اقرأ في هذا المقال
- عمليات التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي تجذب عدّة شركات من مختلف دول العالم
- بريطانيا تستكشف المواقع المحتملة للتنقيب عن الهيدروجين الطبيعي
- شركات بريطانية تسعى للعثور على الهيدروجين تحت الأرض في البلاد وخارجها
- آفاق واعدة لاستكشاف الهيدروجين الطبيعي في 5 دول أخرى
تجذب عمليات التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي اهتمامًا متزايدًا من مختلف دول العالم، في ظل السعي الدائم إلى توفير إمدادات طاقة موثوقة ومنخفضة الانبعاثات.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، انضمت شركات التنقيب البريطانية إلى مساعي البحث عن احتياطيات هائلة من الهيدروجين الطبيعي المختبئ في قشرة الأرض، أملًا في إطلاق شرارة "حمى الذهب" في قطاع الطاقة الخضراء
ويُعتقد أن مليارات، وربما تريليونات، من الأطنان من هذا الغاز محصورة في تكوينات صخرية عميقة تحت الأرض، كانت في السابق بعيدة المنال، لكنها اليوم متاحة بفضل تقنيات الحفر الحديثة.
وإذا ثبتت الاحتياطيات المُشتبه بها، فقد تُوفر مصدرًا جديدًا وفيرًا للوقود الجاهز منخفض الكربون، الذي يُمكن استخراجه مباشرة من الأرض، تمامًا مثل النفط والغاز.
التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي في بريطانيا
على الرغم من كونها رائدة عالميًا في استغلال موارد الطاقة الجوفية مثل الفحم والنفط والغاز، فإن بريطانيا لم تبدأ رحلة التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي إلا مؤخرًا.
وقالت باربرا شيروود لولار، التي قادت مؤخرًا دراسة للجمعية الملكية البريطانية حول إمكانات الهيدروجين الطبيعي: "عندما يحترق الهيدروجين، فإنه لا يُنتج ثاني أكسيد الكربون، بل بخار الماء فقط".
ويشير تقريرها إلى أن الأرض تُمثّل فعليًا مصنعًا عملاقًا للهيدروجين، حيث تخضع أنواع مختلفة من الصخور الشائعة لتفاعلات تُطلق الهيدروجين منذ مليارات السنين.
وتُقدَّر هذه التفاعلات بإنتاج ملايين الأطنان من الغاز سنويًا، وهي عملية مستمرة منذ مليارات السنين.
وسيكون بعض هذا الهيدروجين قد ارتفع إلى السطح وتسرب إلى الفضاء، في حين سيتراكم المزيد منه تحت الأرض؛ إذ تقول شيروود لولار: "المسألة ببساطة هي العثور عليه".
ووفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، يُنتج الهيدروجين طبيعيًا من خلال عمليتين رئيستين. تتضمن إحداهما تفاعل الماء مع الصخور الغنية بالحديد، والأخرى هي التحليل الإشعاعي، حيث تُحطم العناصر المشعة مثل اليورانيوم جزيئات الماء. وتُحوّل كلتا العمليتين الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
ويتعين على الجيولوجيين الباحثين عن الهيدروجين البحث عن الصخور المناسبة -سواءً الغنية بالحديد أو المشعة- في أعماق الأرض، وكانت هذه مهمة شاقة في السابق، لكن الكم الهائل من البيانات الجيولوجية العالمية المتاحة الآن، بالإضافة إلى ظهور الذكاء الاصطناعي، سهّل الأمر كثيرًا.
وحاليًا، ترسم هيئة المسح الجيولوجي البريطانية خرائط للصخور المشعة أو الغنية بالحديد التي قد تستحق التنقيب، مع احتمال وجود مناطق مثل كورنوال، ودارتمور، وجبال بينينز، وإسكتلندا، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا تيليغراف" (The Telegraph).
وذكر تقرير الجمعية الملكية: "قد يوفر هذا أساسًا متينًا لتوسيع نطاق الهيدروجين الطبيعي بوصفه موردًا محتملًا في بريطانيا".

شركات بريطانية تبحث عن الهيدروجين الطبيعي
إحدى الشركات التي تسعى إلى التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي هي شركة ساوند إنرجي البريطانية (Sound Energy).
وتبحث ساوند إنرجي عن الهيدروجين تحت صحاري المغرب، بالتعاون مع شركة جيتك (Getech)، وهي شركة بريطانية متخصصة في تحليل البيانات الجيولوجية.
وقامت الشركتان بمسح كامل أنحاء البلاد بحثًا عن الصخور التي يُحتمل أن تحتوي على الهيدروجين الطبيعي، والآن تريدان بدء الحفر.
وقال نائب رئيس شركة ساوند إنرجي لعلوم الأرض، جون أرجنت: "نعمل على تأمين تصاريح استكشاف الهيدروجين في المغرب لتمكين المسح الأرضي والحفر، للتحقق من رواسب الهيدروجين المحتملة".
وفي تصريح خاص إلى منصة الطاقة المتخصصة، قال الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إنرجي، غراهام ليون، إنه عقد اجتماعات مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية خلال الأسبوع الماضي، أعرب المسؤولون خلالها عن رغبتهم في تعزيز فرص البحث عن الهيدروجين الطبيعي في المملكة.
ومن بين المنافسين البريطانيين، هناك شركة سنوفوكس (Snowfox)، وهي شركة ناشئة أسّسها الأستاذان كريس بالنتين ومايك دالي من جامعة أكسفورد، والبروفيسور جون غلوياس من جامعة دورهام، اللذان يعملان حاليًا مستشارَين علميين للشركة.
ويقوم "محرك بحث الهيدروجين" التابع لشركة سنوفوكس، والقائم على الذكاء الاصطناعي، بتحليل البيانات الجيولوجية المجمعة من جميع أنحاء العالم للعثور على مناجم هيدروجين محتملة، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا تيليغراف" في تقريرها.
وما تزال براءة اختراع قيد الانتظار، لذا تتوخى سنوفوكس الحذر بشأن الدعاية، ولكن زعم كبير مسؤولي الاستكشاف في سنوفوكس مايك لوسون أن الهيدروجين الطبيعي قد يصبح قريبًا مصدر طاقة مهمًا عالميًا.
وقال لوسون، في مؤتمر حول الهيدروجين الطبيعي عُقد في الجمعية الجيولوجية بلندن بشهر يونيو/حزيران الماضي: "للهيدروجين الطبيعي القدرة على توفير إمدادات تنافسية من حيث التكلفة، وبجزء قليل من البصمة الكربونية لمصادر الهيدروجين البديلة".
وقد يكون من السهل عَدّ الشركات البريطانية التنقيب عن الهيدروجين، "مجرد أحلام يقظة"، إلّا أن الهيدروجين الطبيعي يمتلك القدرة على تغيير اقتصادات الإنتاج، ما قد يُحدِث تحولًا في السوق.
فقد ألهم طرح أسهم سنوفوكس الأخير، ذراع رأس المال الاستثماري لشركة بي بي البريطانية لقيادة الاستثمار في الشركة الناشئة، إلى جانب شركة التعدين العملاقة ريو تينتو (Rio Tinto) وشركة الاستثمار أكسفورد ساينس إنتربرايزز (Oxford Science Entreprises).

التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي في دول أخرى
في الولايات المتحدة، ألهم البحث عن الهيدروجين الطبيعي وإمكاناته اثنين على الأقل من أغنى رجال العالم، حيث استثمر بيل غيتس وجيف بيزوس في شركة كولوما (Koloma)، التي تنقّب عن الهيدروجين في أميركا الشمالية.
كما استثمر صندوق غيتس في شركة مانتل 8 الفرنسية (Mantle 8)، التي تنقّب في جبال البرانس، وتعهدت بالعثور على 10 ملايين طن من الهيدروجين بحلول عام 2030.
وقد طوّرت الشركة تقنيتها الخاصة التي يمكنها اكتشاف مواقع الهيدروجين الطبيعي تحت الأرض بدقّة "هي الأولى من نوعها في العالم"، و"تصوّر نظام توليد الهيدروجين بالكامل لتقييم كمية الهيدروجين الموجود ونوعيته".
ووفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، تجمع تقنية "مانتل 8" الخاصة بين الجيوفيزياء والكيمياء الجيولوجية والبيانات الزلزالية، وهي "قابلة للتطوير لتقييم واستكشاف الكوكب بأكمله"، للعثور على الهيدروجين الطبيعي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة مانتل 8، إيمانويل ماسيني، بجولة تمويل عُقدت في مارس/آذار 2025: "إن نهجنا الذي يركّز على العلم يجعل اكتشاف الهيدروجين أكثر قابلية للتوسع وأكثر دقة وسرعة وربحية".
في أستراليا، قامت شركة غولد هيدروجين (Gold Hydrogen) بالحفر في شبه جزيرة يورك بالقرب من أديلايد، مُعلنةً عن اكتشافات من الهيدروجين الطبيعي بنسبة نقاء تصل إلى 96%، بالإضافة إلى الهيليوم، وهو غاز ثمين آخر، مع المزيد من عمليات الحفر التجريبية الجارية خلال عام 2025.
وقالت الشركة: "ستؤدي النتائج الناجحة إلى إكمال مشروع تجريبي يهدف لتسويق كلا الغازين".
وتشهد فرنسا أيضًا تقدمًا ملحوظًا، حيث أصدرت حكومتها العديد من تراخيص الاستكشاف، التي تغطي مناطق من جبال البرانس إلى لورين في الشمال الشرقي، وكذلك شركات في الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، بحسب ما جاء في تقرير "ذا تيليغراف".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: