كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن جهود إسرائيلية للضغط على الولايات المتحدة لإقناع دول مثل ليبيا وإثيوبيا وإندونيسيا باستقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة، في إطار خطة مثيرة للجدل تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في القطاع.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية أمريكية وإسرائيلية، التقى رئيس جهاز الموساد، دافيد برنياع، بمسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لمناقشة هذا المقترح.
زعمت إسرائيل أن النقل سيكون "طوعيًا" لتوفير "فرص حياة أفضل" للفلسطينيين، لكن الخطة أثارت مخاوف قانونية وإنسانية، حيث حذر خبراء في القانون الدولي، في تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش"، من أن نقل السكان في ظل الصراع المستمر قد يُصنف كـ"تهجير قسري"، وهو ما يُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب.
الخطة الإسرائيلية واجهت معارضة قوية من دول عربية، خاصة مصر والأردن، اللتان رفضتا بشكل قاطع أي مقترحات لتهجير الفلسطينيين من غزة.
وفي فبراير 2025، أصدر وزراء خارجية خمس دول عربية (السعودية، الإمارات، قطر، مصر، والأردن)، بالإضافة إلى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، بيانًا مشتركًا، نقلته وكالة "رويترز"، أكدوا فيه رفضهم لأي خطط تهجير، مشددين على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم بمشاركة سكانها وبدعم دولي يحترم حقهم في البقاء على أرضهم.
كما أعلنت مصر عن استضافة مؤتمر دولي بالتعاون مع الأمم المتحدة في أغسطس 2025 لجمع تمويل لإعادة إعمار القطاع، مع التركيز على إبقاء السكان في أماكنهم.
في سياق المحادثات، اقترحت إسرائيل أن تقدم الولايات المتحدة حوافز مالية وسياسية للدول المستقبلة، مثل دعم اقتصادي لليبيا، التي تعاني من عدم استقرار سياسي، أو مساعدات تنموية لإثيوبيا وإندونيسيا.
لكن هذه الدول أبدت تحفظات، حيث أفاد تقرير نشرته "بلومبرح" أن ليبيا، على وجه الخصوص، رفضت المقترح رسميًا، مشيرة إلى أن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين سيفاقم التحديات الداخلية في البلاد، بما في ذلك الصراعات القبلية والاقتصادية.
كما أعربت إندونيسيا، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة وداعمة تاريخيًا للقضية الفلسطينية، عن قلقها من أن قبول الخطة قد يُنظر إليه كدعم ضمني للسياسات الإسرائيلية، مما قد يثير احتجاجات شعبية داخلية.
ردود الفعل الدولية على هذه الخطة كانت حادة، حيث أشار تقرير لـ"الجارديان" إلى أن الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، دعت إلى التحقيق في المقترح الإسرائيلي، معتبرة أنه قد ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
وأكد ممثل الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أي نقل للفلسطينيين يجب أن يكون طوعيًا بالكامل ويتم بموافقة صريحة من الأفراد، مع ضمان حقهم في العودة.
في الوقت نفسه، واجهت إدارة ترامب ضغوطًا داخلية من أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، مثل السيناتور بيرني ساندرز، الذين حذروا من أن دعم الولايات المتحدة لهذه الخطة قد يُنظر إليه كتأييد لسياسات التهجير، مما قد يؤثر على مصداقية واشنطن في المنطقة.
هذا المقترح يعكس تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تواجه غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة.
ومع استمرار المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة، يظل مصير هذه الخطة غامضًا، خاصة في ظل المعارضة القوية من الدول العربية والمجتمع الدولي.
ويشير المحللون إلى أن نجاح هذه الخطة يعتمد على مدى استعداد الدول المقترحة لقبول الحوافز الأمريكية، لكن الرفض الشعبي والسياسي في هذه الدول يجعل التنفيذ تحديًا كبيرًا.