تشهد العلاقات المصرية اليونانية تطورًا دبلوماسيًا يتطلب التفاهم حول خطة التخطيط المكاني البحري التي أعلنتها اليونان في وقت سابق من العام الجاري. وفي هذا السياق، قدمت مصر مذكرة دبلوماسية إلى السفارة اليونانية في القاهرة.
وتُعبر هذه المذكرة عن تحفظات مصر على الحدود الخارجية للجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان، وتحديدًا في المناطق التي تقع شرق وغرب اتفاقية الترسيم الجزئية الموقعة بين البلدين في أغسطس 2020.
وتتفق مصر واليونان على أهمية التفاهم والتعاون في شرق البحر المتوسط، لكنهما يواجهان تحديات في تحديد حدودهما البحرية بشكل كامل. تجلّى ذلك مؤخرًا في اختلاف في وجهات النظر حول خطة التخطيط المكاني البحري التي أعلنتها اليونان، وفقا لصحيفة إينيكوس اليونانية.
ووفقًا لما نقلته صحيفة كيب توكنج جريس، فإن هذه الخطوة تعكس رغبة مصر في حماية مصالحها السيادية والاقتصادية في مياه البحر المتوسط، خصوصًا في ظل التنافس الإقليمي على احتياطيات الغاز.
وجهات نظر متباينة حول الحدود البحرية
من جهتها، أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية اليونانية، لانا زوشيو، أن رد الفعل المصري كان "متوقعًا" بحسب ما أوردت صحيفة كاثمريني. وأشارت زوشيو إلى أن الخريطة اليونانية حددت الحدود المحتملة بناءً على خط المنتصف في المناطق غير المرسمة، وهو إجراء طبيعي بين الدول المتجاورة. وأكدت أن هذا الموضوع يُدار عبر قنوات دبلوماسية معتادة.
لقاء ودي يعزز العلاقات الثنائية
تزامنًا مع الذكرى الخامسة لاتفاقية الترسيم الجزئي، التقى وزيرا خارجية البلدين، اليوناني يورغوس يرابتريتيس ونظيره الدكتور بدر عبد العاطي، في أثينا. وتبادل الوزيران العبارات الودية، ووصف كل منهما الآخر بـ"الصديق" و"الأخ"، في إشارة إلى عمق العلاقات. وأكد الجانبان التزامهما بالقانون البحري الدولي وضرورة تعزيز التعاون الإقليمي.
ووفقًا لصحيفة كاثمريني، فقد شملت المحادثات بين الوزيرين مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، منها الوضع في غزة، والعلاقات مع تركيا وسوريا وليبيا، والوضع في شرق المتوسط. وأكد الوزير، بدر عبد العاطي، على أن مصر عازمة على معالجة هذا التباين في وجهات النظر مع اليونان من خلال التشاور، في إطار العلاقات الممتازة التي تجمع البلدين، بهدف تعزيزها.
الالتزام بالاتفاقيات والشفافية
أكد الطرفان التزامهما باتفاقية الترسيم الموقعة قبل خمس سنوات، وشددا على أهمية مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) كأساس للتعاون المستقبلي.
لكن في المقابل، أثارت تسريبات إعلامية يونانية تساؤلات حول شفافية المؤسسات، حيث اتهمت تقارير نقلتها صحيفة كيب توكنج جريس الحكومة بمحاولات لإخفاء هذه المذكرة. وهذا ما أدى إلى تسريبها من مصادر داخلية، وفقا للمعارضة اليونانية.
وكشف هذا التباين في وجهات النظر حول الحدود البحرية الحاجة إلى حوار مستمر بين القاهرة وأثينا، بما يضمن التوازن بين مصالحهما المشتركة ويُعزز استقرار شرق المتوسط، وهذا النهج هو ما أكد على أهميته الوزيران.