في خطوة تعكس زخمًا إيجابيًا في سوق العمل المصري، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% خلال الربع الثاني من عام 2025 (أبريل - يونيو)، بانخفاض 0.2% عن الربع السابق.
وهذا الانخفاض، الذي يعد الأدنى منذ عقود وفقًا لخبراء الاقتصاد، يحمل في طياته دلالات عميقة على مسار الاقتصاد المصري، وسط تحديات مستمرة مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقم الدين الخارجي.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف يمكن أن يؤثر هذا التراجع على الاقتصاد المصري، مع تسليط الضوء على القطاعات الرئيسية، والتحديات، والتوقعات المستقبلية.
أرقام تروي قصة التحسن
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع حجم القوى العاملة في مصر إلى 33.614 مليون فرد، بزيادة 0.5% عن الربع الأول من 2025، مدفوعًا بزيادة عدد المشتغلين بـ223 ألف فرد وانخفاض عدد المتعطلين بـ57 ألفًا، ليصل إجمالي المتعطلين إلى 2.054 مليون شخص.
وهذا التحسن يعكس ديناميكية في سوق العمل، حيث سجلت المناطق الريفية معدل بطالة أقل (3.3%) مقارنة بالمناطق الحضرية (9.7%)، ومع ذلك، لا تزال الفئة العمرية من 20 إلى 24 عامًا تسجل أعلى معدلات البطالة بنسبة 28.9%، مما يشير إلى تحديات هيكلية في دمج الشباب في سوق العمل.
تأثير تراجع البطالة على الاقتصاد
وسيدعم تراجع معدل البطالة عدة قطاعات، وتشمل:
زيادة الإنتاجية والنمو الاقتصادي
يعد تراجع معدل البطالة إشارة إيجابية للاقتصاد المصري، حيث يعني انضمام المزيد من الأفراد إلى القوى العاملة المنتجة، وهذا الانخفاض يعكس نجاح سياسات الحكومة في تشجيع الاستثمار وتوسيع المشروعات ذات العمالة الكثيفة، مثل الزراعة (21.3% من المشتغلين) وتجارة الجملة والتجزئة (16%) والصناعات التحويلية (13.1%).
وهذه القطاعات، التي تستحوذ على نسبة كبيرة من العمالة، تسهم في زيادة الإنتاج المحلي، مما يدعم النمو الاقتصادي على المدى المتوسط.
تحسين مستوى المعيشة
ومع انخفاض البطالة، يزداد عدد الأفراد القادرين على كسب دخل، مما يعزز القوة الشرائية ويدعم الطلب المحلي، وهذا التحسن يأتي في وقت تشهد فيه مصر تراجعًا في معدل التضخم السنوي إلى 13.9% في يوليو 2025، مقارنة بـ14.9% في يونيو، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي.
ومع ذلك، يرى البعض أن ارتفاع تكاليف المعيشة لا يزال يحد من الاستفادة الكاملة من هذا الانخفاض، خاصة في ظل استمرار معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار وتردي بعض الخدمات.
جذب الاستثمار الأجنبي
واستمرار انخفاض معدلات البطالة يعكس بنية اقتصادية تشجع على خلق فرص عمل مستدامة. وقد سجل الاستثمار الأجنبي المباشر طفرة في 2024 بقيمة 46.6 مليار دولار، مع نمو بنسبة 15% في الربع الأول من 2025 ليصل إلى 2.7 مليار دولار.
وهذا التحسن في سوق العمل يعزز من جاذبية مصر كمركز صناعي واستثماري، مما يدعم استقرار الاقتصاد الكلي.
استدامة التحسن
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار تراجع البطالة يتطلب تعزيز الاستثمارات في القطاعات ذات العمالة الكثيفة، مثل الصناعات التحويلية والتشييد والبناء.
كما يدعو عضو مجلس النواب عصام العمدة إلى التركيز على محافظات الصعيد، التي تعاني من معدلات بطالة أعلى، لضمان توزيع عادل لفرص العمل.
ومن جانبه، يؤكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن تراجع التضخم والبطالة يعكس تحسنًا في الأوضاع الاقتصادية، مع خطط لتخفيض الأسعار تدريجيًا بالتعاون مع القطاع الخاص.
ويعد تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.1% في الربع الثاني من 2025 إنجازًا يعكس جهود الدولة في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، ومع ذلك، فإن استدامة هذا التحسن تتطلب معالجة التحديات الهيكلية، مثل الفجوة الجندرية، وبطالة الشباب، والدين الخارجي.
ومع استمرار الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات، يمكن أن تكون هذه الأرقام بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي، شريطة أن تترافق مع سياسات فعّالة لتحسين مستوى المعيشة وتوزيع الفرص بشكل عادل عبر المحافظات.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
