الإنزال الرقمي الهائل ونشر أخبار زائفة وبث فيديوهات عبر تقنية الذكاء الاصطناعي تستهدف صورة المغرب بالخارج، ليس بالاختراع الجديد، بل إن تلك الجهات الخارجية تترك دائما بصمات فاضحة عن “الوحل الإعلامي” الذي تحاول من خلاله تلطيخ صورة المغرب بالخارج.
هذا ما لوحظ سواء من حيث التوقيت؛ إذ تم قبل خطاب العرش المجيد في يوليوز 2025 وأثناء عملية “مرحبا” وما يرافق ذلك من إعلان أرقام التحويلات التي وصلت هذا العام إلى حوالي 113 مليار درهم، أو من حيث الموضوع، أي الارتباط القوي لمغاربة العالم بوطنهم المغرب.
ويبدو أن هذه العلاقة المبنية على البيعة الشرعية المتبادلة والدور الكبير لمغاربة العالم في ملف مغربية الصحراء الذي أشاد به ملك البلاد في أكثر من خطاب ملكي سام، بالإضافة إلى مساهمات قوية في مجال التنمية المجالية، خاصة في البوادي المغربية، هي (هذه العلاقة) إذن مصدر إزعاج لتلك الجهات المعادية للمصالح المغربية.
لذلك، لا يمكننا القفز على هذه الحملة الإعلامية الرخيصة دون فضحها بالأرقام والمواقف؛ إذ لاحظ الجميع الإنزال الرقمي الهائل لمحتويات لها الخطاب نفسه وكذلك اللغة الهدف.
لقد حاولوا التشويش على عملية “مرحبا 2025” والادعاء أن مغاربة العالم مقاطعون وغاضبون وأن وجهتهم هذه السنة هي دول أخرى وليس المغرب، لكن لغة الأرقام تكذب كل بهتانهم؛ فإلى حدود 4 غشت، سجلت مصالح الحدود المغربية دخول أكثر من 2.7 مليون، بزيادة 10% عن السنة الماضية.
لقد أثبت مغاربة العالم أن وشائج الهوية والدين والعادات والارتباط بالمغرب، أكبر بكثير من تذكرة سفر أو حجز غرفة فندق. هذا مع الإقرار بارتفاع الأسعار. لكن ارتباط الجالية هو روحي وديني، وعودة المهاجر ليست كعودة سائح عابر، بل هي عودة “الابن البار”.
لم تقتصر عملية الإنزال الرقمي على مغاربة العالم، بل شملت أيضا إخواننا الأفارقة ومحاولات شيطنتهم بنشر أعمال تخريب وعنف نسبت إليهم، وأغلب ما نشر لا يمت للحقيقة بصلة.
كلنا يتذكر القرار الإنساني لجلالة الملك محمد السادس سنة 2014 وتحويله المغرب من بلد عبور إلى بلد استقرار وإدماج، في قرار استراتيجي عميق نال اعتراف الاتحاد الإفريقي الذي منح لجلالته لقب “الرائد في مجال الهجرة والمدافع عن الهجرة الإفريقية” واحتضان مقر “المرصد الإفريقي للهجرة” بالعاصمة الرباط.
نذكر أن عدد المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء لا يتجاوز 50 ألف مهاجر؛ عمل المغرب على تسوية وضعية الآلاف منهم وضمان الحقوق الأساسية كالتطبيب والتعليم وإدماجهم في سوق التشغيل.
فمن غير المنطقي أن نطالب بحقوق مهاجرينا بالخارج وننكر الحقوق نفسها على إخواننا الأفارقة؛ فالمغرب له جالية في أكثر من خمسين بلدا عبر العالم، من ضمنها العديد من الدول الإفريقية حيث يحظى المغاربة بكثير من الاحترام والتقدير.
لقد غاب عن مهندسي عملية “الوحل الإعلامي الجديدة” أن مغاربة العالم يسكنهم الوطن ويعيشون كل تفاصيل الهوية المغربية والدينية في حياتهم اليومية، وأنهم رضعوا لبن الوطنية والوفاء من ثدي أمهات مغربيات حرات.
كما غاب عن تجار المواقف أن تواجد إخواننا الأفارقة بالمغرب هو قرار استراتيجي، وليس قرارا انفعاليا. لذلك، لن تنفعهم بضاعتهم الفاسدة ولن تهز المغرب حملات رقمية معروف مهندسوها وصانعوها. فمغاربة العالم حاضرون بقوة في بلدهم المغرب، ولا عزاء للحاقدين.