أخبار عاجلة

العظمة: لا وجود لتاريخ إسلامي .. ولا تهمني الكتابات الفضائحية عن التراث

العظمة: لا وجود لتاريخ إسلامي .. ولا تهمني الكتابات الفضائحية عن التراث
العظمة: لا وجود لتاريخ إسلامي .. ولا تهمني الكتابات الفضائحية عن التراث

قال المفكر والمؤرخ السوري عزيز العظمة إنه لا يهتم بكتابات من يكتبون بتجرد عدائي عن التراث “بكثير من المساجلة، بكتابة فضائحية، منها النابع من إشكالات متوهمة، أو من استخلاص الفضائح من التاريخ، وهي كثيرة، فليس هناك تاريخ ملائكي”، مع ثنائه في المنطقة المتحدثة بالعربية على كتابات تناولت الإسلام المبكر بحثيا بمنهج “يعتمد مسافة فعلية من المصادر وابتعاد الخرافي” مثل كتابات هشام جعيط، التي فيها فائدة علمية حول الفترة المحمدية والفتنة الكبرى.

جاء هذا في لقاء العظمة مع الكاتب والإعلامي ياسين عدنان، في “بودكاست في الاستشراق”، الذي تعرضه “منصة مجتمع”، والذي أثار وجود “الكثير من المعاندة في فضائنا الثقافي لإحكام النظر التاريخي في تاريخنا، وكتابة تاريخ أكثر تاريخية، وعدم الاعتذار لتاريخنا الماضي وتبريره”، مشيرا إلى أن “الخلافة مثلا لم تكن عصرا ذهبيا، والحديث عن رشدها صناعة عباسية ضد الخلافة الأموية”. كما سجل عدم تحبيذِه مثلا عبارة “التاريخ الإسلامي” لأننا “عندما نستخدمها نستدعي تأويلات دينية لهذا التاريخ لا تكون لها علاقة عقلية وتاريخية بالواقع”.

وأشار إلى تفضيله “التحقيب المنطلق من الإمبراطورية الأموية الجامعة المستمرة في القرن الأول من الدولة العباسية لأنه بعد ذلك أصبحت التواريخ أكثر تفتتا، مما يسوغ القول بتاريخ مستقل للمغرب الأقصى، أي المملكة المغربية، وتاريخ إفريقية، أي تونس، وتاريخ المشرق بشقيه العربي والفارسي التركي، أما تسمية التاريخ الإسلامي فتفترض نوعا من التجانس غير الموجود على الإطلاق”.

وانتقد المتحدث عمومية تسمية الاستشراق، مع ذكره أن الخطابين الاستشراقي والأصولي يشتركان في القول بالجواهر الثابتة، واعتبار أن هناك مجتمعا متجانسا عبر الزمان في آرائه وثقافته العامة ومنطلقاته، وهما “نظرتان أسطوريتان”، مضيفا أن “علاقتنا المدعاة بتجانس مع الماضي تزييف، فالواقع أكثر تعقيدا ولا يمكن أن تكون نظرة العرب والمسلمين واحدة لأنفسهم، ولا نظرة الأوروبيين كذلك”.

وأكّد أنه “لا يمكن أن نعزو لمجتمع معين تجانسا في النظرة، فالنظرة ينبغي أن تتطلب إذكاء الحس بالتمايز وإذكاء التمييز بين الأمور، بدل التعميمات التي لن توصلنا إلى أي مكان”، مضيفا “ينبغي أن نحاول أن نلم بالواقع، بدل عزو خصائص له”، قبل أن ينفي بشكل قاطع “إمكان إطلاق تعميمات عن مجتمعات بأكملها، فهي كليات بالغة التعقيد، وأساس التمييز المعرفي هو الوعي بتعقد الواقع” دون أن ينفي هذا وجود “سياسات تعتمد في إعلانها عن نفسها على أسس من المعارف العامية الموجودة في فئات مؤثرة من مجتمع من المجتمعات”.

وحول “محاولة تعليب سياسيين ومفكرين أوروبيين المجتمعات العربية في متقابلات مثل: الطائفية والقومية، والديمقراطية والاستبداد…”، وذكر العظمة أن “هذه المتقابلات تنبع من نظرة تطورية ترى أن المجتمعات العربية ما زالت في مرحلة سابقة من التطور البشري، وأن على الأوروبيين مراقبتها وتوجيهها لتسلك الطريق الذي قادهم إلى ما هم عليه اليوم”. واستدرك موضحا أن هذه ليست خاصية تخصص يسمى بـ”الاستشراق”، بل إن “النظر إلى شعوب أخرى عبر نظام المتقابلات، مثل نظرةٍ عربية للأوروبيين، ونظرةٍ يابانية للصينيين، هي مسألة متعلقة بمختلف الشعوب لا الاستشراق فقط.”

وتابع قائلا: “إطلاق تعميمات على مجتمعات بأكملها ناتج عن بعض الناس المهووسين بالهوية، الذين ليس باستطاعتهم بناء هوية إلا على أساس اختراع خصم، وهذا في الحقيقة معبّر عن فقر ثقافي”.

واستحضر العظمة في سياق آخر “أثر برنارد لويس، الذي حاز أهمية كبرى في أمريكا، واشتد تأثيره بعد 11 شتنبر 2001، علما أن له نظرة عصابية لا تفتيتية فقط، وهو مؤمن بتمايز وجودي بين أوروبا والمشرق والمغرب العربي، وهي فكرة متوارثة في المخيال العام، وكلما احتدت الصراعات تستعاد تلك الأفكار”.

وعبر عن “عدم اتفاقه كثيرا” مع إدوارد سعيد في “التعميم اللا تاريخي الذي يرى في الاستشراق شيئا نشأ منذ أسخيلوس وهيرودوت في اليونان” لأن “الاستشراق يمكن أن يكون علما بالمجتمعات المسماة شرقيةً مثل المجتمعات المصرية والبابلية والصينية والدراسات الإسلامية والتاريخ العربي… وأكثر هذه البحوث قائمة على أسس صلبة حسب معرفتي، وقد يشتط البعض في تأويلها على نواح توافق المناحي السياسية… وهذا كله كلام بالغ العموم لا يؤدي في نهاية المطاف إلى معرفة واقعية وتاريخية، بقدر ما يؤدي إلى خطاب أيديولوجي ناشئ عن موقع ظرفي معين”.

ومع استحضار وجود “تصورات وكتابات أكثر تقليدية وفيما يسمى الاستشراق، في علاقة بالتاريخ الإسلامي، لا تنظر إلى الإسلام في تغيره، بل تنظر إليه كطبيعة ثابتة”، فتتصل في ذلك بالقراءة النصوصية لهذا التاريخ. لكن هذا لا يمنع من استحضار تطور العلوم الاجتماعية في علاقة بالعلوم التاريخية، الذي غيّر الأمور، وأنتج كتابات تتطلب الاجتهاد في متابعتها، “وإذا لم نستحضر الاتجاهات المختلفة في التأويل المبنية على تقصي الوقائع، والقرارات المبنية على المناهج المتبعة (…) سنستعمل الاستشراق كنعت عام، وشتيمة أحيانا، وهو خطاب استفحل بالحروب المتراكمة، لكن أيضا باعتبار انسداد الآفاق لدينا، مما يؤدي إلى النكوص والارتجاع لإنتاج حدود دنيا من الاطمئنان”، يضيف المتحدث.

ومع ذكر الباحث أن “البحث العلمي ليس مرتبطا ببلد المنشأ، وأن نتائجه تفترض أن يكون محايدا، دون دخول الأمور السياسية والإيديولوجية والنكوص والحداثة والتخلف”، فإنه لم ينف وجود استغلال أجانبٍ عن المنطقة “للتنوع الثقافي والعرقي من أجل التفرقة”، قبل أن يستدرك قائلا: “لا ينبغي أن ننسى التواطؤ المحلي في هذا، مثل العراق بعد الاحتلال الأمريكي”. كما ذكر أنه “قد يكون داعش صناعة أمريكية، علما أن المخابرات الأمريكية أو من دول عربية متداخلة مع بعضها البعض… لكن أعداد العرب داخل الدواعش غير قليلة، وهنا حديثي عن التواطؤ (…) فالجميع داخل في اللعبة”، مما يستدعي استحضار صورة أوسع عند البحث، وعدم الركون لاتهامات بسيطة.

" frameborder="0">

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق «ارتفع 10 جنيهات».. سعر الذهب اليوم الأربعاء 6 أغسطس في ختام التعاملات
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة