أثار تكرار الأسماء نفسها في التكريمات بالمهرجانات السينمائية الوطنية جدلا واسعا وتساؤلات عدة حول آليات الاختيار ومدى تمثيلية هذه التكريمات للمشهد الفني المغربي.
في السنوات الأخيرة بات من الملحوظ أن تكرار الأسماء نفسها في لائحة المكرمين يشكل ظاهرة متكررة في أغلب المهرجانات السينمائية الوطنية، وهو الأمر الذي أثار استياء بعض المتابعين والنقاد على حد سواء، الذين يرون فيه دليلا على غياب التجديد أو محاباة لبعض الأسماء، بينما يبقى العديد من المبدعين المغمورين خارج دائرة الضوء رغم استحقاقهم.
الناقد السينمائي المغربي والكاتب عبد الكريم واكريم عبر في تصريح لهسبريس عن استغرابه استمرار هذه الظاهرة، قائلا: “نعم نلاحظ وباستمرار وجوها بعينها يتم تكريمها أكثر من مرة في العديد من المهرجانات، وهذا يجعل أسماء أخرى مهمة وتستحق التكريم لكنها تتجاهل. لا أجد لذلك أي تفسير سوى أن المسؤولين عن هذه المهرجانات إما غير متتبعين للميدان الفني بشكل جيد، أو أنهم لا يبذلون جهدا ويقررون تكرار ما هو قائم وما سبق أن فعله الآخرون في مهرجانات أخرى”.
وأضاف الناقد ذاته أن المكرمين في المهرجانات السينمائية تحديداً غالباً ما يكونون ممثلين أو مخرجين، بينما يتجاهل كتاب السيناريو والتقنيون ومديرو التصوير، بل وحتى النقاد الذين يساهمون في تطوير الفن السينمائي بأقلامهم.
وختم المتحدث ذاته قائلا: “على المهرجانات أن تمتلك خصوصية ورؤية تميزها، بدل أن تتحول إلى نسخ كربونية من بعضها البعض”.
من جهته انتقد الناقد السينمائي عبد الرحيم الشافعي بشدة ما وصفه بـ”المشهد المتكرر والممل” داخل المهرجانات السينمائية المغربية، معربا عن رفضه بشدة تكرار لجان التحكيم نفسها، والضيوف المكرمين أنفسهم، ومؤطري الورشات أنفسهم، والنقاد أنفسهم بدون نقد، مشيرا إلى أنه ناقش الأمر كثيرا لأنه يرى “من العبث أن يستمر الوضع بالوجوه والعادات نفسها التي تحولت إلى طقوس جامدة لا تحمل أي روح تجديد”.
الشافعي ذهب أبعد من ذلك حين وصف بعض الندوات المرافقة للمهرجانات بـ”المحفوظة سلفا”، قائلا: “العناوين تتكرر حتى الملل: السينما والمدينة، السينما وحقوق الإنسان، السينما واللغة، السينما والمرأة، السينما والذكاء الاصطناعي، السينما والأدب، السينما والفلسفة، السينما والمجتمع، السينما والأمازيغية، السينما والفكر… حتى يكاد العنوان القادم يكون السينما نبيذ ولائم المهرجانات، وهو هدف الأغلبية”.
وأردف المتحدث ذاته بأنه “وسط هذا التكرار الممل نسي السؤال الجوهري، وهو ماذا قدمت الأفلام المغربية فعلا لتاريخ المغرب وثقافته وهويته؟”، خاتما: “تاريخ السينما المغربية لن يرحمنا، سواء بأفلامه أو بمهرجاناته أو بندواته أو حتى تكوينه السينمائي، الذي يعيد نفسه دون أي اجتهاد أو تجديد”.