قدم قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية خلال اجتماع الأربعاء مساء اليوم من مركز لوجوس بالمقر البابوي في دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون. جاء ذلك ضمن فعاليات ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من مختلف أنحاء العالم.

البابا تواضروس الثاني من عظتة الأسبوعية
واصل قداسة البابا تواضروس الثاني شرح سلسلة “حكايات الشجرة المغروسة”، حيث تناول اليوم موضوع “جذور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية”. استند في حديثه إلى الآية: “قِفُوا عَلَى الطُّرُقِ وَانْظُرُوا، وَاسْأَلُوا عَنِ السُّبُلِ الْقَدِيمَةِ: أَيْنَ هُوَ الطَّرِيقُ الصَّالِحُ؟ وَسِيرُوا فِيهِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ” من سفر إرميا (6: 16).
أكد قداسة البابا تواضروس الثاني أن موضوع العظة يتماشى مع شعار الملتقى “متصلون Connected”، حيث إن الجذور القبطية الأرثوذكسية تربطنا بالأصل من خلال احتضان الكنيسة، التي شبهها بالشجرة الراسخة. في سياق حديثه، أشار إلى خمسة جوانب تُعد جذوراً أساسية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وستتم مناقشتها كجزء من الموضوع.

1- التقويم القبطي:
يُعد التقويم القبطي ذاكرة الكنيسة، إذ يرتبط بروحها وأعيادها وأصوامها. يتكون التقويم من 13 شهرًا، حيث تضم الأشهر الأولى 30 يومًا لكل منها، ما عدا شهر “نسيء”، الذي يحتوي على 5 أو 6 أيام فقط. ومن بين الأمثلة البارزة التي يُبرزها
هذا التقويم “عيد دخول السيد المسيح مصر”، المعروف أيضًا باسم “Global Coptic Day”، والذي تحتفل به الكنيسة في الأول من يونيو.
مصر تُعتبر الدولة الوحيدة التي تحمل اسم تخصص أكاديمي خاص بها وهو “علم المصريات”، ويُمثل التقويم القبطي أحد أعمق جذور الكنيسة وأصالتها.
2- اللغة القبطية:
تُعتبر اللغة القبطية لغة موسيقية وروحانية، إذ تحمل في جوهرها دعوة للصلاة كما يظهر في أول فعل تُعبر عنه: “إشليل”، أي صلّوا. هذه اللغة القديمة تحمل ثقافة مصر المُتجذرة وموسيقاها الأصيلة، مثل لحن “خين إفران”.
تُكتب اللغة القبطية بحروف يونانية، وتتضمن أسماء لأماكن مصرية قديمة مثل “شبرا”، التي تعني “قرية”. كما تشمل تراثًا غنيًا من الصلوات والألحان والليتورچيات.
الكنيسة هي المكان الذي يجد فيه الإنسان هذا الجمال اللغوي بحرية ويختار اكتشافه والتعمق فيه.

3- الألحان:
الألحان القبطية هي موسيقى روحانية تحمل جمال العبادة وتخلق توازنًا بين الكلمات والنغمات. فهي تُعبر عن المشاعر الدفينة، مثلما يظهر في لحن “غولغوثا”. بعض الألحان تتميز ببساطتها مثل أصغر لحن وأقصر صلاة وهو “كيرياليسون”.
اللحن يضفي جمالًا وروحانية للطقس الكنسي، حيث ينقل الصلاة من اللسان إلى القلب.
4- القديسين:
وضعَت الكنيسة كتاب السنكسار الذي يوثق سير القديسين يوميًا، ليصبح مصدراً للفرح والاحتفال المستمر. تُعبّر الكنيسة عن هذا الاحتفال بقولها اليومي: “نُعيّد في هذا اليوم…”. الكتاب يُعتبر نافذة مفتوحة للتعرف على حياة القديسين الذين أثروا في تاريخ الكنيسة وأثروا في روح الإيمان.
نسمي أبناءنا بأسماء القديسين التي تحمل معاني عميقة، مثل اسم بيشوي الذي يعني “السامي”. نصلي التماجيد ونقيم نهضات مخصصة لتكريم القديسين الذين وصلوا إلى السماء، فنستلهم منهم الغذاء والعصارة الروحية. حامل الأيقونات المعروف بـ”الأيقونستاسز”، والذي يزين بصور القديسين، يعكس مشاعر التشجيع والدافع نحو السعي للوصول إلى السماء. وقد دعا قداسته الشباب إلى اختيار أسماء قديسين لأولادهم في المستقبل.

الرهبنة تمثل الكنز الروحي الذي يُغني حياتنا. من خلالها يتطلع الإنسان نحو الأبدية ويعيش وفق الوصية. أول راهب في التاريخ المسيحي كان القديس الأنبا أنطونيوس الكبير. حاليًا، تنتشر الأديرة في مختلف أنحاء العالم، وفي مصر وحدها يوجد أكثر من خمسين ديرًا للرهبان وأكثر من خمسة عشر ديرًا للراهبات. الكنيسة تقدم تعليمًا مستوحى من روح الرهبنة في كل قداس، مشجعةً الجميع على العيش بالروح والنأي عن حب العالم. كما أن أبرز ما يميز الحياة في الدير هو جمال التسبحة التي تغذي الروح وتنيرها.