حذّر الدكتور أحمد مبروك الشيخ، مقرر لجنة الإعلام والنشر بالنقابة العامة للأطباء، من استمرار أزمة هجرة الأطباء إلى الخارج، مؤكدًا أنها تمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار وفعالية المنظومة الصحية في مصر، ليس فقط على المدى القريب، بل وعلى مستقبل الأجيال القادمة من الأطباء أيضًا.
وقال الشيخ في بيان صادر عن اللجنة، اليوم، إن المنظومة الصحية تشهد نزيفًا حادًا في الكفاءات الطبية المؤهلة، نتيجة تزايد معدلات السفر للعمل بالخارج، خاصة في ظل بيئات عمل أكثر جذبًا، من حيث التدريب والدخل والاحترام المهني، مشيرًا إلى أن دولًا عدة لم تعد تكتفي باستقدام الممارسين العامين، بل تشترط استقطاب أطباء حاصلين على تخصصات وشهادات عليا وخبرات عملية تمتد لسنوات.
وأضاف أن الأطباء المصريين يواجهون واقعًا صعبًا بعد التخرج، إذ تستمر رحلة التخصص لعدة سنوات شاقة، ليصطدموا في النهاية بظروف عمل غير مواتية، سواء من حيث الرواتب أو ساعات العمل الطويلة، أو حتى من ناحية التأمين المهني والمعنوي، مما يدفع كثيرين منهم للبحث عن فرص أفضل خارج البلاد.
وأوضح الشيخ أن تداعيات هذه الظاهرة تنعكس بشكل مباشر على جودة التدريب والتعليم الطبي، نتيجة النقص الحاد في عدد المشرفين والمدربين من ذوي الخبرة، ما يؤدي إلى خلل كبير في تأهيل الأطباء الجدد ويضعف من قدرة المستشفيات على تقديم الخدمة الطبية بكفاءة.
وأردف: رغم وجود أكثر من 350 ألف طبيب مقيد بالنقابة، فإن أكثر من نصف هذا العدد إما هاجر بالفعل أو غادر المهنة، لافتًا إلى أن المشكلة ليست في عدد الخريجين، بل في غياب السياسات الكفيلة بالحفاظ على هذه الكفاءات داخل المنظومة الصحية.
وشدد الشيخ على أن مواجهة هذه الأزمة تتطلب خطة وطنية عاجلة، تضع في أولوياتها تحسين بيئة العمل للطبيب، سواء من خلال الأجور أو التأمين أو الحماية القانونية، فضلًا عن احترام الدور المجتمعي للطبيب وتقديره ماديًا ومعنويًا.
كما أشار إلى أن الاعتماد على زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب لن يحل الأزمة، ما لم يتم اتخاذ خطوات حقيقية للحفاظ على الأطباء بعد التخرج، وتوفير بنية تحتية طبية مناسبة، تشمل مضاعفة عدد الأسِرة في المستشفيات، خصوصًا أسرّة الرعاية المركزة، لضمان الاستعداد لمواجهة أي طوارئ صحية مستقبلية.
واختتم الشيخ حديثه بالتأكيد على أن قضية هجرة الأطباء لم تعد ترفًا يمكن تأجيله، بل تمس الأمن الصحي القومي، وتستوجب تحركًا عاجلًا من جميع مؤسسات الدولة.
