احتضنت كلية العلوم بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أول أمس السبت، مناقشة أطروحة دكتوراه في علوم الصحة تقدم بها الباحث إبراهيم وخزان حول موضوع “تقييم فعالية المقاربات الحديثة لدى مهنيي الصحة لتعزيز سلامة الرعاية الصحية بالمغرب”.
وأبرز وخزان أن هذا العمل الأكاديمي يستمد خلفيته المرجعية من الدينامية الوطنية التي يشهدها قطاع الصحة، والتي أرساها الملك محمد السادس بتوجيهاته السامية الرامية إلى إحداث إصلاح عميق وشامل للمنظومة الصحية، بما يضمن تحقيق الإنصاف في الولوج إلى العلاج وتكريس جودة الخدمات وحماية كرامة المرضى.
وأشار الباحث إلى أن هذا التوجه الإصلاحي لم يكن مجرد إعلان نوايا؛ بل تجسد فعليا عبر إطلاق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية سنة 2021، باعتباره ورشا ملكيا ذا طابع استراتيجي، يضع في صلب أولوياته تعزيز سلامة المرضى داخل المؤسسات الصحية، وتأهيل العرض الصحي الوطني بما يتلاءم مع تطلعات المواطنين وحاجياتهم المتزايدة.
وفي هذا السياق، اعتبر أن الأطروحة تندرج ضمن هذا الإطار المرجعي، وتسعى إلى الإسهام في مواكبة هذا التحول من موقع أكاديمي، عبر مقاربة علمية توظف المعطيات الميدانية لصياغة توصيات عملية تستجيب لتحديات الواقع وتدعم جهود الإصلاح الجارية على مستوى السياسات العمومية الصحية.
وأثناء مناقشة اللجنة العلمية للأطروحة، تم التأكيد على أن الباحث انطلق من تشخيص دقيق وميداني لواقع سلامة المرضى بالمستشفيات المغربية، مستندا إلى بيانات تم جمعها من مؤسسات استشفائية بمناطق متعددة؛ مما أضفى عليها مصداقية علمية وعمقا واقعيا، وأنه من خلال هذه الأرضية انكب الباحث على تقييم فاعلية مجموعة من الآليات المعتمدة في تعزيز ثقافة السلامة، كالمحاكاة الطبية وأنظمة الإبلاغ الاستباقي عن الحوادث، إلى جانب إدماج أبعاد التنظيم الداخلي والرقمنة في تطوير الممارسة المهنية لمهنيي الصحة.
ومن خلال المناقشة، تم إبراز أن الأطروحة ركزت على ترجمة خلاصاتها إلى مقترحات قابلة للتنفيذ، عبر إعداد خارطة طريق استراتيجية تتضمن إجراءات عملية لتعزيز معايير السلامة وجودة الرعاية الصحية، بما يتيح اعتمادها ضمن السياسات العمومية ذات الصلة، وأن هذا ما جعل هذا العمل العلمي يتجاوز الطابع النظري ليقدم نموذجا إصلاحيا يراكم بين التحليل والتخطيط الميداني.
وقد أشرفت على المناقشة لجنة علمية متعددة التخصصات، تضم أساتذة وباحثين في علوم الصحة وسلامة المرضى وتدبير المخاطر وعلم الاجتماع. وقد نوهت اللجنة بأهمية الموضوع، معتبرة إياه متقاطعا مع رهانات مركزية في تدبير الشأن الصحي، كما أثنت على مسار المترشح الذي يجمع بين الممارسة الإدارية والانخراط في تطوير المنظومة الصحية من موقع المسؤولية.
واعتبرت اللجنة أن هذا العمل يجسد نموذجا للبحث التطبيقي المنفتح على الإشكالات الحقيقية للمنظومة الصحية، ويعكس ما يمكن أن تضطلع به الجامعة المغربية من دور في إنتاج معرفة عملية قادرة على دعم الإصلاحات العمومية، وترسيخ تقاليد بحثية مواكبة لقضايا التنمية وتجويد أداء المرافق العمومية.
ويشغل إبراهيم وخزان منصب رئيس قسم التكوين بمديرية الموارد البشرية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية وكذا مدير بالنيابة لمديرية التنظيم والمنازعات، ويعتبر الباحث حفيد المقاوم إبراهيم وخزان أحد أبرز مقاومي قبائل آيت بعمران.