توجسٌ كبير خيّم على الأوساط الدبلوماسية الدولية والأطراف المعنية بنزاع الصحراء المغربية، ليلة البارحة، تزامنا مع الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، والتي استعرض خلالها المسؤولان الأمميان ستيفان دي ميستورا وألكسندر ايفانكو آخر تطورات النزاع الإقليمي المفتعل.
في هذا الصدد، أفادت مصادر أممية بأن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، دعا خلال تقديم إحاطته حول مستجدات النزاع إلى استثمار ما وصفه بـ”الزخم الإيجابي” الذي يشهده الملف في الظرفية الراهنة للدفع قدما بالعملية السياسية وإحياء الدينامية التي رسمتها الأمم المتحدة منذ اعتماد مسلسل الموائد المستديرة.
وبحسب المصادر التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن ستيفان دي ميستورا أكد أن الأشهر الثلاثة المقبلة تمثل “فرصة مواتية لإحداث تهدئة إقليمية ووضع خارطة طريق متجددة نحو حل النزاع حول الصحراء”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن “الدينامية الدبلوماسية الأخيرة، خاصة المتعلقة بزيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر في 6 أبريل الجاري، ساهمت بشكل كبير في تبديد بعض مظاهر التوتر التي رافقت التصريحات الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة المغربية”، مضيفا أن “هذه الزيارة التي تزامنت مع تواجده في العاصمة الجزائر، لعبت دورا محوريا في تخفيف حدة الأجواء وفتح قنوات للحوار بين كافة الأطراف”.
ووفق ما نقلته مصادر هسبريس، فقد دعا المبعوث الأممي أعضاء مجلس الأمن إلى الانخراط في سياسته القائمة على “خيار التكتم” التي ينتهجها منذ توليه دور الوساطة، مشددا على أن “الحفاظ على سرية المشاورات أمر ضروري لضمان استمرار المسار السياسي بعيدا عن الضغوط الإعلامية أو محاولات التشويش”.
وفي حديثه عن جولة المشاورات التي قادها مع مختلف الأطراف المعنية قبل أيام، أكد دي ميستورا أن “الزيارة شكلت أرضية جديدة تروم تمهيد الطريق نحو العودة إلى طاولة المفاوضات”، لافتا إلى أن “جميع الفاعلين المعنيين أبدوا استعدادهم الكامل لتسهيل مهمة الوساطة الأممية، مع تأكيدهم التام على ضرورة التقدم في اتجاه تسوية سياسية متوافق عليها، تُفضي إلى الإنهاء الفعلي للنزاع حول الصحراء”.
وفي السياق ذاته، استمع أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى إحاطة ميدانية قدمها ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة “المينورسو”، أكد خلالها استمرار رفض جبهة “البوليساريو” دعوات وقف الأعمال العدائية، مقابل “التزام القوات المسلحة الملكية المغربية بضبط النفس”، رغم المناوشات المتكررة على الأرض.
وأوضح المسؤول الأممي خلال الجلسة المغلقة أن جبهة البوليساريو رغم إعلانها الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار، “تبقى غير قادرة على إحداث تأثيرات عسكرية ذات جدوى”، مشيدا في الوقت ذاته بـ”التعاون الوثيق الذي تبديه القوات المغربية مع البعثة الأممية على مختلف المستويات”.
كما تناولت إحاطة ألكسندر إيفانكو مشروع الطريق المغربي الذي يربط مدينة السمارة بمنطقة أمغالا، بالقرب من الحدود مع موريتانيا، الذي يمتد على مسافة 93 كيلومترا بعرض 6 أمتار، موردا أن “بعثة المينورسو تتابع المشروع عن كثب في إطار مهامها الاستطلاعية”.
وبخصوص العراقيل التقنية، عبّر رئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو، عن قلقه البالغ إزاء الأزمة المالية التي تواجهها البعثة نتيجة تأخر بعض الدول في الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه منظمة الأمم المتحدة، مبرزا أن “هذا التأخر فرض على القيادة اتخاذ تدابير تقشفية صارمة أثرت بشكل ملحوظ على قدرات البعثة؛ إذ تم تقليص الدوريات البرية بشكل كبير، وإلغاء الطلعات الجوية، إلى جانب تأجيل استبدال المراقبين العسكريين المنتهية ولايتهم”.
حري بالذكر أن الأشهر الثلاثة التي حددها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بشأن إحداث تهدئة إقليمية ووضع خارطة طريق لطي النزاع المفتعل، تتماهى والتصريحات التي أدلى بها السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، والتي أكد خلالها أن “الولايات المتحدة عازمة على إغلاق ملف الصحراء المغربية”، معربا عن أمله في أن “يتم الاحتفال بنهاية هذا النزاع خلال الذكرى الـ 50 للمسيرة الخضراء”.