فتح متتبعون للشأن المحلي بمدينة خريبكة، خلال الآونة الأخيرة، نقاشًا حول الوضعية التي يعيشها سوق السمك الكائن وسط المدينة، مشيرين إلى ما وصفوه بـ”تراجع ملحوظ في مستوى النظافة، وتدهور البنية التحتية للمرفق”، إضافة إلى “مشاكل تنظيمية تؤثر سلبًا على نشاط المهنيين، بفعل بعض الممارسات التي تعيق سير العمل بشكل طبيعي”.
الفوضى تبعد الزبائن
رشيدة، واحدة من الزبونات المعتادات سابقًا على التردد على سوق السمك بخريبكة، قالت إنها أصبحت تتفادى التوجه إليه مؤخرًا بسبب ما وصفته بـ”سوء التنظيم وتدهور الظروف داخل السوق”، مشيرة إلى أن “أرضية المرفق مغمورة بالمياه الملوثة الناتجة عن غسل الأسماك وتكدّس الصناديق، ما يؤدي إلى اتساخ الملابس عند المرور وسط الممرات الضيقة”.
وأوضحت المتحدثة لهسبريس أنها لم تعد تشعر بالراحة أثناء التبضع، مضيفة: “الفوضى منتشرة والكلام النابي يُسمع من بعض الباعة، وهناك تصرفات غير لائقة تؤثر سلبًا على الزبائن، دون أن أعمّم ذلك على الجميع، فهناك باعة محترمون ومهنيون منذ سنوات”.
وتابعت قائلة: “في السابق، كنا نثق في التجار المعروفين داخل السوق ونقتني منهم حاجياتها دون تردّد أو شك. أما اليوم، فقد أصبح الفضاء مختلطًا بين الوجوه القديمة التي كنا نعرفها وأشخاص جدد لا نعلم مصدر بضاعتهم ولا نرتاح لطريقة تعاملهم”.
مشاكل سوق السمك
عزيز تياماني، بائع بسوق السمك بخريبكة، قال إن “السوق يعرف وضعًا كارثيًا بسبب غياب شروط النظافة وتعطل ثلاجات التبريد، التي يُقال إنها توقفت عن العمل بفعل فاعل”، موضحا أن “الروائح الكريهة باتت تخنق المكان في ظل غياب المراقبة وسيادة الفوضى”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “عددا من الغرباء والبلطجية، الذين لا تربطهم أي علاقة بالمهنة، يسيطرون على بعض أماكن عرض السمك، ويفرضون وجودهم بالقوة”، مضيفا أن “السوق مفتوح في وجه الجميع، والسمك يُعرض في ظروف غير صحية، حتى الأشخاص الذين لا يتوفرون على ترخيص صاروا يبيعون السمك”.
وأشار تياماني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “الوضع الكارثي يشجع البعض على بيع السمك بطريقة عشوائية دون مراقبة”، مشددا على أن “كمية من السلع المعروضة تكون فاسدة في بعض الأحيان، وتُباع دون أن تُتخذ أي إجراءات رادعة”.
وأضاف عزيز تياماني أن “سوق السمك الذي يُفترض أن يُغلق على الساعة الرابعة عصرا، يظل مفتوحًا خارج هذا التوقيت بساعات، ويتحول إلى فضاء للفوضى، حيث يواصل عدد من الأشخاص أنشطتهم في غياب تام لأي تدخل من الجهات المعنية”.
وتابع قائلا: “العربات التي حصل عليها عدد من الأشخاص في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من المفروض أن تتجوّل في الأحياء البعيدة والقرى، لكن في الواقع نرى أن تلك العربات أصبحت قارة في أماكن محددة للتضييق على نشاط سوق السمك”.
ونبّه المتحدث إلى أن “الأسماك القادمة من الدار البيضاء من المفروض أن تصل كاملة إلى سوق السمك، وبعد ذلك يمكن توزيعها على باقي النقط القانونية للبيع بخريبكة والنواحي، عوض ما يتم في الوقت الراهن، حيث تُوزّع كميات كبيرة من السمك على العربات في الطريق السيار ومداخل المدينة وهوامش الأحياء”.
وانتقد تياماني الجمعية التي تتولى تنظيم السوق، مشيرا إلى أنها “لم تقم بأي تحرّك جدّي طيلة سبع سنوات”، وأضاف: “هناك أشخاص لا يملكون محلات ورغم ذلك يتحكمون في السوق ويبيعون السمك بالطرق التي تناسبهم، وكأن الغاية هي الربح فقط وليس التنظيم”.
وختم عزيز تياماني تصريحه بالقول: “نريد أن يكون بيع السمك في ظروف سليمة، وأن يسود الاحترام والهيبة؛ لأن ما يقع اليوم إساءة لتاريخ المدينة وكرامة المواطنين، ونتمنى من المسؤولين أن يتحركوا لتحسين صورة المرفق الذي يستقطب مواطنين مغاربة وأجانب”.
البحث عن البديل
أمين فدني، رئيس لجنة الاستثمار والمرافق العمومية والخدمات بالمجلس الجماعي لخريبكة، قال إن “سوق السمك يقع وسط المدينة في موقع غير ملائم من حيث البنية التحتية، ويُحدث مجموعة من الإشكالات لدى السكان المجاورين، أبرزها الروائح الكريهة، وانعدام النظافة، والاكتظاظ، إضافة إلى عرقلة السير في المنطقة، خاصة في أيام الثلاثاء والخميس والسبت”.
وأوضح فدني أن “المجلس الجماعي تلقى شكايات من سكان الأحياء المجاورة بسبب المعاناة اليومية الناتجة عن وجود السوق في هذا المكان”، مبرزا أن “أصواتا كثيرة طالبت بنقل السوق إلى موقع أكثر ملاءمة يراعي شروط السلامة الصحية والبيئية ويحترم كرامة المواطنين”.
وأشار المتحدث لهسبريس إلى أن “المجلس ناقش الموضوع في عدد من الدورات، وتم التفكير جديًا في إحداث سوق نموذجي بديل مجهز يضمن التهوية والتنظيم، ويحترم شروط النظافة، ويوفر فضاء مناسبًا لممارسة المهنة وفق المعايير العصرية”.
وأضاف المسؤول الجماعي أن “الاقتراح تضمن أيضا تحويل المقر الحالي لسوق السمك إلى فضاء تجاري خاص بالفواكه الجافة، في إطار تصور شمولي لتحسين جمالية المدينة وتطوير النشاط الاقتصادي بها، خصوصا ما يتعلق بخلق فرص الشغل للشباب والرفع من مداخيل الجماعة”.
وتابع رئيس لجنة الاستثمار والمرافق العمومية والخدمات قائلا: “فكرنا في عدد من الفضاءات البديلة التي تستجيب للمعايير المطلوبة، بينها مكان سوق السيارات المستعملة، لكن ليس هناك أي قرارات رسمية حول المكان الذي سيتم فيه إنشاء السوق الجديد إلى حدود الساعة”، مشددا على أن “الهدف الأسمى الذي تعمل المصالح المعنية على تحقيقه هو الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وضمان راحتهم”.