أزمة دبلوماسية جديدة بين البرازيل وأمريكا بسبب إلغاء تأشيرات قضاة المحكمة العليا

رئيس البرازيل يصف قرار واشنطن بإلغاء تأشيرات قضاة برازيليين بـ"الإجراء التعسفي"

لولا دي سيلفا - الرئيس البرازيلي

وصف الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، السبت، قرار الولايات المتحدة بإلغاء تأشيرات دخول عدد من قضاة المحكمة العليا في بلاده بأنه "إجراء تعسفي بلا أساس"، في خطوة تزيد من التوتر الدبلوماسي بين البلدين وسط أزمة سياسية متصاعدة مرتبطة بمحاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو.

وقال لولا في بيان رسمي نقلته شبكة "CNN" الأمريكية: "أعبر عن تضامني الكامل ودعمي لقضاة المحكمة الفيدرالية العليا الذين استهدفهم هذا القرار التعسفي وغير المبرر من الحكومة الأمريكية"، مؤكداً أن التدخل في نظام العدالة لدولة أخرى يمثل "انتهاكًا صارخًا لمبادئ احترام السيادة بين الدول".

وجاءت تصريحات لولا عقب إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الجمعة، عن إلغاء تأشيرات دخول القاضي بالمحكمة العليا البرازيلية ألكسندر دي مورايس وعدد من حلفائه وأفراد أسرهم، بدعوى قيامهم بحملة "اضطهاد سياسي" ضد الرئيس السابق بولسونارو، على خلفية اتهامات للأخير بالتواطؤ مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب للتدخل في الشؤون الداخلية البرازيلية.

وأوضح الرئيس البرازيلي في بيانه أن أي نوع من التهديد أو محاولات الترهيب، مهما كان مصدرها، لن ينال من عزم السلطات البرازيلية ومؤسساتها في الدفاع عن دولة القانون الديمقراطية والحفاظ عليها، مؤكداً أن استقلال القضاء واحترام سيادة القانون يمثلان أساس استقرار الدولة وحماية مكتسبات الشعب البرازيلي.

وكانت صحيفة "أو جلوبيو" البرازيلية قد كشفت عن أن واشنطن تخطط لسحب التأشيرات من 7 قضاة آخرين في المحكمة العليا، إلى جانب القاضي دي مورايس، وهو ما يعني أن القضاة الذين ستظل تأشيراتهم سارية هم فقط أندريه ميندونكا ونونس ماركيز، اللذان عينهما بولسونارو، إضافة إلى القاضي لويز فوكس.

وفي منشور له على منصة "إكس"، أكد روبيو أن الإدارة الأمريكية "ستحاسب أي مواطن أجنبي يشارك في فرض رقابة على حرية التعبير المحمية بموجب القانون الأمريكي"، متهماً القاضي دي مورايس بقيادة حملة قمعية ضد بولسونارو تحولت إلى "منظومة قمعية شاملة تنتهك الحقوق الأساسية للبرازيليين وتمتد خارج حدود البرازيل لتطال مواطنين أمريكيين".

وبحسب بيان روبيو، فقد تم إصدار أوامر بإلغاء تأشيرات دخول القاضي دي مورايس وعدد من حلفائه وأفراد أسرهم بشكل فوري، في خطوة أثارت انتقادات حادة من لولا دا سيلفا الذي أكد أن هذه الإجراءات تهدد بمزيد من التوتر بين واشنطن وبرازيليا.

وتأتي هذه التطورات بعد أسبوع من رسالة وجهها ترمب إلى لولا، انتقد فيها محاكمة بولسونارو واصفًا إياها بـ"مطاردة سياسية يجب أن تتوقف فوراً"، مهدداً بفرض رسوم جمركية مرتفعة على البرازيل، ومعتبراً أن طريقة تعامل القضاء البرازيلي مع بولسونارو تمثل "فضيحة دولية".

وكانت المحكمة العليا في البرازيل قد أصدرت، الجمعة، أوامر تفتيش ومذكرات تقييد بحق بولسونارو تمنعه من الاتصال بمسؤولين أجانب، على خلفية اتهامات بالتواطؤ مع ترمب للتدخل في عمل القضاء البرازيلي، معتبرة أن طلبه تدخل رئيس دولة أجنبية في شؤون القضاء يعد "اعتداءً على السيادة الوطنية".

كما قامت الشرطة الفيدرالية البرازيلية بمداهمة منزل بولسونارو وأمرت بوضع جهاز مراقبة في كاحله، في تصعيد قضائي زاد من الضغوط القانونية عليه، بينما يحاول ترمب تخفيف هذه الضغوط عبر التهديد بفرض رسوم جمركية جديدة على السلع البرازيلية.

وتشير هذه الإجراءات إلى احتمال أن تأتي سياسة ترمب تجاه البرازيل بنتائج عكسية، حيث قد تؤدي إلى تعزيز التأييد الشعبي لحكومة لولا اليسارية، في مواجهة ما يراه الكثيرون "تدخلاً غير مقبول" في السيادة الوطنية البرازيلية.