تمكن علماء وباحثون مغاربة وأجانب من تحديد “تعايش كائنات حقبة الإديكارا (كائنات لا فقرية من حقبة ما قبل الكامبري) مع أولى الحيوانات اللافقارية في العصر الكامبري”، وهو مشهد نادر التوثيق على المستوى العالمي.
وفي بحث علمي غير مسبوق نشر في العدد الجديد من مجلة “Precambrian Research”، ضم علماء من إستونيا وجامعة القاضي عياض، تحت إشراف عبد الفتاح عزّيزي، أستاذ باحث بكلية العلوم والتقنيات بمراكش، شهدت منطقة الأطلس الصغير الغربي بتارودانت اكتشاف موقع أحفوري كان شاهدا على هذا التعايش.
وتمثل هذه الفترة وفق بلاغ صحافي لناشري الدراسة “انفجار الحياة وتنوع الكائنات متعددة الخلايا بسرعة كبيرة”.
وحسب المصدر ذاته فإن من بين الأحافير المكتشفة: “أجسام كائنات إديكارية مثل Aspidella وNimbia، آثار أحفورية تعود للافقاريات مثل Treptichnus bifurcus، Burgauria، Helmintopsis وArchaeonassa؛ تراكيب مرتبطة بالأغطية الميكروبية”.
وأورد البلاغ أن ظهور اللافقاريات في بداية العصر الكامبري، قبل حوالي 539 مليون سنة، كان “مرحلة حاسمة مازال توثيقها محدوداً في السجل الأحفوري”، وزاد: “حتى الآن تقع أبرز وأشهر مواقع الأحافير في كندا، الصين، أستراليا، بالإضافة إلى ناميبيا التي تحتوي على الموقع الأحفوري الرئيسي الوحيد في القارة الإفريقية”.
ويملأ هذا الموقع الجديد في جنوب المغرب فجوة هامة في سجل الأحافير لشمال إفريقيا، ويوفر أدلة فريدة على تعقيد النظم البيئية قبيل الانفجار الكامبري، ويؤكد الأهمية الإستراتيجية للأطلس الصغير الغربي في دراسة تطور الحياة على الأرض.
وقال عبد الفتاح عزّيزي، أستاذ باحث بكلية العلوم والتقنيات بمراكش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “كائنات إديكارا تعد مجموعة من الكائنات القديمة جداً، ظهرت قبل نحو 575 إلى 541 مليون سنة، في نهاية الفترة ما قبل الكمبري، في حقبة تُسمى الإديكارين؛ وهي أولى الكائنات متعددة الخلايا الكبيرة المعروفة في السجل الأحفوري، وعاشت في قاع البحار الضحلة”.
وأضاف عزيزي أن هذا الاكتشاف شهادة فريدة على التحول بين عصرين بيولوجيين رئيسيين، قبيل “انفجار” الحياة الحيوانية.
“تم تحديد الموقع ضمن أبحاث جيولوجية موجهة بدأت منذ عام 2017. وقد نشرت النتائج الأولى عن وجود آثار أحفورية من الفريق نفسه وفي المجلة نفسها عام 2023″، يورد المتحدث ذاته، مردفا: “اكتشاف الأحافير تم فعلياً ميدانياً من خلال مراقبة دقيقة للانكشافات الصخرية، باستخدام المعارف الطبقية والمؤشرات الحفرية الأولية”.
وتابع عزيزي: “هذا الاكتشاف يشكك في فكرة انقراض مفاجئ وفوري، بل يشير إلى احتمال وجود تعايش مؤقت بين المجموعتين في بعض المناطق مثل هذه، ما يدعم فكرة الاستبدال التدريجي أو المتأخر محليًا بدلاً من اختفاء فوري لحيوانات الإديكارا”؛ كما تطرق إلى وجود تحديات بعد هذا الاكتشاف تهم “توسيع أعمال الحفر لتوثيق التنوع الأحفوري وتوزيعه، وإجراء تحليلات جيوكيميائية ونظائرية لفهم الظروف البيئية بشكل أدق”.