عندما تغوص ذكور فقمة النمر في المياه الجليدية للقارة القطبية الجنوبية فإنها “تنشد” ألحانا مشابهة في تركيبتها لأغنيات الأطفال لمدة تصل إلى 13 ساعة، وفقا لدراسة نُشرت الخميس في مجلة “ساينتيفيك ريبورتس”.
وأجرى فريق من الباحثين الأستراليين مقارنة لهيكلية “غناء” هذا النوع من الفقمات بغناء حيوانات أخرى، وبألحان موسيقيين كفرقة البيتلز وموزار.
ولاحظت طالبة الدكتوراه في الصوتيات الحيوية بجامعة نيو ساوث ويلز، والمعدّة الرئيسية للدراسة لوسيندا تشيمبرز، في حديث لوكالة فرانس برس، أن الناس كثيرا ما يُفاجؤون عند سماع الصيحات والتغريدات “غير المألوفة” لفقمات النمر، مشيرة إلى أنها “تبدو أشبه بمؤثرات صوتية من فيلم خيال علمي من ثمانينيات القرن العشرين”.
وخلال موسم التكاثر الربيعي يغوص الذكر و”يغني” لمدة دقيقتين قبل أن يصعد إلى السطح للتنفس، ويكرر هذه الحركة لمدة تصل إلى 13 ساعة يوميا.
واكتشف الباحثون أن كل فقمات النمر تستخدم “النوتات” الخمس نفسها، لكنّ كل ذكر يرتب هذه النوتات بطريقة فريدة لتأليف أغنيته الخاصة.
وأضافت تشيمبرز: “نعتقد أنها تستخدم هذه الهيكلية لإعلان هويتها، كأنها تُنادي باسمها في الهواء”.
ورجّح العلماء أن الذكور تستخدم هذه الأغنيات لجذب الإناث وإبعاد الذكور المنافِسَة لها.
-“عندليب المحيط” –
وأجرى الفريق تحليلا لتسجيلات 26 فقمة نمرية التقطتها خلال تسعينيات القرن العشرين على الساحل الشرقي للقارة القطبية الجنوبية الباحثة المشاركة في الدراسة تريسي روجرز، من جامعة نيو ساوث ويلز.
وقالت روجرز: “إنها بمثابة طيور عندليب المحيط الجنوبي”، وأضافت: “خلال موسم التكاثر إذا أنزلتَ في الماء جهازا صوتيا في أي مكان في المنطقة فستسمعها تُغني”.
وأظهر تحليل تسلسل النغمات أنها أقل قابلية للتوقُّع من أغاني الحيتان الحدباء أو صفارات الدلافين، ولكنها أكثر قابلية للتوقُّع من موسيقى البيتلز أو موزار الأكثر تعقيدا.
وشرحت تشيمبرز أنها “تقع ضمن فئة تشبه الأغاني التي يرددها الأطفال”، وأشارت إلى أن ذلك يبدو منطقيا، لأن هذه الأغاني يُفترَض أن تكون على قدر من السهولة يتيح لكل فقمة نمرية تذكُّر تركيبها وتكرارها يوميا؛ وشبّهتها إلى حد ما “بأغاني الأطفال التي يجب أن تكون على قدر كاف من القابلية للتوقع لكي يحفظها الطفل”.
وفي الوقت نفسه ينبغي أن تكون كل أغنية متمتعة بقدر كافٍ من الفرادة لتمييزها عن أغاني الذكور الأخرى.
وتتسم الفقمات النمرية، وهي الحيوانات المفترسة الرئيسية في مياه القارة القطبية الجنوبية، بأنها منعزلة تجوب مساحات شاسعة؛ ورجّح الباحثون أن يكون غناؤها تطوّر بحيث يمكن أن يصل إلى مسافات بعيدة أيضا.
وأوضحت تشيمبرز أن تغيير درجة الصوت أو التردد لن يكون بالجودة نفسها في مثل هذه البيئة.
وتغني إناث الفقمات النمرية أيضا أحيانا، إلاّ أن سبب ذلك غير معروف، وتوقعت الباحثة أن غناءها قد يكون ذا هدف تعليمي لصغارها، مع أن مثل هذا السلوك لم يسبق أن رُصِد لدى الحيوانات البرية؛ وثمة فرضية أخرى مفادها أنها وسيلة للتواصل في ما بينها.