الطفل في الدراما والسينما ليس مجرد ممثل صغير يؤدي دورًا محدودًا، بل يمكن أن يكون مرآة للمجتمع، وصوتًا للبراءة، وأحيانًا ناقوس خطر يدقّ قضايا مسكوت عنها.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل الفن المصري أنصف الطفل وقدم له أدوارًا حقيقية وفعّالة؟ أم أنه استعان به فقط لاستدرار الدموع وكسب تعاطف الجمهور؟
شهد الفن المصري لحظات متوهجة تألق فيها الأطفال كأبطال حقيقيين، تخطوا حدود "الكيوت" و"الحنية"، إلى عمق درامي مؤثر.
أمثلة واقعية:
فيلم "الحفيد" (1974): جسّد الطفل شخصية لها بعد نفسي وإنساني وسط زخم العلاقات الأسرية. الطفل لم يكن كمالة عدد، بل محرك للأحداث وناقلًا لمشاعر الأسرة.
فيلم "إحنا بتوع الأوتوبيس": أحد الأطفال قدّم مشهدًا قصيرًا لكن وقعه شديد الأثر، وعبّر عن واقع سياسي واجتماعي بطريقة صادمة.
مسلسل "أبو العروسة": استخدام الأطفال جاء بتوازن دقيق، عبر شخصيات طبيعية تتفاعل مع الحدث، دون مبالغة أو تلميع زائف.
الطفل كوسيلة عاطفية: اللعب على مشاعر الجمهور
في المقابل، لا تخلو الدراما والسينما من استخدام الطفل كأداة لإثارة المشاعر دون ضرورة درامية حقيقية. هذا يظهر حين يتم الزج بالأطفال في قصص حزينة، أو استخدام مرض طفل كعنصر وحيد لتحريك الأحداث.
أمثلة سلبية:
بعض أعمال رمضان الأخيرة: تُظهر أطفالًا يعانون من مرض خطير أو يتم اختطافهم، فقط لجعل الجمهور "يتعاطف"، بينما لا يُمنح الطفل مساحة حقيقية للتعبير أو التفاعل.
الإعلانات الرمضانية: في كثير من الأحيان، يُستخدم الطفل لتوجيه رسائل إنسانية بشكل مبتذل، تخدم التسويق أكثر من الفن أو الرسالة المجتمعية.
أين يقف المخرج والكاتب؟
هنا تكمن المسؤولية الكبرى. هل يُكتب الدور للطفل بوعي؟ هل يُمنح مساحة نفسية وإنسانية حقيقية؟ أم أن وجوده مجرد "إكسسوار" ضمن مشهد عاطفي؟
مخرجون كبار مثل عاطف الطيب وشريف عرفة ومحمد خان، عرفوا كيف يستخدمون الطفل كشخصية ذات كيان، لا كظل لغيره.
الطفل في الفن الحديث: بين تيك توك والتمثيل
لا يمكن تجاهل تأثير السوشيال ميديا، حيث أصبح بعض الأطفال نجومًا بسبب فيديوهاتهم، ومن ثم ينتقلون للتمثيل بلا خبرة أو توجيه. وهذا يطرح سؤالًا جديدًا: هل نُفرّغ الفن من مضمونه لصالح "التريند"؟
الخاتمة: بطل في انتظار الإنصاف
الطفل في الفن المصري، حين يُكتب له جيدًا ويُخرج له بإحساس، يصنع فرقًا هائلًا لكنه ما زال ضحية "الاستخدام"، سواء لتسويق، أو إثارة، أو استدرار دموع.
الرهان الحقيقي هو على كُتاب ومخرجين يعترفون أن الطفل ليس مجرد وسيلة، بل بطل حقيقي… ينتظر فقط من يكتب له البطولة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.