في خضم التحديات الاقتصادية العالمية، تمكنت مصر من تحقيق إنجاز لافت في تقليص عجزها التجاري إلى مستويات قياسية، مدعومة بزيادة ملحوظة في الصادرات وجهود استراتيجية لترشيد الواردات، وهذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج سياسات اقتصادية طموحة وإصلاحات هيكلية عميقة، جعلت من مصر نموذجًا يحتذى به في تحسين الميزان التجاري.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف ساهمت الصادرات في خفض العجز التجاري المصري إلى أدنى مستوى له خلال النصف الأول من عام 2025.
الوضع الاقتصادي نقطة الانطلاق
ويعكس الميزان التجاري الفارق بين قيمة الصادرات والواردات، وهو مؤشر حيوي لقياس صحة الاقتصاد الوطني. في السنوات السابقة، عانت مصر من عجز تجاري كبير، بلغ ذروته عام 2015 عند 53.4 مليار دولار.
ولكن الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت منذ 2016، بما في ذلك تحرير سعر الصرف وبرامج دعم الصادرات، مهدت الطريق لتحسينات ملحوظة.
وبحلول عام 2025، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع العجز التجاري غير النفطي بنحو 18% خلال النصف الأول من العام، ليسجل 14.3 مليار دولار، مقارنة بـ17.4 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2024.

دور الصادرات في تقليص العجز
وشهدت الصادرات المصرية، خاصة غير النفطية، طفرة ملحوظة في 2025. وفقًا لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ارتفعت الصادرات بنسبة 11.6% في مايو 2025، لتصل إلى 4.249 مليار دولار، مقارنة بـ3.56 مليار دولار في مايو 2024.
وهذا الارتفاع لم يقتصر على المنتجات النفطية، بل شمل قطاعات متنوعة مثل الحاصلات الزراعية، الملابس الجاهزة، والصناعات الهندسية.
وعلى سبيل المثال، قفزت صادرات الحاصلات الزراعية إلى 4.8 مليون طن خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، بزيادة نصف مليون طن عن العام السابق، مع تصدر الموالح والبطاطس القائمة.
كما سجلت صادرات الملابس الجاهزة نموًا بنسبة 22% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025، محققة أول مليار دولار في هذه الفترة، بينما ارتفعت الصادرات الهندسية بنسبة 19% إلى 2.1 مليار دولار.
وهذه الأرقام تعكس نجاح مصر في تنويع سلة صادراتها، مما قلل الاعتماد على المنتجات التقليدية مثل الوقود والقطن، وزاد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.
استراتيجيات دعم الصادرات
وجاءت هذه الطفرة التصديرية نتيجة استراتيجيات متكاملة نفذتها الحكومة المصرية، ومنها برامج دعم الصادرات التي قدمت حوافز مالية ولوجستية للمصدرين، ساهمت في خفض تكاليف الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية.
كما تم تعزيز الشراكات التجارية مع دول مثل تركيا، إيطاليا، والسعودية، التي استحوذت على نسبة كبيرة من الصادرات المصرية، حيث ساهمت زيادة الاكتشافات في قطاع الغاز الطبيعي في تحقيق فائض في الميزان البترولي، مما دعم الصادرات النفطية التي ارتفعت بنسبة 204.3% في أبريل 2022، واستمرت في النمو خلال السنوات اللاحقة.
وإضافة إلى ذلك، عملت مصر على ترشيد الواردات من خلال توطين الصناعات المحلية، مما قلل من الاعتماد على المنتجات المستوردة مثل القمح والمواد الخام الصناعية.
وعلى سبيل المثال، انخفضت واردات القمح بنسبة 30% في أبريل 2022، وهو اتجاه استمر مع تحسين الإنتاج المحلي.
وتمثل الزيادة في الصادرات المصرية خطوة كبيرة نحو تحقيق هدف الحكومة الطموح بتصدير بقيمة 100 مليار دولار سنويًا، ومن خلال تنويع الصادرات، تحسين البنية التحتية، وتعزيز الشراكات الدولية، نجحت مصر في تقليص عجزها التجاري إلى أدنى مستوياته في ست سنوات.
وهذا الإنجاز ليس مجرد رقم في تقرير اقتصادي، بل دليل على قدرة مصر على تحويل التحديات إلى فرص، مما يعزز مكانتها كمركز تجاري إقليمي واعد.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.