وسط بيئة اقتصادية مضطربة يخيّم عليها التوتر التجاري العالمي وعدم الاستقرار الجيوسياسي، كشفت مؤشرات مديري المشتريات الصادرة في يوليو 2025 عن تباين ملحوظ في أداء قطاع التصنيع عبر عدة دول أوروبية. وبينما سجلت اقتصادات مثل ألمانيا والتشيك ورومانيا تراجعًا حادًا في نشاطها الصناعي، أظهرت دول أخرى مثل فرنسا وبولندا والمجر مؤشرات متباينة تراوحت بين التحسن المحدود والانكماش المستمر.
ألمانيا والتشيك ورومانيا.. تراجع تحت ضغط الطلب
في جمهورية التشيك، تراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعي التابع لستاندرد آند بورز جلوبال إلى 49.7 نقطة، وهو ما يعكس انكماشًا طفيفًا في القطاع بعد أن تجاوز عتبة النمو عند 50 نقطة في يونيو الماضي للمرة الأولى منذ مايو 2022. ووفقًا للمحللين، جاء هذا التراجع مدفوعًا بضعف الطلبيات الجديدة وتباطؤ الإنتاج.
وفي رومانيا، واصل القطاع الصناعي الانكماش للشهر الثالث عشر على التوالي، حيث سجل مؤشر PMI 48.4 نقطة. وأشارت البيانات إلى تأثير مزدوج من تراجع الطلب الخارجي والسياسات التقشفية التي أعلنتها الحكومة الجديدة، ما أثقل كاهل المصانع الرومانية.
أما ألمانيا، القاطرة الصناعية لأوروبا، فقد ظلت مؤشرات التصنيع فيها دون مستوى 50، مما يؤكد استمرار الركود. وتُعد ألمانيا، بحسب محللي PKO Research، العامل الأبرز في تراجع الطلب التصديري لدول أوروبا الوسطى، حيث يُستشهد بها كثيرًا كمصدر رئيسي للضعف في سلاسل التوريد.
فرنسا.. انكماش معتدل وتحسن طفيف
في فرنسا، تحسن المؤشر الصناعي بشكل طفيف مسجلًا 48.2 نقطة مقارنة بـ48.1 في يونيو، ما يشير إلى انكماش أقل حدة. إلا أن البيانات أظهرت أيضًا تراجعًا كبيرًا في الطلبيات الجديدة، لا سيما من الأسواق الخارجية، حيث سجل يوليو أكبر انخفاض في الطلب منذ يناير الماضي. هذا الانخفاض المستمر يعكس هشاشة تعافي القطاع رغم بعض المؤشرات الإيجابية.
بولندا والمجر.. إشارات على التعافي
في بولندا، ارتفع مؤشر PMI الصناعي إلى 45.9 نقطة من 44.8 في يونيو، وهو ما يمثل تحسنًا وإن بقي دون عتبة النمو. ويعكس هذا التحسن انخفاضًا في وتيرة الانكماش، مع إشارات إلى انتعاش جزئي في الطلب المحلي.
أما المجر، فكانت من الدول القليلة التي تجاوزت عتبة 50 نقطة، حيث سجل المؤشر 50.7 نقطة، ما يشير إلى عودة نمو خجول في القطاع التصنيعي. وتُعزى هذه النتائج إلى ارتفاع الطلبات الجديدة وتحسن مستويات الإنتاج مقارنة بالشهر السابق.
التجارة العالمية والآفاق المستقبلية
في ظل استمرار الغموض بشأن اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتزايد الإجراءات الحمائية في عدة أسواق، لا يزال الأثر الإيجابي المتوقع من الاتفاقيات التجارية غير ظاهر فعليًا. ويرجّح محللون أن قيام الشركات بتخزين البضائع مسبقًا في النصف الأول من العام بسبب حالة عدم اليقين قد يكون قد أخفى مؤقتًا التأثير الحقيقي للطلب.
ورغم وجود تفاؤل نسبي في بعض الأوساط الصناعية بشأن النصف الثاني من العام، فإن المخاوف لا تزال قائمة بشأن استمرار الشركات في تقليص الوظائف والمشتريات، مما ينذر بإمكانية دخول القطاع في دوامة انكماش أعمق إذا لم تُعالج التحديات الهيكلية والتجارية الحالية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.