من العاصمة الرباط، وفي خطوة تُعبّر عن رؤية سياسية متعقّلة، جدّد حزب “أومكونتو ويسيزوي”، المعارض في جنوب إفريقيا، على لسان زعيمه والرئيس السابق لهذا البلد، جاكوب زوما، دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدّمت به الرباط لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء تحت السيادة المغربية، داعيا المنتظم الدولي إلى دعم هذه المقاربة الواقعية.
وقال جاكوب زوما، خلال مؤتمر صحافي أعقب محادثات أجراها مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، اليوم الأربعاء، إن الحزب، الذي يتزعّمه، يناقش بشكل دائم القضايا المصيرية في إفريقيا انطلاقا من إيمانه الراسخ بأن القارة الإفريقية يجب أن تمضي قدما لتحقيق ذاتها.
وشدّد على الحاجة إلى بناء إفريقيا موحّدة ومستقرة من خلال تقويم مجموعة من الأمور التي “لم تكن على المسار الصحيح”، بتعبيره، في إشارة إلى موقف الحزب الحاكم في بلاده من قضية الصحراء.
وفي بيان تلاه باسم الحزب وزعيمه، قال ماغاساما مزوبي، رئيس لجنة العلاقات الدولية لحزب “أومكونتو ويسيزوي” المعارض، إن “العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا علاقات تاريخية بدأت منذ سنوات النضال ضد نظام الفصل العنصري في البلاد”.
وأشار مزوبي إلى أن الرئيس الراحل نيلسون مانديلا تلقى تدريبات وتكوينات في مدينة وجدة المغربية، كما تلقى دعما ماليا وعسكريا من المغاربة تم نقله إلى حركة التحرير في جنوب إفريقيا.
وحول قضية الوحدة الترابية للمملكة، شدّد المسؤول الحزبي ذاته على أن حزب “أومكونتو ويسيزوي” يدعم تبنّي الحلول السلمية لمختلف النزاعات الإقليمية، وأن تكون العلاقات بين الدول الإفريقية نموذجية.
وأضاف أنه “في هذا الصدد، وأخذا بعين الاعتبار التحولات الجيوسياسية العالمية، فإن الحزب ملتزم بالدفاع عن وحدة وسيادة الدول الإفريقية”.
وتابع رئيس لجنة العلاقات الدولية لحزب “أومكونتو ويسيزوي” أن “الحزب يعتبر أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدّم به المغرب لتسوية النزاع حول الصحراء هو الحل الوحيد الذي سيكفل لساكنة هذه المنطقة تسيير شؤونها بنفسها مع الحفاظ على وحدة المغرب واستقرار المنطقة ككل”، مبرزا أن الحزب ملتزم بهذا التوجّه، داعيا في الوقت ذاته المنتظم الدولي إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربي لإيجاد تسوية نهائية لهذا النزاع.
وبهذا التحوّل، لا يكتفي “حزب زوما” فقط بتحدّي الطرح الجامد الذي يتمسّك به الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا من خلال دعمه غير المشروط للمشروع الانفصالي في الصحراء، وإنما يعيد أيضا توجيه بوصلة النقاش السياسي الداخلي حول توجّهات “حزب رامافوزا” التي ساهمت في تقييد مستقبل البلاد ودورها الإقليمي، إلى جانب التضحية بمصالح الجنوب إفريقيين لصالح دعم المشاريع الانفصالية في القارة السمراء.
وكان حزب “أومكونتو ويسيزوي” المعارض قد أعرب، في وثيقة سياسية صادرة عنه منذ أسابيع، عن تأييده لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، معبّرا بذلك عن موقف متقدّم مقارنة بمواقف الحزب الحاكم، الذي اتهم الرئيس السابق للبلاد بالثورة على ما سُمي بـ”المبادئ التي تدافع عنها البلاد”، حيث حوّل الحزب الحاكم في بريتوريا قضية دعم الانفصاليين في تندوف إلى ثابت من ثوابت السياسة الخارجية لجنوب إفريقيا، رغم رفض العديد من النخب لهذا التوجّه.
وتوقّع مهتمون بالشأن السياسي، تحدّثوا لهسبريس في وقت سابق، أن يُحدث موقف “حزب زوما”، الذي ينضاف إلى موقف مشابه لأوبيد أوبيلا، عضو اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الإفريقي سابقا، تصدّعا داخل دواليب صُنّاع القرار في جنوب إفريقيا، الذين باتوا منقسمين بشأن سياسة الحزب الحاكم تجاه ملف الصحراء وملفات أخرى، خاصة في ظل نجاح المغرب في اختراق النسيج الحزبي الجنوب إفريقي، الذي باتت أغلب مكوناته تدعم المقاربة المغربية لحل النزاع وتنادي بتعزيز التعاون والعلاقات مع الرباط.