كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أن ستة أطفال فلسطينيين استُشهدوا في غارة إسرائيلية زعمت تل أبيب بأنها "الخطأ التقني"، أثناء استهداف مزعوم لأحد المسلحين في مخيم النصيرات للاجئين.
ووفقًا لشهود عيان، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية صاروخًا على حشد من المدنيين كانوا ينتظرون تعبئة جراكن المياه من صهريج متنقل، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم الأطفال الستة، وإصابة 16 آخرين.
وتم نقل المصابين إلى مستشفى الأودة باستخدام شاحنات بدائية وعربات تجرها الحمير، في ظل انهيار منظومة الإسعاف بفعل الحصار ونقص الوقود. وزعم جيش الاحتلال أن الصاروخ انحرف عن مساره، معبرًا عن "الأسف لإصابة مدنيين"، دون تقديم ضمانات لعدم تكرار الحادثة.
استهداف متواصل للمدنيين والمنشآت الطبية
في ضربة جوية أخرى بمدينة غزة، قُتل 11 شخصًا وأُصيب نحو 30، بينهم جراح بارز هو الدكتور أحمد قنديل، أثناء توجهه للعمل في مستشفى المعمداني.
كما سقط تسعة قتلى، بينهم نساء وأطفال، في بلدة الزوايدة وسط القطاع. وبينما أعلن جيش الاحتلال تنفيذ ضربات على أكثر من 150 هدفًا خلال 24 ساعة، نفى علمه بتفاصيل قصف منزل الزوايدة، ما أثار استياء السكان واتهامات بتعمّد استهداف الأحياء المدنية.
الضفة الغربية تشتعل
امتد التصعيد إلى الضفة الغربية، حيث شيّعت بلدة المزروعة الشرقية جثمان الشاب الفلسطيني الأمريكي سيف الله مسلط (20 عامًا)، الذي قُتل على يد مستوطنين إسرائيليين.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن مسلط، القادم من ولاية فلوريدا، تعرض للضرب المبرح إلى جانب سيف الدين مسلط (23 عامًا)، فيما أُصيب محمد الشلبي برصاصة في الصدر.
وطالبت عائلة القتيل وزارة الخارجية الأمريكية بفتح تحقيق، بينما اعتبر الجيش الإسرائيلي أن الاشتباكات جاءت بعد رشق حجارة على مستوطنين. لكن منظمات حقوقية كـ"هيومن رايتس ووتش" اتهمت الجيش بغض الطرف عن عنف المستوطنين.
في ظل حرب مدمرة مستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، يتجاوز عدد الشهداء في قطاع غزة 58 ألفًا، بحسب وزارة الصحة في غزة، التي لا تميّز بين المدنيين والمقاتلين، بينما تزعم إسرائيل أنها قتلت أكثر من 21 ألف مسلح.
وتعثر وقف إطلاق النار بسبب إصرار إسرائيل على الإبقاء على وجود عسكري داخل غزة، وهو شرط ترفضه حماس، مما يعقّد فرص إطلاق سراح الرهائن، الذين يُعتقد أن نصفهم فقط على قيد الحياة.
في مشهد يومي متكرر، أصبحت نقاط توزيع المياه والغذاء في غزة بمثابة "مصائد موت"، إذ تتعرض للقصف أثناء تجمع المدنيين. حادثة النصيرات مثال مأساوي على ذلك، حيث تحوّلت محطة مياه متنقلة إلى ساحة مجزرة.
ونتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر ونفاد الوقود، تعطلت سيارات الإسعاف، ما دفع السكان إلى استخدام عربات الحمير لنقل الجرحى، في انتكاسة إنسانية كبرى.
كما تعرضت مراكز توزيع المساعدات للقصف أو التفتيش، وسط اتهامات متكررة من إسرائيل بأن حماس تستخدمها لأغراض عسكرية، وهي اتهامات تنفيها منظمات الإغاثة الدولية.
مستقبل غامض
رغم محادثات جرت الأسبوع الماضي في واشنطن بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الهوة لا تزال واسعة بين الطرفين بشأن شروط الهدنة. إسرائيل تصر على البقاء العسكري في غزة، وحماس ترفض ذلك رفضًا قاطعًا.
في الأثناء، يرزح سكان القطاع تحت ظروف غير إنسانية، حيث شُرِّد ثلثا السكان، ودُمرت البنية التحتية، وتحولت الحياة اليومية إلى صراع من أجل البقاء وسط "مصائد الموت" التي باتت تحاصرهم من كل اتجاه.