01:34 م - الثلاثاء 15 يوليو 2025
شهد الاقتصاد الصيني تباطؤًا طفيفًا في وتيرة النمو خلال الربع الثاني من عام 2025، حيث سجّل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 5.2% مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. ورغم استمرار تصاعد التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، لا سيما مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض رسوم جمركية على الصين وشركاء تجاريين آخرين، حافظت ثاني أكبر اقتصادات العالم على وتيرة نمو قوية نسبياً، مدعومة باستقرار الإنتاج الصناعي وقوة الصادرات.
ويُمثل هذا الأداء تراجعًا طفيفًا مقارنة بمعدل النمو البالغ 5.4% المُسجّل في الربع الأول من العام، إلا أنه لا يزال متماشيًا مع توقعات المحللين، ما يعكس قدرة الاقتصاد الصيني على التكيف في ظل بيئة خارجية مليئة بالتحديات.
على أساس ربع سنوي، نما الاقتصاد بنسبة 1.1%، في حين بلغ متوسط النمو السنوي خلال النصف الأول من 2025 نحو 5.3%. وتُظهر هذه الأرقام مرونة نسبية في الاقتصاد، رغم إشارات الضعف التي بدأت تظهر في قطاعات الاستهلاك المحلي.
وقد جاءت مبيعات التجزئة أقل من التوقعات، إذ ارتفعت بنسبة 4.8% فقط مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 5.3%. ويشير ذلك إلى أن السياسات التحفيزية التي أُطلقت بهدف تعزيز الإنفاق المحلي لم تحقق الأثر المرجو حتى الآن. في المقابل، أظهر الإنتاج الصناعي أداءً أقوى من المتوقع، مسجلًا نموًا بنسبة 6.8% مقارنة بتقديرات بلغت 5.6%، مما يعكس استمرار الاعتماد على النشاط التصنيعي كمحرك رئيسي للنمو.
بيئة خارجية مضطربة وتحديات تجارية مستمرة في سياق التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، تواصل القيادة الصينية التعامل مع تحديات متعددة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. وتشكّل الرسوم الجمركية الأميركية تهديدًا مباشرًا للصادرات الصينية، خاصة في وقتٍ يتزايد فيه اعتماد بكين على الأسواق الخارجية لدفع النمو. ورغم توصل الصين والولايات المتحدة إلى إطار اتفاق تجاري أولي خلال محادثات سابقة في لندن، لا تزال حالة عدم اليقين تهيمن على المشهد الاقتصادي العالمي.
وقد عاد ترامب لتصعيد الضغط عبر التهديد بفرض رسوم قد تصل إلى 100% على الدول التي تواصل دعم روسيا اقتصاديًا، في إشارة مباشرة إلى الصين كونها أحد أبرز شركاء موسكو التجاريين. ويبدو أن هذه السياسات تُنذر بمزيد من التحديات أمام التجارة العالمية، وتدفع بالصين نحو إعادة تقييم استراتيجياتها الاقتصادية.
بوادر تعافي في قطاع التجارة الخارجية رغم التوترات، أظهرت بيانات الجمارك ارتفاعًا ملحوظًا في الصادرات بنسبة 5.8% خلال يونيو، متجاوزة التوقعات، ما يعكس استفادة الصين من الهدنة التجارية المؤقتة مع الولايات المتحدة. كذلك، ارتفعت الواردات بنسبة 1.1%، محققة أول نمو لها خلال العام الحالي، وهو ما يعكس استقرارًا نسبيًا في الطلب الداخلي.
ويُبرز هذا الأداء الإيجابي أهمية استمرار الحوار الاقتصادي بين بكين وواشنطن، خاصة مع تأكيد المسؤولين الصينيين على أن التعاون الثنائي يشكّل الخيار الأمثل لتحقيق الاستقرار.
ضغوط داخلية وتحدي الاستهلاك ورغم إشارات التحسّن الخارجي، يُواصل الطلب المحلي أداءه الضعيف، في وقتٍ تظهر فيه مؤشرات التضخم إشارات متواضعة على التعافي. فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بشكل طفيف في يونيو، منهياً سلسلة من الانكماش دامت أربعة أشهر، في حين تراجعت أسعار المنتجين بنسبة 3.6%، وهي أكبر وتيرة انخفاض منذ قرابة عامين.
ويطرح هذا الواقع الاقتصادي تحديًا كبيرًا أمام صناع السياسات في بكين، يتمثل في ضرورة التحول نحو نموذج اقتصادي قائم على تعزيز الاستهلاك المحلي بدلاً من الاعتماد التقليدي على التصنيع والبنية التحتية والصادرات.
وقد شملت التدابير التحفيزية إطلاق برامج لدعم استبدال السلع الاستهلاكية، لكنها لم تنجح بعد في تحفيز إنفاق المستهلكين بالصورة الكافية. ويبدو أن الانتقال نحو نموذج تنموي مستدام يتطلب إصلاحات أعمق وهيكلية، تراعي تغيرات الطلب والسلوك الاستهلاكي المحلي.
على الرغم من تصاعد التوترات التجارية وضبابية المشهد العالمي، استطاع الاقتصاد الصيني أن يحقق نموًا مستقرًا في الربع الثاني من 2025، مدعومًا بأداء قوي في قطاعي التصنيع والتجارة الخارجية. إلا أن استمرار ضعف الاستهلاك المحلي وتراجع أسعار المنتجين يشير إلى هشاشة في الطلب الداخلي، ما يفرض على صناع القرار ضرورة الإسراع في تنفيذ إصلاحات هيكلية وتحفيزات أكثر فعالية لتحقيق التوازن والاستدامة في النمو.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
