أخبار عاجلة

مستشار رئاسي: الطاقة الشمسية الحرارية توفر أرخص سعر كهرباء للمصريين (حوار)

مستشار رئاسي: الطاقة الشمسية الحرارية توفر أرخص سعر كهرباء للمصريين (حوار)
مستشار رئاسي: الطاقة الشمسية الحرارية توفر أرخص سعر كهرباء للمصريين (حوار)

تُمثل الطاقة الشمسية الحرارية أحد أكثر الحلول الواعدة لتحقيق الاستدامة في إنتاج الكهرباء، ولا سيما في بلد مثل مصر يتمتع بسطوع شمسي شبه دائم على مدار العام.

فعلى الرغم من التوسع في استعمال الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ فلا تزال هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك، خصوصًا في أوقات الغروب أو الغيوم.

وفي هذا الإطار، يتبنّى عضو المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية لشؤون الطاقة ومستشار الطاقة العالمي الدكتور هاني النقراشي، رؤية إستراتيجية تقوم على التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية الحرارية، معتبرًا إياها الخيار الأمثل لمصر من حيث الاستدامة الاقتصادية والفنية.

ويكشف النقراشي -في حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- عن أسرار "خطة خُميسة"، ومزايا الطاقة الشمسية الحرارية، وحلول أزمة الكهرباء في مصر، ولماذا يرى أن مستقبل الطاقة في مصر يجب أن يُصنع محليًا وبأيدٍ مصرية، وإلى نص الحوار:

لماذا تعتقدون أن الطاقة الشمسية الحرارية هي الأنسب لمصر مقارنةً بالخلايا الكهروضوئية؟

أعتقد أن الطاقة الشمسية الحرارية تناسب مصر بشكل كبير؛ نظرًا إلى قدرتها على تحقيق أفضل جدوى اقتصادية وتوليد الكهرباء بأرخص سعر ممكن مع توفير إمدادات مستمرة ليلًا ونهارًا ومواكبة الطلب.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تخزين الحرارة بحيث يمكن تشغيل المحطة ليلًا ونهارًا، وهذه إحدى الميزات الكبرى؛ لأن تخزين الكهرباء عادةً لا يتم بمثل هذه البساطة، إنما تخزين الحرارة سهل للغاية ومعمول به في أماكن كثيرة حول العالم.

كما أن هذه التقنية تعتمد على دوران التوربينات؛ ما يساعد في استقرار الشبكة الكهربائية، بخلاف الخلايا الكهروضوئية التي قد تسبب عدم استقرار في الشبكة.

كيف يمكن للطاقة الشمسية الحرارية أن تضمن استقرار شبكة الكهرباء؟

الطاقة الشمسية الحرارية تعتمد على تخزين الطاقة الحرارية لتوليد الكهرباء من خلال تسخين المياه لينتج عنها بخار، وعندما يكون البخار في حيز مغلق، يرتفع ضغطه ويحرك التوربينة التي تؤدي دورها في ضبط استقرار الشبكة، وهذا يضمن استمرارية الإمداد الكهربائي حتى في أوقات غياب الشمس.

هل توطين صناعة الطاقة الشمسية الحرارية في مصر أسهل من توطين صناعة الخلايا الكهروضوئية؟

بالطبع، توطين هذه الصناعة ممكن وفقًا للتقنيات الموجودة حاليًا؛ أما توطين صناعة الخلايا الكهروضوئية فيحتاج إلى خطوط إنتاج ضخمة وسوق كبيرة غير موجودة في مصر.

بالإضافة إلى ذلك، ستواجه المنتجات المصرية منافسة شرسة مع الدول الأخرى، وأهمها الصين، التي تمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال؛ لذا من الأفضل لمصر البحث عن بدائل أخرى، مثل تصنيع مكونات الطاقة الشمسية الحرارية.

إحدى محطات الطاقة الشمسية في مصر
إحدى محطات الطاقة الشمسية في مصر

ما أهم التجارب العالمية في مجال الطاقة الشمسية الحرارية؟

هناك تجارب ناجحة في دول تمتلك موارد شمسية كبيرة؛ مثل تشيلي، حيث أُنشِئت محطات في هضاب عالية؛ لعدم وجود سحب تحجب أشعة الشمس.

كما توجد تجارب ناجحة في جنوب أفريقيا وإسبانيا وإيطاليا والصين؛ حيث اختُبِرت تقنيات مختلفة في محطات حرارية متعددة.

ما أهم التقنيات المستعملة في مجال الطاقة الشمسية الحرارية؟

هناك عدة تقنيات؛ منها:

  1. تقنية القطع المكافئ: وهي غير منتشرة، وكانت هناك تجارب لاستعمالها في الولايات المتحدة الأميركية، لكنها لم تنجح.
  2. تقنية البرج: تعتمد على تركيز أشعة الشمس على برج مركزي لتوليد البخار.
  3. القطع المكافئ الطولي (القناة): تستعمل مرايا مكافئية لتركيز الأشعة على أنابيب تحتوي على سائل ناقل للحرارة.
  4. المرايا المسطحة: هي التقنية الأفضل للاستعمال في مصر؛ لسهولة تنظيفها وصيانتها، بالإضافة إلى إمكان تصنيعها محليًا.

تكلفة الطاقة الشمسية الحرارية

تبلغ تكلفة الطاقة الشمسية الحرارية لتوليد الكهرباء، نحو 4.3 سنتًا للكيلوواط/ساعة وتعمل على مدار 24 ساعة.

في حين أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية تولّد الكهرباء لمدة تتراوح بين 3 و4 ساعات فقط يوميًا؛ ومن ثم لا تحقق الجدوى الاقتصادية مقارنةً بالطاقة الحرارية التي تولّد الكهرباء على مدار 24 ساعة.

بالإضافة إلى ذلك، تكلفة البطاريات اللازمة لتخزين الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية الكهروضوئية لاستعمالها خلال ساعات الليل تبلغ 3 أضعاف تكلفة توليد الكهرباء نفسها.

ما أنواع تخزين الكهرباء التي توفر أقصى جدوى اقتصادية لمصر؟

التخزين الحراري هو الأكثر جدوى بالنسبة لمصر؛ نظرًا إلى توافر الشمس على مدار العام؛ فبدلًا من الاعتماد على البطاريات التقليدية -التي تُعَد مكلفة ومحدودة السعة- تتيح الطاقة الشمسية الحرارية تخزين الكهرباء في صورة حرارة باستعمال أملاح منصهرة رخيصة، غير قابلة للاحتراق، وآمنة بيئيًا.

وفي حالات نادرة، مثل أيام الخماسين أو الغيوم الكثيفة التي لا تتعدى 10 أيام سنويًا (أي أقل من 3% من السنة)، يمكن تسخين السائل الحراري بالغاز النباتي أو الغاز الطبيعي لضمان استمرارية التشغيل، هذا ما اعتبره بمثابة صمام الأمان الذي يضمن إمدادات الكهرباء دون انقطاع.

ما أسرع وسيلة لخفض تكلفة إنتاج الكهرباء في مصر؟

أسرع وسيلة ستكون من خلال إستراتيجية بناء تدريجية لمحطات الطاقة الشمسية الحرارية قرب مواقع الطلب، لا في الصحراء البعيدة فقط.

فبدلًا من الاعتماد على محطات ضخمة ونقل الكهرباء منها لمسافات طويلة بتكلفة عالية وفاقد كبير، نقترح بناء محطات صغيرة موزعة: محطة واحدة في العام الأول، ثم اثنتان في العام الثاني، و4 في العام الثالث، وهكذا.

وهذا المخطط، الذي أطلقت عليه اسم "خُميسة"، يمكن أن يُوفر لمصر نحو تريليون دولار بحلول 2050.

الفرق بين الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الكهروضوئية
مجمع الطاقة الشمسية الحرارية

ما فلسفة "خُميسة" تحديدًا؟ ولماذا سُمّيت بهذا الاسم؟

"خُميسة" هي شبكة فرعية مرنة لا مركزية، تتكون من 5 محطات شمسية نمطية، قدرة كل منها 50 ميغاواط، تُخزن الطاقة حراريًا لأوقات الليل، وتدعمها محطة طوارئ تعمل بالغاز النباتي.

هذه المحطات مرتبطة معًا في شبكة فرعية مستقلة تُغذي الشبكة الرئيسة عند الحاجة، وتستمر في العمل حتى عند انقطاع الشبكة الأم.

والاسم "خُميسة" جاء من عدد المحطات في كل وحدة؛ أي 5 محطات مترابطة تعمل بمثابة جسم واحد.

كيف يضمن هذا المخطط المرونة في مواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء؟

من خلال التوزيع الجغرافي الذكي لمحطات خُميسة، التي توضع قرب المدن والقرى، يمكن تغذية الأحمال محليًا؛ ما يقلل الضغط على الشبكة القومية ويوفر تكلفة نقل الكهرباء.

كما أن هذه المحطات مصممة لتكون مستقلة وموثوقة؛ ما يعزز أمان الإمداد، ويتيح المرونة في التوسع حسب الحاجة.

ما التوازن الأمثل الذي تقترحونه بين المرونة وتتبع الطلب والتكلفة؟

التوازن يتحقق بتصميم شبكات فرعية من 5 محطات شمسية (50 ميغاواط لكل منها)، مدمجة مع وحدة طوارئ بالقدرة نفسها تعمل عند الضرورة.

هذا النموذج يغذي الشبكة الرئيسة عند الحاجة، ويُبقيها آمنة عند الأعطال، ويتيح التخطيط الدقيق للتوسع دون تحميل الشبكة فوق طاقتها.

هل يمكن للمخطط أن يسهم في إنتاج مياه الشرب أو الهيدروجين الأخضر؟

نعم؛ المحطات الشمسية القريبة من السواحل يمكن تعديل مكثفها الهوائي بوحدة تحلية مياه بحر، دون التأثير في ناتجها الكهربائي.

كما يمكن توظيف الفائض الحراري في تحلية المياه أو في إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ ما يفتح أفقًا كبيرًا للاستعمال المتكامل للطاقة والمياه والوقود النظيف.

الهيدروجين الأخضر في مصر

كيف يدعم هذا النموذج التصنيع المحلي والاقتصاد الوطني؟

التصميم النمطي الموحّد للمحطات يتيح تصنيع المكونات محليًا؛ وهو ما يرفع نسبة التصنيع المحلي إلى ما بين 50 و100%.

وهذا لا يخلق فقط فرص عمل، بل يخفض التكاليف، ويرسّخ الاستقلال الصناعي الطاقوي لمصر.

كذلك، لا توجد انبعاثات ضارة أو نفايات، ولا خطر من الحصار أو الضغوط الاقتصادية؛ فالمصدر (الشمس) متاح دائمًا.

ماذا عن تكلفة الكهرباء المنتجة من خُميسة مقارنة بالوقود الأحفوري؟

الكهرباء المنتجة من خُميسة أرخص بنسبة 30% من تلك المنتجة من الوقود الأحفوري؛ فتكلفة الكيلوواط/ساعة لا تتجاوز سنتًا أمريكيًا واحدًا، وهي أدنى تكلفة ممكنة عالميًا.

كما أن الإنتاج سيكون مستقرًا، والصيانة محدودة، وأجور التشغيل معقولة، كل هذا يجعل من المشروع استثمارًا إستراتيجيًا على المدى الطويل.

هل لديكم تقديرات لحجم التوفير العام الذي يحققه المشروع مقارنة بالاستمرار في السياسات التقليدية؟

بالتأكيد، إذا استمرت مصر في الاعتماد على الوقود الأحفوري دون تغيير حتى 2050، ستبلغ التكلفة الإجمالية نحو 2.373 تريليون دولار، أما إذا تحولت تدريجيًا إلى مزيج متوازن من الطاقات المتجددة؛ فستنخفض التكلفة إلى نحو 1.279 مليار دولار.

وهذا يعني وفرًا يصل إلى 1.094 تريليون دولار، دون احتساب الفوائد غير المباشرة مثل تقوية الشبكات، خلق فرص العمل، وتوفير المياه.

ما أهمية البعد الجغرافي لمصر في نجاح هذا المخطط؟

موقع مصر بين خطي عرض 20 و30 يجعلها من أغنى دول العالم إشراقًا، بمتوسط 360 يومًا مشمسًا في العام، كما أن طول الليل في الصيف والشتاء قصير نسبيًا، ما يسهل التخزين الحراري.

وهذا الموقع الذهبي يجعل مصر مؤهلة لتكون مركزًا عالميًا للطاقة المتجددة، خاصة إذا استغلت الصحارى الشاسعة قرب وادي النيل لتوليد الطاقة وربطها مباشرة بمراكز الطلب.

محطة بنبان للطاقة الشمسية في مصر
محطة بنبان للطاقة الشمسية في مصر - الصورة من أفريكا 21

ما تقييمكم لوضع الطاقة المتجددة في مصر اليوم؟

للأسف، لسنا بالمستوى المطلوب، وهناك ضعف في التخطيط، محطة بنبان مثلًا تقع في نهاية شبكة الكهرباء، واضطررنا لمد خطوط مكلفة للغاية إلى توشكى ونجع حمادي.

لو فكرنا بطريقة مختلفة، لتمكنا من نقل الألواح إلى مواقع الاستهلاك بدلًا من نقل الكهرباء نفسها.

ما موقفكم من الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة المتجددة؟

أنظر إلى جذب الاستثمارات الأجنبية بحذر؛ لأن المستثمر الأجنبي يسعى لتحقيق أرباح قد لا تعود بالنفع على البلاد؛ لذا لا بد من مشاركة القطاع الخاص المصري حتى تظل الأرباح داخل مصر.

ما مقترحاتكم لحل أزمة الكهرباء التي تعانيها البلاد؟

الأزمة الحقيقية في الوقود؛ فلدينا محطات كهرباء جديدة مغلقة لغياب الغاز، وأعتقد أن الحل هو التوسع في الطاقة الشمسية الحرارية التي تعتمد على مورد لا ينضب، ولدينا فيه ميزة تنافسية؛ فمصر مشمسة 360 يومًا في السنة؛ ما يضمن كفاءة التشغيل واستمراريته.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق نص كلمة الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي مع نظيره الفرنسي
التالى البنك الأهلي المصري ينجح في إدارة 10 صفقات تمويلية بقيمة 274.8 مليار جنيه خلال الربع الأول من 2025