أظهر تقرير حديث حلول المغرب في المركز الخامس ضمن قائمة الدول الإفريقية التي حصلت شركاتها الناشئة في تقنية “سلسلة الكتل” (البلوكشين) المستخدمة في تسجيل المعاملات، خاصة بالعملات الرقمية مثل البيتكوين، على تمويلات خلال سنة 2024، فيما عدّ متخصصون مغاربة أن “حصة البلاد التي يكشفها التقرير ضعيفة جدا”.
وكشف تقرير “البلوكشين الإفريقي برسم 2024″، الذي أصدرته شركة “Crypto Valley Venture Capital (CV VC)” السويسرية المتخصصة، بتعاون مع المجموعة البنكية الجنوب إفريقية “Absa”، أن الشركات الناشئة الإفريقية تمكنت من استقطاب تمويلات قيمتها 122.2 مليون دولار، عبر 30 صفقة، خلال سنة 2024.
وبخصوص التوزيع الجغرافي لهذه التمويلات، أفاد التقرير ذاته، تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، بحصول الشركات الناشئة العاملة في “البلوكشين” في المغرب على تمويلات بقيمة 1.5 مليون دولار، ما يمثل 1.2 في المئة من إجمالي التمويلات بالقارة الإفريقية، في السنة الماضية.
وتصدرت سيشل القائمة في هذا الصدد، حيث حصدت شركاتها الناشئة الناشطة في الميدان المذكور تمويلات بقيمة 38.850 مليون دولار، بواقع 31.7 في المئة، متبوعة بجنوب إفريقيا بواقع 22.540 مليون دولار، ما شكّل 18.4 في المئة، ثم كينيا بـ5.990 مليون دولار، أي ما نسبته 4.9 في المئة. فيما حصلت كيانات إفريقية أخرى على تمويلات في ميدان “البلوكشين” بلغت قيمتها 34.720 مليون دولار، أي ما يمثل 28.4 في المئة من المجموع.
واستحضر التقرير “حظر العملات المشفرة في المغرب منذ عام 2017″، مستدركا بالقول: “على الرغم من القيود القانونية، لا تزال هناك سوق سرية قوية للأصول الرقمية”. وزاد: “في حين إن الحكومة لم تتراجع علنا عن موقفها من العملات المشفرة، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن المغرب قد يتحرك نحو نهج أكثر تنظيما”.
وفي نونبر 2024، قال بنك المغرب، يردف التقرير، “إنه يُعد مشروع قانون يهدف إلى تنظيم الأصول المشفرة، مما يشير إلى تحول في موقف البلاد”. وعلى الرغم من عدم اتضاح تفاصيل مشروع القانون هذا بعد، يرى المصدر نفسه، أنه “يعكس اعترافا متزايدا بالدور الذي يمكن أن تلعبه العملات المشفرة في مستقبل المشهد المالي المغربي”.
ضعف التمويل
عدّ بدر بلاج، خبير مالي متخصص في تحليل أسواق العملات الرقمية، أن “حصة المغرب من إجمالي التمويلات التي حصلت عليها الشركات الناشئة الإفريقية العاملة في البلوكشين، ضعيفة جدا ولا تعكس حضوره في مجالات التكنولوجيا، وخاصة في هذه التقنية”، لافتا إلى أن “ميدان العملات المشفّرة تروج فيه أموال ضخمة، وعشرة بيكتوينات فقط تعادل قيمتها مليون دولار، ما يجعله رقما لا يعتد به في هذا الصدد”.
وأضاف بلاج، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا الضعف راجع إلى مشكل الافتقار لإطار قانوني منظم”، موضحا أن “الدعم الذي استفادت منه الشركة المغربية المعنية تم عن طريق رفع استثمار تقليدي من طرف صندوق الاستثمار”، لافتا إلى أن الشركة “أعلنت استخدامها البلوكتشين لنقط الوفاء وليس فيها أي عملات رقمية”، بتعبيره.
ووضّح المتحدّث أن “مشاريع كإثيريوم وإيبيرا تقدم دعما مباشرا للمشاريع يصل إلى 500 ألف دولار أحيانا، شريطة استخدام منصاتها”.
وذكر الخبير المالي المتخصص في تحليل أسواق العملات الرقمية أن “الشركات الناشئة في مجال البلوكشين التي حصلت على هذه التمويلات، غالبا ما تكون خدماتها موجهة لزبائن عالميين وغير مخصصة للمغاربة”.
البنية والخبرات
أكد حسن خرجوج، خبير في التطوير الرقمي والمعلوماتي، أن “المغرب لا يموّل، إلى حدود الآن، رسميا مشاريع البلوكشين؛ بحيث يسجل غياب إطار قانوني للعملات الرقمية المشفرة”، مفيدا بأن “الخبرات المتخصصة في البنية غير موجودة، كما سبق أن نبّه إلى ذلك والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري”.
وشدد خرجوج، ضمن تصريح لهسبريس، على أن “البلوكشين يتطلّب توفر بنية رقمية مشجّعة وعنصر بشري مؤهل يستفيد من تحفيزات مادية تشجّعه على الاستقرار في المغرب”.
ولفت المتحدّث نفسه كذلك إلى “إشكالية غياب صندوق وطني للابتكار”، مبرزا أن “مثل هذا الصندوق يراهن عليه لاحتضان الأفكار الإبداعية في المجال وتعهدها بالتمويل بما يمكن من تحويلها إلى واقع قائم”.