عدّ محللون اقتصاديون أن مشروع إنشاء وحدة صناعية لتكرير هيدروكسيد الليثيوم بالمغرب، المعلن عنه أخيرا، بشراكة بين شركة “LG Energy Solution” الكورية الجنوبية ومجموعة “Yahua Group” الصينية، بقيمة استثمارية تناهز 5.5 مليارات درهم، “يكتسي أهمية واضحة نظرا لأنه يفتح الباب أمام تنويع المملكة لشراكتها في ميدان صناعة السيارات الكهربائية، من خلال الانفتاح على فاعلين أجانب جدد إلى جانب الصينيين”.
وشدد المحللون الذين تحدثوا لهسبريس على أن هذا المشروع الذي تمّ اعتماده خلال الدورة الثامنة للجنة الوطنية للاستثمارات، وعقد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية اجتماعا بخصوصه مع ممثلي الشركتين يوم الأربعاء الماضي، “سيساهم في تعزيز موقع المغرب في ميدان صناعة السيارات الكهربائية، وينهض بتصنيفه في مجال استقطاب الاستثمارات”.
ويتوقع أن يوفّر المشروع بعد تنزيله أكثر من 430 منصب شغل مباشرا، وفق المعطيات المتوفّرة.
تنويع الشراكات
ذكر رشيد ساري، محلل اقتصادي رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن “هذا المشروع الذي نحن بصدده يأتي بعد الشراكة الاستراتيجية الكبيرة التي جمعت مجموعة المدى المغربية وصندوق CNGR الصيني الرائد في مواد البطاريات، وتمخضت عنها شركة كوبكو”، مشيرا إلى إطلاق الأخيرة أول مصنع لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون، بالجرف الأصفر، باستثمار قدره 20 مليار درهم.
ووضح ساري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا يكشف وعي المغرب بحاجته إلى الاستثمار أكثر في قطاع السيارات الكهربائية، بدءا من تطوير إنتاج البطاريات”، مفيدا بأنه “يأتي في سياق تراجع الطلب على السيارات التي تعتمد الوقود الأحفوري شيئا فشيئا”.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن المغرب من خلال الاستثمارات في إنتاج البطاريات التي يستقطبها، “يجني ثمار ما قام به من استثمارات مهمة، خاصة في خلق مجموعة من المختبرات، ما أفضى إلى إنتاج بطاريات مستخلصة من الفوسفور”.
ولفت إلى أهمية الاستثمار الجديد للفاعليْن الصيني والكوري الجنوبي؛ “فرغم أن حجمه يبقى رمزيا، إلا أنه يفتح الباب أمام تنويع جنسيات الشركاء في هذا الميدان، بعد أن كنا نتحدّث طيلة سنوات فقط عن المجموعات الصينية”.
واستحضر ساري “ضعف ترتيب المغرب على صعيد الاستثمارات؛ فحسب تقرير للأمم المتحدة للتجارة والتنميمة (كنيصد)، تحتل البلاد المرتبة الثالثة عشرة إفريقيا على هذه الصعيد”، متوقعا أن “هذا التدفق للاستثمارات في ميدان السيارات الكهربائية يمكن أن ينهض بتصنيف البلاد”.
تموقع مغربي
وشدد خالد حمص، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، على أن “هذا الاستثمار الجديد المتعلّق بوحدة تكرير الليثيوم يعزز موقع المغرب في صناعة السيارات الكهربائية”.
وأشار حمص، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “المغرب الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا القادرة على استقطاب استثمارات صينية وكورية مهمة مرتبطة بهذه الصناعات”.
وأرجع الأستاذ الجامعي “دينامية الاستثمار الأجنبي في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية بالمغرب إلى غنى البلاد بمجموعة من المعادن المتدخلة في الإنتاج، وكذا توجه الكثير من المجموعات الدولية الكبرى نحو اعتماد التوزيع العالمي للعمل ورغبتها في الولوج إلى السوق الأمريكية والأوروبية عبر بوابة المملكة”.
وفي هذا الصدد، لفت أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن “الأمريكيين والصينيين باتوا يخلقون مجموعة من المتاعب للشركات الصينية الفاعلة في ميدان صناعة السيارات”.
وأوضح أن “هذه المجموعات تريد الولوج السهل إلى الأسواق المذكورة، في ظل ارتباط المغرب باتفاقية التبادل التجاري الحر مع الولايات المتحدة، وكذلك مع الاتحاد الأوروبي”.