في تطور لافت أعاد فتح جراح الصراع السياسي المستمر منذ انتخابات 2016، كشفت وثائق رفعت عنها السرية مؤخرًا عن ما وصف بأنه "تلاعب استخباراتي" تقف خلفه إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، بهدف تأكيد سردية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، رغم تقارير أولية كانت تنفي وجود أي تدخل.
الوثائق، التي نقلتها شبكة "فوكس نيوز"، سلطت الضوء على تضارب واضح في تقييمات أجهزة الاستخبارات، في وقت تشير فيه أصابع الاتهام إلى أعلى المستويات داخل البيت الأبيض آنذاك.
من تقارير تنفي التدخل إلى روايات تؤكده
تبدأ فصول القصة في ديسمبر 2016، حين صدر تقييم أولي من وزارة الأمن الداخلي وعدد من الوكالات الاستخباراتية يفيد بعدم وجود أدلة على تدخل روسي في نتائج الانتخابات.
غير أن هذا التقييم جرى التعتيم عليه، ليظهر لاحقًا تقرير جديد بطلب من الرئيس أوباما، يشير إلى أن موسكو حاولت التأثير على سير العملية الانتخابية.
هذا التحول، الذي وصفه البعض بـ"الانعطافة الاستخباراتية الحادة"، استند إلى معلومات اعتبرها خبراء "مشكوك في موثوقيتها"، أبرزها ما يُعرف بـ"ملف ستيل"، الذي لطالما أثار جدلًا بشأن دقته وخلفياته السياسية.
تولسي جابارد تفتح النار على إدارة أوباما
وفي تصريحات نارية، اعتبرت مديرة الاستخبارات الوطنية الحالية، تولسي جابارد، أن الوثائق المسرّبة تُعد بمثابة "إدانة صريحة" لمحاولات إدارة أوباما تقويض شرعية فوز دونالد ترامب، عبر "تسييس المعلومات الاستخباراتية".
وأشارت إلى أن التغيير المفاجئ في تقييم أجهزة الاستخبارات بعد إعلان فوز ترامب "يثير الشكوك حول دوافع سياسية".
وكشفت الوثائق عن اجتماع مغلق جرى في التاسع من ديسمبر 2016 داخل البيت الأبيض، بحضور شخصيات بارزة مثل جيمس كلابر (مدير الاستخبارات الوطنية حينها) وجون برينان (مدير الـCIA)، تقرر خلاله إعداد تقرير جديد يدعم فرضية التدخل الروسي.
الجمهوريون يصعّدون.. وترامب يصفها بـ"جريمة القرن"
وقد أثارت هذه التسريبات غضب الجمهوريين، الذين رأوا فيها دليلًا على "مؤامرة استخباراتية" لتشويه الرئيس ترامب.
ووصف ترامب نفسه ما جرى بأنه "جريمة القرن"، فيما أشار رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، إلى احتمال استدعاء الرئيس الأسبق أوباما للمثول أمام الكونغرس وتقديم شهادته بشأن ما ورد في الوثائق.
الديمقراطيون يرفضون الاتهامات.. وروسيا تنفي مجددًا
على الجانب الآخر، رفض الديمقراطيون بشدة هذه المزاعم، معتبرين إياها "محاولة يائسة لتشويه إرث أوباما وتبرئة ترامب"، على حد تعبير أحد مساعدي الرئيس الأسبق.
وأكدوا أن التقارير التي استندت إلى فرضية التدخل الروسي جاءت بناءً على "تحقيقات دقيقة ومتعددة المستويات"، بحسب تصريحات نقلتها شبكة "إن بي سي نيوز".
أما روسيا، فقد جدّدت نفيها القاطع لأي تدخل في الانتخابات الأمريكية، معتبرة أن الاتهامات "غير مدعومة بأي أدلة ملموسة".
أزمة ثقة في الاستخبارات الأمريكية
وبين الروايتين، تبرز قضية أعمق تتعلق بثقة الأمريكيين في مؤسساتهم الاستخباراتية. فالتباين الكبير بين التقييمات الأولية والنهائية، واستناد بعض التقارير إلى مصادر مثيرة للجدل، يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية بشأن مدى استقلالية هذه الأجهزة عن التأثيرات السياسية.
كما أن التلويح باستدعاء أوباما إلى الكونغرس قد يزيد من حدة الانقسام السياسي في البلاد، قبل أشهر من انتخابات رئاسية جديدة تبدو أكثر استقطابًا من أي وقت مضى.