الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب الحصار والصراعات المتكررة، مناسبات الزفاف  غير ميسورة التكلفة بشكل متزايد. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه مع تجاوز بطالة الشباب 60%، لجأ أزواج مثل عبد الحكيم زغبور وفلسطين طناني إلى التمويل الجماعي لتغطية تكاليف زفافهما، جمعا 3،114 دولارًا عبر الإنترنت. 

بحلول عام 2019، أشارت "ميدل إيست آي" إلى انخفاض سنوي بنسبة 10% في طلبات الزواج، حيث سجل المجلس القضائي الأعلى في غزة 15،392 طلبًا في 2018 مقارنة بـ19،248 في 2016. تكلفة المهر (5،000–7،000 دولار) وحفلات الزفاف (حتى 6،000 دولار) باهظة بالنسبة للكثيرين، مما يجبر الأزواج على تأخير الزواج أو التخلي عنه تمامًا.

علاوة على ذلك، لا يمكن التغاضي عن الأثر النفسي للعيش تحت تهديد مستمر. كتبت عروس لموقع "فلسطين ديب دايف" في عام 2023 عن خوفها من أن تصبح "عروس شهيدة" مثل دانيا عدس، التي استشهدت في هجوم إسرائيلي. كتبت: "منذ الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، أخاف أن أكون العروس الشهيدة التالية. أفكر في هذا ليل نهار." هذا القلق المنتشر، إلى جانب الدمار المادي للمنازل وأماكن الاحتفال، يعطل الأهمية الثقافية والعاطفية للزفاف، محولًا لحظات الفرح إلى تذكيرات بالهشاشة.

واشارت البوست إلى أن قصص ملك، شيماء، عبير، مريم، وغيرهن ليست مجرد حكايات، بل هي إدانات للثمن البشري للصراع الممتد. عرائس غزة، اللواتي يحلمن بفساتين بيضاء واحتفالات مبهجة، يواجهن بدلًا من الخسارة، النزوح، والحزن. ومع ذلك، فإن صمودهن - الذي يتجلى في زفاف الخيام، والاحتفالات المصغرة، والالتزام الثابت بالحب - يتحدث عن الروح المقاومة للانهزام اللافتة للشعب الفلسطيني.

ووثقت وسائل الإعلام الغربية هذه المآسي، مقدمة نافذة على حياة عرائس غزة. وتحدي حساباتهن المجتمع الدولي لمواجهة واقع الحياة في غزة، حيث لا تُستثنى حتى اللحظات الأكثر قداسة من العنف. بينما تتردد قصة ملك أبو العمرين عبر منشورات على إكس وتقارير إخبارية، فإنها تُعد تذكيرًا مؤثرًا: في غزة، سيستمر الحب، لكن السلام يظل بعيد المنال.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كلية علوم التغذية جامعة حلوان تنظم ندوة تثقيفية بعنوان "الصدق مع النفس"
التالى الصحة: العزلة الاجتماعية ترفع خطر الإصابة بانسداد الشرايين بنسبة 30%