لم ينسَ تنظيم القاعدة هزيمته المدوية في حضرموت عام 2016، لكنه عاد بعد نحو تسع سنوات ينفخ في بوق الفتنة مجددًا، في محاولة لاستعادة نفوذه عبر تحالف ثلاثي خطير مع الحوثيين وجماعة الإخوان في اليمن.
هذا التحالف الإرهابي يعكس بوضوح مخاطر انعدام الأمن والاستقرار في محافظة حضرموت، التي تمثل بوابة استراتيجية هامة لليمن.
عودة القاعدة إلى حضرموت.. تحركات مشبوهة وسط الأوضاع الأمنية
أصدر تنظيم القاعدة مؤخرًا بيانًا مطولًا تحريضيًا يهدف إلى تأجيج الوضع في حضرموت، خاصة في المناطق الساحلية التي تشهد تحركات مشبوهة بدعم من تنظيم الإخوان ومليشيات الحوثي، حسب ما أكدته السلطات الأمنية اليمنية.
البيان اتسم بدعوات مباشرة لاستمرار القتال تحت شعارات دينية مزيفة، مستغلًا حالة الغضب الشعبي لتفجير الأوضاع وخلق حالة من الفوضى في المحافظة.
ويظهر هذا الخطاب كيف يلجأ التنظيم الإرهابي إلى تحريض العامة بدلًا من استخدام القوة العسكرية المباشرة التي فشل فيها عام 2016، حين تم تحرير ساحل حضرموت من قبضة التنظيم على يد قوات النخبة الحضرمية بدعم من التحالف العربي.
تحريض مستمر.. دعوات لإثارة الفوضى وتوزيع الأموال
أكدت اللجنة الأمنية العليا في ساحل حضرموت وجود عناصر مندسة تابعة لتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى عناصر حوثية تسعى لإثارة الفوضى وإضعاف الاستقرار.
كما كشفت اللجنة عن محاولات هذه التنظيمات لتوزيع مبالغ مالية بهدف شراء الولاءات وإثارة الشغب في المنطقة.
كما تعرضت الأطقم العسكرية في ساحل حضرموت لهجمات مسلحة من قبل عناصر متطرفة، الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية للتركيز على رصد تحركات القيادات الإرهابية لمنع أي تهديد أمني قبل وقوعه.
خلط الأوراق.. القاعدة تستغل التظاهرات المناهضة للإخوان
يحاول تنظيم القاعدة بوضوح خلط الأوراق في حضرموت، عبر دعم التظاهرات في المناطق الساحلية التي تقودها حركات معارضة للإخوان، بينما يتغاضى عن الحراك السلمي المناهض للإخوان في وادي وصحراء حضرموت، هذه السياسة تُظهر تلاعب التنظيم بمشاعر الناس وأهداف التظاهرات، سعيًا لاستغلالها في تحقيق أهدافه الخاصة.
خطاب متطابق مع الحوثيين والإخوان
يرى مراقبون أن بيان تنظيم القاعدة يحمل في طياته لهجة تعبئة وتحريض واضحة، تُفسر الأحداث في حضرموت على أنها رد فعل طبيعي على الفساد والظلم، محاولة لاستقطاب المزيد من الأنصار عبر استغلال الغضب الشعبي.
كما دعا البيان بشكل صريح إلى إعداد السلاح والتدريب عليه، مسخرًا في ذلك آيات قرآنية تبرر حمل السلاح تحت مسمى الجهاد، ما يعكس العقيدة المأزومة للتنظيم الذي يختزل الدين في أدوات حرب.
من الجدير بالذكر أن التنظيم يقلل من خطوات الحكومة الشرعية الاقتصادية، واصفًا إياها بـ "التخديرية"، مثل رفع سعر العملة وتحسين الخدمات، معتبرًا أنها محاولة أمريكية لتهدئة الوضع المتأزم.
تزامن الأهداف وخطاب واحد
يحث تنظيم القاعدة في بيانه على "مواصلة مشوار التحرير" في حضرموت وغيرها من مدن اليمن، مطالبًا بتحرير أسرى التنظيم وقطع "إمدادات النفط"، في خطاب يتطابق تمامًا مع الخطاب الحوثي والإخواني الذي يرفض أي سلطة خارج نفوذهم.
ويحتوي البيان على مفردات مثل "سرقة الثروات" و"المنافقين"، والتي توضح مدى التناغم بين التنظيم الإرهابي والمليشيات في تأجيج الفوضى في المناطق المحررة، حسب ما يشير إليه خبراء في الجماعات الإرهابية.
إن عودة تنظيم القاعدة إلى التحريض في حضرموت بمساعدة مليشيات الحوثي وتنظيم الإخوان، تشكل تحديًا أمنيًا كبيرًا في اليمن، خاصة في ظل هشاشة الوضع السياسي والأمني في البلاد. إن استمرار هذا التحالف الخطير لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وتعطيل جهود الاستقرار والتنمية.
تتطلب المرحلة الحالية تكثيف الجهود الأمنية والاستخباراتية لرصد ومنع تحركات التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى دعم الحراك السلمي الذي يرفض العنف ويطالب بإصلاحات حقيقية بعيدًا عن التدخلات الخارجية والمليشيات المسلحة.