أخبار عاجلة

الأولى منذ 25 عامًا.. تفاصيل قمة سورية - إسرائيلية تمهد لـ"تطبيع أمني"

الأولى منذ 25 عامًا.. تفاصيل قمة سورية - إسرائيلية تمهد لـ"تطبيع أمني"
الأولى منذ 25 عامًا.. تفاصيل قمة سورية - إسرائيلية تمهد لـ"تطبيع أمني"

في تطور غير مسبوق يعكس تحولات يرجحها المراقبون والخبراء في الديناميكيات الجيوسياسية بالشرق الأوسط، شهدت العاصمة الفرنسية باريس مؤخرًا ما وصف بأنه "أول قمة سورية-إسرائيلية منذ ربع قرن". وهذا الاجتماع السري، الذي لم يتم الإعلان عنه رسميًا في حينه، ضمّ وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري، بحكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع،  أسعد الشيباني والمبعوث الأمريكي توم باراك.

وكشف مصدر دبلوماسي سوري مطلع في تصريحات لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن الحوار تمحور حول التطورات الأمنية الأخيرة ومحاولات احتواء التصعيد في الجنوب السوري. 

وحظي اللقاء باهتمام واسع، كونه الأول على هذا المستوى الرفيع منذ عام 2000، عندما استضاف الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية آنذاك إيهود باراك ووزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع، في إطار الجهود للتوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين.

"تطبيع أمني"
وقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إن هذا الاجتماع يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول إمكانية التوصل إلى "تطبيع أمني" بين دولتين لطالما كانتا في حالة عداء. إن مجرد عقد هذا الاجتماع يعتبر بحد ذاته إشارة قوية إلى وجود رغبة، ولو محدودة، في استكشاف مسارات جديدة للتعامل مع التحديات الأمنية المشتركة أو المتقاطعة.  

دوافع القمة السرية: تغيير في المعادلات الإقليمية
تثير هذه القمة العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراءها. فمن جانب سوريا، قد تكون هناك رغبة في تخفيف الضغوط الإقليمية والدولية، خاصة في ظل استمرار الأزمة الداخلية وتداعياتها الاقتصادية والأمنية. 

وقد تكون دمشق تسعى لإيجاد مساحة للمناورة أو لتأمين مصالحها في مناطق معينة. أما من الجانب الإسرائيلي، فقد تكون الأولوية هي احتواء النفوذ الإيراني في سوريا، أو تأمين الحدود الشمالية، أو حتى الحصول على معلومات استخباراتية حول مجموعات معينة. إن السياق الإقليمي المتغير، بما في ذلك التحديات الأمنية المشتركة مثل تهديدات الإرهاب العابر للحدود أو انتشار الأسلحة، قد يكون قد خلق أرضية مشتركة نادرة دفعت الطرفين إلى الطاولة. 

ويرى الإسرائيليون لقاء ديرمر والشيباني خطوة متقدمة وإيجابية تبعث الأمل في عدم تصعيد الوضع داخل سوريا، على الرغم من شكوكهم في مدى سيطرة الرئيس أحمد الشرع على الوضع وحتى في نياته، مما يدفعهم للحديث عن تطبيع من نوع خاص. يبدو أن كلا الجانبين يدرك أن استمرار الوضع الراهن قد لا يخدم مصالحهما على المدى الطويل، مما يدفع نحو استكشاف حلول غير تقليدية. وفقًا لـ"الإندبندنت".

نزع السلاح والمنطقة العازلة
ويشير مصطلح "التطبيع الأمني" إلى مستوى من التعاون أو التنسيق بين الأطراف المتخاصمة في المسائل المتعلقة بالأمن، دون أن يرقى ذلك بالضرورة إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية أو الاقتصادية.

في سياق القمة السورية-الإسرائيلية، وضع لقاء القمة الذي بادر إليه المبعوث الأمريكي براك نقاطًا أولية ومبدئية لتحقيق الهدف الآني بعدم احتدام التوتر وتصعيده، عبر خطوات عملية وفورية تشرف على تنفيذها الولايات المتحدة. هذه الخطوات، وكما أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي، تحافظ على الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل في كل ما يتعلق بالمناطق التي تسيطر عليها والمنتشر فيها جيشها إلى جانب المنطقة العازلة، التي تسعى تل أبيب في هذه الأثناء إلى تعزيزها سواء بعمليات في الميدان (والتي بدأت فيها منذ مطلع الأسبوع بترسيم حدود جديدة تتجاوز خط وقف النار المتفق عليه منذ عام 1974)، أو عبر مناقشتها مع الطواقم الأمنية التي ستواصل اللقاءات والمحادثات بينها.

وبعد أكثر من أسبوع من أحداث السويداء واحتدام القتال والتوتر بعد تدخل إسرائيل تحت ذريعة الدفاع عن الدروز في سوريا، ومن جهة أخرى التهديدات الإسرائيلية وما نفذته داخل الأرض السورية من أعمال بنى تحتية جديدة لإقامة جدار ولرسم حدود جديدة، جاءت تفاهمات القمة لتمنع تكرار أحداث السويداء، وتشكّل ضمانة لاستمرار إسرائيل داخل مناطق انتشارها وحفاظها على خطوطها الحمراء الضامنة لأمن الدروز وأمن حدودها. وبحسب الاتفاق، سيُفكك سلاح القنيطرة ودرعا المحاذيتين للحدود الإسرائيلية-السورية، وهو مطلب إسرائيلي، وتمت الموافقة على تشكيل لجان أمنية محلية شرط عدم حمل الأسلحة الثقيلة.

أما في السويداء، فينُفّذ الاتفاق على مرحلتين وتشرف على تنفيذه واشنطن، ويتجاوب إلى حد كبير مع مطلب إسرائيل: ففي المرحلة الأولى تُسحب قوات العشائر المحلية وقوات النظام من قرى الدروز، على أن تقوم فصائل درزية بمسح القرى للتحقق من ذلك. المرحلة الثانية تبدأ بعد تأكيد الفصائل الدرزية أن السويداء خالية من العشائر البدوية وقوات النظام، وعندها تقام مجالس محلية بمشاركة سكان السويداء، الذين سيُعينون للتعامل مع الموارد والخدمات المطلوبة داخل المنطقة. وتُشكل المجالس لجنة لمراقبة وتوثيق انتهاكات الاتفاق، ولن يُسمح بدخول السويداء لأية منظمة أو هيئة مرتبطة بحكومة سوريا، بينما سيسمح لهيئات تابعة للأمم المتحدة بدخول المنطقة، وهو جانب عدته إسرائيل إنجازها الكبير. أما منطقة الحدود وضمان أمنها، فستتولى مهمتها الطواقم المهنية والأمنية الإسرائيلية والسورية، المتوقع عقد سلسلة لقاءات جديدة بينهما، وكل هذا يرتبط بمدى الالتزام بقمة باريس وإعادة الهدوء إلى الجبهة السورية على الرغم من استمرار انتشار وتوسيع تمركز الجيش الإسرائيلي فيها.  

مسألة السيادة ورفض التدخل
وشدّد الوفد السوري خلال لقاء باريس على أن وحدة وسلامة وسيادة الأراضي السورية مبدأ غير قابل للتفاوض، وأن السويداء وأهلها جزء أصيل من الدولة السورية، لا يمكن المساس بمكانتهم أو عزلهم تحت أي ذريعة. كما بين المصدر الدبلوماسي أن "تم التأكيد على أن الشعب السوري، ومعه مؤسسات الدولة، يسعون جديًا إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وأن السوريين بعد سنوات من الصراع، يتطلعون اليوم إلى الأمن والاستقرار، ورفض الانجرار نحو مشاريع مشبوهة تهدد وحدة البلاد".

ولفت الوفد السوري إلى رفضه بشكل قاطع أي وجود أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية، وأي محاولة لاستغلال فئات من المجتمع السوري في مشاريع التقسيم أو خلق كيانات موازية تفتت الدولة وتغذي الفتنة الطائفية. 

وقد أكد المصدر الدبلوماسي السوري أن اللقاء لم يسفر عن أي اتفاقات نهائية، بل كان عبارة عن مشاورات أولية تهدف إلى خفض التوتر وإعادة فتح قنوات التواصل في ظل التصعيد المستمر منذ أوائل ديسمبر. واتفق الجانبان على عقد لقاءات أخرى خلال الفترة المقبلة "بهدف مواصلة النقاشات وتقييم الخطوات التي من شأنها تثبيت الاستقرار واحتواء التوتر في الجنوب". وفقًا لشبكة سكاي نيوز.

واعتبر أكثر من مسؤول إسرائيلي الاتفاق، في مجمله، إنجازًا يتجاوب مع المطالب الإسرائيلية ويضمن مصالح تل أبيب في سوريا، وعدم دخول عناصر النظام إلى البلدات الدرزية ونزع سلاحها. هذه الجوانب، بحسب الإسرائيليين، هي بداية لتحقيق المطلب الإسرائيلي بأكمله بجعل الجنوب كله منطقة معزولة السلاح. ويقول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين إن "الأهم في هذه المرحلة أولًا ضمان مصالح إسرائيل، وهي عدم تكرار أحداث السابع من أكتوبر على الحدود الشمالية وهذه مسؤولية الجيش الإسرائيلي ومصلحتها في ضمان نزع السلاح ومنطقة أمنية لمنع عودة الإيرانيين و'حزب الله' إلى سوريا والتمركز والتوسع فيها". 

ويضيف يدلين: "أما مصلحة الدروز فلا تقل أهمية لأن علاقتنا مع الدروز تحتم حمايتنا لهم وعدم التخلي عنهم، وضمان مثل هذه الحماية في بلداتهم داخل الجنوب السوري تضمن أيضًا الأمن على حدودنا وعلى بلدات الشمال".

ويبدو أن عاموس، كغيره من سياسيين وأمنيين، لا يتوقع أن يبدأ توسيع اتفاقات أبراهام في سوريا. فإذا كان هناك أي احتمال قبل أحداث السويداء فقد أصبح بعيدًا من التنفيذ. لكن بحسب يدلين "صحيح أن التطبيع هو أفضل ما يمكن أن تحققه إسرائيل، لكن يكفي اليوم في ظل التطورات الأخيرة أن نصل إلى تطبيع من نوع خاص وهو التفاهم واستمرار وقف المواجهات والقصف والقتال بين إسرائيل والنظام السوري، وهذا أيضًا تطبيع لعلاقات أمنية"، ويضيف مؤكدًا "هناك حاجة للتوصل إلى اتفاق تطبيع لعدم الحرب وعدم وقوع أي هجوم من الطرفين. علينا التوصل إلى اتفاق يضمن في نهايته وقفًا دائمًا للنار".

على الجانب الآخر، وفي إسرائيل، أقامت مجموعة من الدروز، بينهم أولئك الملتحقين بالخدمة في الجيش، غرفة طوارئ، وهم يعدون أن ما فعلته إسرائيل غير كافٍ، وطالبوا بتدخل أكبر والدفاع المباشر عنهم. وفي غرفة الطوارئ يجري التواصل مباشرة مع جهات درزية في السويداء التي تطلعهم من خلالها على كافة التطورات، وإذا تطلب الأمر يتم التدخل من طرف إسرائيل.

أما الطرف الآخر والمتمثل في لجنة التواصل مع سوريا ولجنة المبادرة الدرزية، فيرفض هذا التدخل الإسرائيلي، ويعد وضع دروز سوريا شأنًا سوريًا وعربيًا. ويرى بعض المراقبين أن الاجتماع المفاجئ في باريس بتوقيته ومضمونه ليس صدفة، مشيرين إلى أن "أي اتفاق لوقف الاعتداءات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين وخصوصًا في السويداء مرحب به، لكن علينا أن نكون حذرين من أي اتفاق ومضمونه. اتفاق باريس محاولة لذر الرماد في العيون. فمضمونه في معظمه اتفق عليه سابقًا وما كانت هناك حاجة لاتفاق ووساطة خارجية ولا أمريكية لحماية أنفسنا، كما أن توقيته مستهجن ومستغرب فهو جاء بعد اللقاء بين إسرائيليين وسوريين داخل أذربيجان، ويبدو أن هناك محفزًا معينًا لضمان مكاسب سياسية، لأن أي اتفاق يتطرق للشأن الداخلي السوري عليه أن يكون أولًا بين السوريين أنفسهم، وهذا ما يضمن عدم إشعال الاقتتال الداخلي".

كما يضيف بعض المراقبين أن "مهمة حماية الدروز هي مهمة سورية أولًا ثم عربية، واستغرب أن الدولة السورية في حاجة إلى تدخل ووساطة أمريكية وإسرائيلية لكي تحمي مواطنيها المدنيين، سواء كانوا من الدروز أو غير دروز". 

وحذر هؤلاء المراقبون من تداعيات فرض إسرائيل واقعًا على الأرض في سوريا واستغلال مثل هذا الاتفاق، قائلين: "نحن أمام مشهد أهدافه سياسية تصب في صالح ومصالح ومطامع إسرائيل، وترسخ تدخلها". أما من ناحية تدخل إسرائيل تحت ذريعة حماية الدروز وتقديم المساعدات لهم، فبرأيهم ما تفعله إسرائيل "يتجاوز الأهداف الإنسانية ولا غرابة في أن يتم ذلك بالتنسيق الإسرائيلي-الأمريكي". 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق صلاح محسن يقود تشكيل المصري أمام الترجي في أولى المباريات الودية
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية