أكد الإعلامي د. عمرو الليثي خلال تصريحات صحفية خاصة، ان تاريخ مصر وأمجادها وهمومها، ووقوفها فى وجه الغزاة، كانت بؤرة اهتمام طالب الثانوى جمال عبد الناصر، فضلًا عن رؤاه الثورية فى حالة الفساد التى بدأت تنخر فى عظامها. ولأن طالب الثانوى الذى قُدر له أن يقود ثورة بيضاء غيرت وجه مصر ووجه المنطقة العربية وساندت حركات التحرر فى العالم أجمع، هى ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، كان مهمومًا بقضايا مصر، فقد شارك طلبة الجامعة التظاهر احتجاجًا على معاهدة ١٩٣٦ بين مصر وإنجلترا، وواجه معهم رصاص قوات البوليس، وجُرح وحُمل إلى المستشفى.
وكما روى لى الأستاذ جمال الليثى، فإنه فى تلك السن الباكرة، بدأ جمال عبد الناصر يكتب قصة وطنية عن كفاح مدينة رشيد ضد غزو الإنجليز لمصر ومحاولة الاستيلاء عليها فى حملة قادها الجنرال الإنجليزى فريزر. تصدت مدينة رشيد الباسلة لحملة فريزر واستطاعت أن تردها مهزومة. وبعد أن كتب جمال عبد الناصر فصولًا من قصته عن كفاح رشيد، أتم دراسته الثانوية والتحق بالكلية الحربية، وأخذ مساره الوطنى القومى المعروف، وترك أوراق قصة كفاح رشيد فى محفوظاته بين كتابات أخرى.
وتابع الليثي وكما هو معروف، كانت تربط بين جمال عبد الناصر والكاتب الكبير يوسف السباعى صداقة نشأت تحت السلاح وفى الكلية الحربية، حيث عمل كل منهما مدرسًا. ولعل الصديق يوسف السباعى عندما كتب قصته «رد قلبي»، قد جسد هذه الصداقة، وجسد العلاقة بينه وبين الضباط الأحرار. ولا شك أن جمال عبد الناصر قد تحدث مع صديقه يوسف السباعى عن قصته التى لم يكملها عن كفاح رشيد، فقد كان ليوسف السباعى نشاط كبير ككاتب قصة فى الساحة الأدبية فى مصر حتى فى السنوات التى سبقت قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢.
وعندما أخرج الأستاذ عز الدين ذو الفقار فيلم «رد قلبى» عن رائعة يوسف السباعى، عنى بتجسيد الرمز الذى أعطاه يوسف السباعى لجمال عبد الناصر قائد الضباط الأحرار، فأعطى الدور إلى الممثل كمال ياسين، ونجح فى أن يقرب بينه وبين بطله، ضابط سلاح الفرسان شكرى سرحان، إلى حد أنه ضمه إلى مجموعة الضباط الأحرار.
وخطت ثورة يوليو خطواتها السريعة الناجحة، وأعادت بناء المجتمع المصرى، وامتدت تغييراتها إلى كل المجالات والساحات الاجتماعية والسياسية فى مصر، وأولت عناية خاصة للفنون والآداب فى كل فروعهما. وأنشئ المجلس الأعلى للفنون والآداب، وكان يرأسه الكاتب الكبير يوسف السباعى، الذى حرص على أن تضم لجانه كل الكبار من أدباء ومفكرى مصر كطه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وغيرهم.
وتذكر يوسف السباعى قصة عبد الناصر التى لم تتم عن كفاح رشيد، ونظم مسابقة من خلال المجلس الأعلى للفنون والآداب لاستكمالها، ودعا كل أدباء مصر إلى قراءتها بعد أن نشرها فى كتيب خاص.