في قلب الشرق الأوسط، تنهض مصر بطموح لا يعرف الحدود، تسعى من خلاله لتغيير قواعد اللعبة في صناعة السيارات، لتصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا ينبض بالابتكار والإنتاج.
والبرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات (AIDP)، الذي أطلقته الحكومة المصرية في يونيو 2022، يمثل نقطة تحول تاريخية، حيث يعكس رؤية طموحة لتوطين هذه الصناعة الاستراتيجية، وتعزيز مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط.
ومع خطط طموحة للوصول إلى إنتاج 260 ألف سيارة سنويًا بحلول 2026، تتحرك مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق حلم السيارة المصرية التي تحمل شعار "صنع في مصر".
استراتيجية وطنية لتحقيق الريادة
وتأتي الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة السيارات “البرنامج الوطني للسيارات” في إطار رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى تعزيز التنمية الصناعية والاقتصادية المستدامة.
ووفقًا لتقارير رسمية، تسعى مصر إلى تقليل الاعتماد على الواردات، التي تستنزف العملة الصعبة، وزيادة المكون المحلي في السيارات إلى أكثر من 45%، مع التركيز على تصدير المنتجات إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، مثل دول الاتحاد الأوروبي وتجمع "الكوميسا".
وهذا الطموح يتجسد في إعادة إحياء شركة النصر للسيارات، التي عادت إلى العمل في نوفمبر 2024 بعد توقف دام 15 عامًا، لتصبح رمزًا للصناعة الوطنية وجسرًا للتعاون مع كبرى الشركات العالمية.
إنجازات ملموسة واستثمارات ضخمة
وشهدت السنوات الأخيرة نهضة غير مسبوقة في قطاع السيارات المصري، حيث ساهمت الشراكات مع شركات عالمية مثل "جيلي" الصينية و"بروتون" الماليزية و"إم جي" في تعزيز القدرات الإنتاجية.
وعلى سبيل المثال، افتتح مصنع "جيلي" في يناير 2025 باستثمارات بلغت 100 مليون دولار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف سيارة سنويًا، ونسبة مكون محلي تزيد عن 45%.
كما أعلنت شركة "عز العرب – السويدي" عن إطلاق مصنع لإنتاج سيارات "بروتون" باستثمارات 50 مليون دولار، وطاقة إنتاجية تصل إلى 40 ألف سيارة سنويًا، مع خطط للتوسع إلى 80 ألف سيارة بحلول 2026.
وتشمل الإنجازات أيضًا مشروعات الصناعات المغذية، مثل مصنع "سوميتومو" في مدينة العاشر من رمضان، الذي يعد الأكبر عالميًا لإنتاج الضفائر الكهربائية، ويوفر 10 آلاف فرصة عمل، ومصنع "بروميتون للإطارات" الذي يصدر 70% من إنتاجه البالغ 1.1 مليون إطار سنويًا.
وهذه المشروعات لا تعزز الإنتاج المحلي فحسب، بل تدعم الصادرات وتخلق فرص عمل جديدة، مما يعزز الاقتصاد الوطني.
مستقبل السيارات الكهربائية في مصر
ومع تزايد التوجه العالمي نحو الاستدامة، تضع مصر السيارات الكهربائية في صدارة أولوياتها، حيث أطلقت الحكومة برامج تحفيزية تشمل إعفاءات ضريبية وحوافز لجذب الشركات العالمية لتصنيع السيارات الكهربائية.
ومن الأمثلة البارزة، مشروع تصنيع أول ميني باص كهربائي يتسع لـ24 راكبًا، بطاقة إنتاجية 300 أتوبيس سنويًا، إلى جانب إنشاء خط إنتاج بطاريات كهربائية بقدرة 600 بطارية بحلول 2026.
كما أعلنت شركة "بايك" الصينية عن إنشاء مصنع باستثمارات 300 مليون دولار لإنتاج 20 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول نهاية 2025.
وعلى الرغم من التقدم المحرز، تواجه مصر تحديات مثل المنافسة الإقليمية، خاصة مع دول مثل المغرب التي تفوقت بإنتاج سيارة كل دقيقة بفضل استثماراتها المبكرة، ومع ذلك، فإن استقرار أسعار الصرف وتحسين السيولة الدولارية، إلى جانب الاستراتيجيات الحكومية، يعززان من فرص مصر في تحقيق طفرة صناعية.
وتوقعات مؤسسة "فيتش سوليوشنز" تشير إلى تحسن قطاع السيارات في مصر خلال 2025، مدعومًا بالمبادرات الحكومية وتحسين مناخ الاستثمار.
مستقبل واعد
ومع استثمارات مرتقبة بقيمة 630 مليون دولار من شركات مثل "نيسان" و"جاك" و"المنصور"، وخطط لتجميع سبع علامات تجارية صينية بحلول 2026، تتجه مصر نحو تحقيق هدفها بإنتاج نصف مليون سيارة سنويًا.
وهذه الجهود لا تعكس طموحًا اقتصاديًا فحسب، بل رؤية شاملة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي واتفاقيات التجارة الحرة.
والبرنامج الوطني للسيارات ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل قصة نجاح وطنية تعكس إصرار مصر على استعادة مكانتها في عالم الصناعة، لتكون لاعبًا رئيسيًا في سوق السيارات العالمي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
