في إعلانات الجامعات الأوروبية، سواء المنشأة حديثًا أو القديمة، يتم التركيز على نوعية التعليم المقدَّم، ومستوى الجامعة تعليميًا، والبرامج الحديثة التي تتماشى مع متطلبات المستقبل، بالإضافة إلى البرامج المرنة والدورات التعليمية عن بُعد، التي تسمح بالعمل بشكل جزئي بجانب الدراسة. كما يتم الترويج للحرم الجامعي المجهز بأحدث المعامل والتقنيات، مع مدرجات وقاعات دراسية على أعلى مستوى، فضلًا عن المرافق الرياضية والترفيهية المتطورة، وإتاحة الفرص العملية للطلاب من خلال المشاريع البحثية، والتدريب مع خبراء الصناعة، والشراكات مع الشركات الكبرى والمصانع والمجتمع المدني التي تفتح لهم أبواب العمل، بالإضافة إلى المنح الدراسية التنافسية للطلاب الجدد.
أما في إعلانات الجامعات الأهلية الجديدة بمصر، فهي تقتصر على "الأوكازيونات" الخاصة بالمجموع وقيمة المصروفات فقط، وكأنها عرض مبيعات لسلعة في هايبر ماركت! التخصصات تتكرر بالشكل المعتاد: طب، هندسة، حاسبات، تمريض، وعلوم... إلخ، بنفس محتوى المقررات أيضًا. وقد تكون الدراسة في نفس مواقع الجامعات الحكومية الأخرى، وتعتمد على الانتدابات من الجامعات الحكومية، لعدم وجود كوادر تدريسية معينة بشكل دائم، وكأن هذه الجامعات تستنسخ نفسها وتتكاثر كالأميبا بلا ابتكار أو تغيير. حتى في تحديد المصروفات، تجدها شبه ثابتة عبر جميع الجامعات: هندسة 70 ألف، حاسبات 80 ألف.
والأغرب أن بعض الجامعات الأهلية تخفض المجموع، وتصل إلى حد قبول طلاب في كليات الهندسة والطب بمجموع 70% و65%. والذي يثير التساؤلات الآن هو مقارنة نسب النجاح في الفرقة الأولى في تخصصات معينة، وعلى سبيل المثال في كليات الطب. فبينما كلية طب حكومية في إحدى محافظات الصعيد – (والتي استقبلت طلابًا بمجموع 92.6% هذا العام) – كانت نسبة الرسوب في الفرقة الأولى تصل إلى 71%، بناءً على ما صرَّح به رئيس اتحاد طلابها، والعام الماضي، وبمحافظة أخرى في كلية طب أيضًا، كانت نسبة الرسوب مرتفعة وتجاوزت هذا الرقم.
أما الجامعات الأهلية التي تقبل طلابًا في كليات الطب بمجموع 70% أو أقل، فلم نجد أي معلومات عن نسب الرسوب فيها! من المحتمل أن تكون النتيجة كما هو الحال في الجامعات الأخرى، وربما لا... وهنا ننتظر الإجابة منهم في إعلانهم لنسب نجاح الفرقة الأولى.
ومع استمرار التدفق المتسارع للجامعات الجديدة، أصبحت البلاد في حالة اختناق. هذا التوسع يزيد من معاناة الطلاب المتفوقين، الذين تم التضييق عليهم بتقليص أعداد القبول في الجامعات الحكومية لخدمة الجامعات الأهلية المستنسخة، ليرتفع تنسيق المرحلة الأولى عن العام الماضي، رغم انخفاض نسبة النجاح وزيادة عدد الراسبين.
درجة واحدة فقط قد تكون سببًا في إحباط طالب مجتهد، وتغيير مساره ومستقبله، لعدم استطاعته إيجاد مكان لدراسة تخصص محبب له في جامعة حكومية بسبب خفض أعداد القبول بالجامعات الحكومية لصالح الأهلية. وهذا يخلق حالة من الحسرة والانكسار لدى أولياء الأمور، الذين يشاهدون طموحات وأحلام أبنائهم تتبخر على عتبة الرأسمالية المتوحشة، التي حرمتهم من عدل الإتاحة التعليمية القائم على القدرات العقلية، لا القدرات المادية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.