
أصدرت السلسلة القصصية التربوية “حكاية بطل” جزءها الثالث، ضمن منشورات “جامعة المبدعين المغاربة”، مهتمة بسيرة “الفتى الذي أذهل العالم، سفير الطفولة وقاهر الإعاقة، فخر العرب والأمة” غانم المفتاح، بعد اهتمام بسيرة الطفل الراحل عمر عرشان، أصغر “شيف طباخ” في المغرب، وسيرة الأديبة الواعدة الطفلة المغربية عبير عزيم، أصغر كاتبة في العالم العربي.
ويشرف على هذه السلسلة الكاتب والمستشار التربوي والنفسي كمال هلوان، وهي مجموعةٌ “موجهة للناشئة خاصة، والكبار عامة”، تسلط الضوء على “العديد من قصص النجاح الحقيقية لأبطال صغار وشباب من مختلف دول العالم، خرجوا من رحم المعاناة ليحققوا أروع الإنجازات”.
ويذكر الكاتب أنه “في رحلة الحياة تصادفنا قصص ملهمة ومؤثرة تُعيد لنا الأمل، وتحفّزنا على العمل، تبعث في نفوسنا الحماس والإصرار، وتُلهمنا لتحقيق أحلامنا، هي قصص لأشخاصٍ واجهوا تحدياتٍ صعبة، وتخطوا عقباتٍ وعرة ليصلوا إلى قمة النجاح؛ وكم يتزايد انبهارنا عندما نكتشف أن من بين هؤلاء النماذج البراقة أطفالا في عمر الزهور، وبراعم من ذوي الهمم، نقشوا أسماءهم بأحرف من ذهب فوق صفحات التاريخ وقمم المجد، كما فعل الفتى المحبوب غانم المفتاح، الذي رأى النور رفقة توأمه أحمد في الخامس من ماي سنة 2002 في العاصمة القطرية الدوحة، وكان مصابا بمتلازمة نادرة جدا، تدعى التراجع الذيلي، وتعرف أيضا بالانحدار الذيلي، وهو اضطراب خلقي نادر، يحدث نتيجة عدم تكون الجزء السفلي من العمود الفقري بشكل كامل قبل الولادة”.
ويردف هلوان بأن “إعجاز غانم ظهر قبل أن يولد، عندما رفضت والدته إجهاضه، بعد أن أخبرها الأطباء بأنّ جنينها يعاني من إعاقة حادة، وبأنه لن يعيش طويلاً بسبب الكمية المفقودة من عظامه والمشاكل الصحية الكثيرة التي سيعاني منها، وإن تحققت المعجزة وعاش فلن يستطيع الحركة؛ لكن إيمان أم غانم الراسخ بعظمة المولى عز وجل تجاوز كل القواعد الطبية، وأصرت على الاحتفاظ بمولودها الذي استقبل (كثيرون) خبر ولادته بتمني موته، فتحدى الجميع واستقبل الحياة بابتسامة أمل ساحرة”.
وتابع الكاتب: “حالة غانم الصحّية تتطلّب رعاية مكثّفة وإحاطة عائلية واجتماعية لامتصاص آثار المرض الحسّية والمعنوية، وتمكينه من الاندماج في مجتمعه بكل يسر وسهولة، لكن يبدو أن غانم لم يكتف بمجرّد التّعايش مع إعاقته الشّديدة، بل انتصر عليها وقهرها، كافح مع أسرته ليفرض وجوده في مجتمعه؛ وليتحوّل إلى رمز للتحدّي والإصرار والنّجاح، مولّدا شحنات إيجابية ليس فقط لذوي الاحتياجات الخاصّة، بل وللأصحّاء أيضا، من دون أطراف سفلية”.
هكذا “واصل غانم حياته متنقلاً تارة باستخدام يديه وتارة أخرى باستخدام الكرسي المتحرك، وبدلا من أن يكون مثيرا للشفقة والعطف استطاع أن يحصد إعجاب الكثيرين واحترامهم، درس واجتهد وتعلّم ومارس الرياضة وأصبح شخصية مؤثرة من خلال فيديوهاته على مواقع التواصل الاجتماعي التي تلقى اليوم تفاعلا كبيرا من ملايين الشباب حول العالم”.
ويقدم الجزء الجديد من القصص الموجهة إلى الناشئة القارئة أساسا نموذج غانم الذي “تمكن من تحويل الإعاقة إلى بطولة، وما ظنَّه البعض نقصاً إلى قوة لا يدانيها الكثيرون من مكتملي الخَلق؛ ورغم مشكلات في التنفس والنوم والحركة وحتى الأكل تزداد كلما كبر يبقى الأمل يسكن أعماقه، فصار أيقونة إنسانية للأمل، والحرب على الفشل واليأس والبحث عن حياة أفضل، يعيش حياته بشكل طبيعي يستمتع بممارسة العديد من الأنشطة التي قد لا يمارسها الأصحاء، ولا يكاد يترك هواية إلا وزاولها؛ يلعب كرة القدم مع أصدقائه، يحب السباحة والرماية والتزحلق على الجليد، يبرع في الغوص، والتزلج، وركوب الخيل، وكرة السلة، والكاراتيه، ويتسلق الجبال، ويعشق قيادة السيارات”.