أخبار عاجلة

أمريكا تترقب "معركة" بين قطاع البنوك التقليدية وشركات العملات الرقمية

أمريكا تترقب "معركة" بين قطاع البنوك التقليدية وشركات العملات الرقمية
أمريكا تترقب "معركة" بين قطاع البنوك التقليدية وشركات العملات الرقمية

تستعد الأوساط المالية في الولايات المتحدة لمواجهة تنظيمية واسعة بين قطاع البنوك التقليدية وشركات العملات الرقمية، في وقت تشهد البلاد تحوّلًا تشريعيًا تقوده إدارة الرئيس دونالد ترامب، يضع أُسسًا جديدة لعمل العملات المستقرة (Stablecoins) ويعيد رسم الحدود بين ما هو مصرفي تقليدي وما هو رقمي ناشئ.

القانون الجديد، المعروف باسم قانون العبقرية (GENIUS Act)، يشترط على الجهات المُصدرة للعملات المستقرة تسجيل نفسها رسميًا لدى السلطات المالية والاحتفاظ باحتياطي نقدي يعادل كامل القيمة المطروحة للتداول. كما يُحظر على هذه الشركات تقديم فوائد أو عوائد مالية على ودائع العملاء، وهو بند ضغطت عليه بقوة جماعات الضغط المصرفي التقليدي، في محاولة لتقييد جاذبية هذه الأصول الرقمية بوصفها بديلًا مغريًا للحسابات البنكية العادية.

غير أن شركات العملات الرقمية لا تقف مكتوفة اليدين، بل تسعى إلى تجاوز هذه القيود عبر الحصول على تراخيص “Trust Bank” التي تتيح لها ممارسة بعض الخدمات المالية دون الخضوع الكامل لشروط رأس المال والملاءة التي تفرض على البنوك التقليدية. وقد تقدّمت بالفعل شركات بارزة مثل ريبل وسيركل بطلبات لنيل هذه التراخيص على المستوى الوطني، في خطوة اعتبرها بعض المراقبين محاولة للالتفاف على الإطار التنظيمي، بينما يراها آخرون تطورًا طبيعيًا لنمو قطاع يتقدم بسرعة فائقة على الهياكل القانونية الحالية.

وبحسب تقرير لوكالة بلومبرغ فإن المشرّعين الذين يقودون هذه المرحلة من الصياغة التنظيمية هم أنفسهم ممن شغلوا مناصب رقابية خلال ولاية ترامب الأولى، وهو ما يمنح الشركات الرقمية فرصة للاستفادة من مناخ سياسي أكثر تقبّلًا للابتكار التكنولوجي وأقل ميلاً للتشدد الرقابي. في هذا السياق صرّحت كاتلين لونغ، مؤسسة بنك “كوستوديا”، بأن “المعركة الحقيقية تدور الآن حول ما إذا كانت هذه الشركات ستُمنح صلاحيات شبيهة بالبنوك دون أن تتحمّل التزاماتها التنظيمية الكاملة، ما قد يخلق بيئة غير متوازنة ويُحفّز البنوك التقليدية نفسها على التحوّل إلى Trust Banks لتجنّب المتطلبات الصارمة”.

الاعتراضات لم تتأخر، إذ وجّهت جمعيات مصرفية تحذيرات رسمية إلى مكتب الرقابة على العملة (OCC) التابع لوزارة الخزانة، معتبرة أن منح التراخيص بدون مشاورات عامة يُمثّل “ثغرة قانونية” تسمح لشركات التكنولوجيا المالية باستغلال مزايا البنوك دون خضوع حقيقي للقواعد الناظمة.

من جهة أخرى ترى شركات العملات الرقمية أن هذه التراخيص تمثّل لحظة مفصلية في مستقبل النظام المالي الأميركي. ستيوارت ألدرودي، كبير المسؤولين القانونيين في شركة ريبل، اعتبر أن “هذا الزخم هو بالضبط ما تحتاجه البلاد لدفع الابتكار قُدمًا، وهو يخدم ليس فقط من يملكون أصولًا رقمية اليوم، بل أيضًا كل من مازالوا مترددين”.

ورغم أن التنافس بين الجانبين قد يفتح آفاق تعاون جديدة — كما ظهر من شراكات معلنة مثل تلك بين كوينبَيس وجي بي مورغان — إلا أن القلق مازال قائمًا في أوساط البنوك بشأن قدرة شركات العملات الرقمية على القفز فوق التنظيمات، وهو ما عبّرت عنه المحللة كارين بيترو بقولها: “شركات العملات لا تنتظر القواعد، بل تنطلق مباشرة نحو السوق، وهذا ما يُقلق البنوك أكثر من أي شيء آخر”.

وفي ظل غموض تشريعي بشأن ما يُعدّ “فائدة” على الأصول الرقمية تخوض الشركات محاولات متعددة لتجاوز القيود. فقد أطلقت شركة كوينبَيس برنامج مكافآت يعتبره البعض انتهاكًا ضمنيًا لبنود قانون العبقرية، في حين تصرّ الشركة على أنه متوافق مع النص القانوني، مُستفيدة من صيغته المبهمة التي تركت الباب مفتوحًا للتأويل.

وتعمل الشركات الآن على توسيع نطاق خدماتها، مثل الشراكة بين سيركل وباينانس لإطلاق آلية إيداع خارج البورصات، تتيح للمستخدمين الاحتفاظ بأموالهم مؤقتًا عند عدم استخدامها، دون احتساب عائد مباشر، تفاديًا للمساءلة.

ومع تسارع هذا السباق التشريعي تبرز تساؤلات جوهرية حول طبيعة العلاقة المقبلة بين القطاع المصرفي التقليدي والقطاع الرقمي. فهل سنشهد تكاملًا محكومًا بقواعد جديدة، أم تصاعدًا في التنافس غير المتكافئ؟ الإجابة وفق تقرير “بلومبرغ” ستتحدد في مكاتب الهيئات الرقابية، حيث يُكتب حاليًا فصل جديد في تاريخ المال العالمي — تحت أعين إدارة ترى في العملات الرقمية فرصة أكثر منها تهديدًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصر تدين بشكل قاطع قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي احتلال قطاع غزة بالكامل
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة